يعني بذلك العلم الكفائي لا الواجب العيني وقال أحمد بن صالح، وسئل: عما جاء في طلب العلم فريضة على كل مسلم؟ فقال أحمد: معناه عندي: إذا قام به قوم سقط عن الباقين، مثل الجهاد. وهذا أيضا في الواجب الكفائي. ومن العلم ما هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة وهو معرفة العبد ربه سبحانه ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم ومعرفة ما يلزمه في يومه وليلته مما افترضه الله عليه كالطهارة والصلاة وكالزكاة إذا كان لديه مال وكالحج إذا كان من أهله وأحكام البيع والشراء إذا كان من أهله حتى لا يقع في معاملة محرمة ونحو ذلك. قال علي بن الحسن بن شقيق، قال: قلت لابن المبارك: ما الذي لا يسع المؤمن من تعليم العلم إلا أن يطلبه؟ وما الذي يجب عليه أن يتعلمه؟ قال: لا يسعه أن يقدم على شيء إلا بعلم، ولا يسعه حتى يسأل. يعني إذا أراد أن يُقدِم على عبادة أو معاملة فعليه أن يتفقه فيها ويسأل عن حكمها حتى يؤديها على الوجه الصحيح. وقال اسحق بن راهوية: طلب العلم واجب ولم يصح فيه الخبر إلا أن معناه أنه يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إن كان له مال وكذلك الحج وغيره قال وما وجب عليه من ذلك لم يستأذن أبويه في الخروج إليه وما كان فضيلة لم يخرج إليه حتى يستأذن أبويه.
وأين هذا الفهم مما تقرر أن العلم إنما ينال بالتعلم فالله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاً ثم فرض علينا طلب العلم حتى نعبده قال ابن مسعود: إن الرجل لا يولد عالما وإنما العلم بالتعلم. وقال أبو الدرداء: العلم بالتعلم وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلمون منه ويأخذون عنه فمن استطاع حضر بنفسه ومن لم يستطع أناب غيره ثم يرجع إليه فيحدثه بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال عمر بن الخطاب: "كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد وهي من عوالي المدينة وكنا نتناوب النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره وإذا نزل فعل مثل ذلك" متفق عليه ثم جلس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس من بعده يعلمونهم ويفقهونهم ولا زال المسلمون على هذا إلى يومنا هذا والحمدلله إلا من ضل سواء السبيل. وإذا كان الصوفية ابتدعوا علم الخرق مقابل علم الورق كما يزعمون فقد ابتدع ورثتهم فقه الحركة مقابل فقه الورقة ويقدمون علم الحركة وفقهها على علم الورق الذي هو العلم الشرعي وغايتهم من ذلك إشغال الشباب بأنشطة الحركة لتحقيق مآربهم الثورية.
العلم يعلم أنه لا يعلم كل شيء وإلا لتوقف.. ولكن مجرد أن العلم لا يعلم كل شيء لا يعني أنه يمكنك ملء الفراغات بما تحبه من الأساطير والحكايات الطفولية. الحق أقول: إن شبابَنا المتعلِّم كسولٌ عن المطالَعة والمطالَعةُ نصف العلم أو ثُلثاه، فأوصيكم يا شباب الخيرِ بإدمان المطالَعة والإكباب عليها، ولتكن مطالَعتُكم بانتظامٍ حرصا على الوقت أن يَضيعَ في غير طائلٍ. لا تمتدح انسانا بالورع حتى تبتليه بالدرهم والدينار ، ولا بالكرم حتى ترى مشاركته في النكبات ولا بالعلم حتى ترى كيف يحل مشكلات المسائل ولا بحسن الخلق حتى تعاشره، ولا بالحلم حتى تغضبه، ولا بالعقل حتى تجربه. خفضت كلّ مقام بالإضافة إذ … نوديت بالرّفع مثل المفرد العلم. هذه العبارات السابقة تتحدث عن العلم وأهميته وعن طلب العلم بالنسبة للفرد والمجتمع والإنسانية، إنها قيمة تعني الحياة نفسها. بواسطة: Yassmin Yassin مقالات ذات صلة
كان للعلم في " عقولهم " هذا المدلول الشامل.. فهو ليس علم الأرض وحدها. وليس علم السماء وحدها. وليس علم النظريات وحدها أو علم التطبيقات. ولكنه ذلك كله، مشمولاً بالعقيدة ومرتبطاً بالله. ومن ثم امتدت " العلوم " في نظرهم حتى شملت المعرفة كلها. فمنها علوم الدين من فقه وشريعة وتوحيد وكلام. ومنها علوم اللغة. وعلوم الفلك والطبيعة والكيمياء والرياضيات.. إلى آخر ما كان معروفاً يومئذ من العلوم. ولم يكن العرب ـ قبل الإسلام ـ أمة علم، ولم يكن تراثهم يحمل شيئاً ذا قيمة من المعرفة. إنما كان همهم الشعر والبراعة اللغوية.. ولكن الهزَّة الجبارة التي أحدثها الإسلام في نفوسهم، والطاقة العجيبة التي جمعها في كيانهم، وأطلقها ـ من بعد ـ في فجاج الأرض، قد حوّلتهم إلى قوة هائلة تضرب في كل ميدان؛ في ميدان العقيدة، وميدان الحرب، وميدان السياسة، وميدان المعرفة كذلك. لقد أحسوا بالرغبة الشديدة في المعرفة تتأجج في كيانهم؛ المعرفة من كل لون. وفي كل ميدان. فشرَّقوا وغربوا يطلبون العلم، ويستحوذون على كل ما يجدون منه في الطريق، ويتفتحون لذلك كله، ويهضمونه ويمثلونه ويصبغونه بصبغتهم الإسلامية التي تربط الحياة كلها برباط العقيدة.
وفي رواية ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا إِلاَّ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقَ الْجَنَّةِ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ». وعند الترمذي ( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ خَرَجَ فِى طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ ».
فقد استخدم الكهنة في مصر القديمة ـ وكانوا في الأغلب هم العلماء ـ استخدموا معارف الكيمياء والطب والنجوم في السحر، والاستحواذ على الأموال بالباطل، والتوصل إلى السلطان المطلق على القلوب والأرواح والأجسام والعقول، والتحكم في كل أمور الناس بالعبودية والإذلال. وكانوا يستأثرون بهذا العلم لا يبيحونه للناس، إيثاراً لأنفسهم بالنفع، واستحواذاً على السلطان الكافر الذي يذلون به العبيد.. عبيد فرعون وعبيد الكهان، وهم "الشعب" كله بلا تفريق. ولو أراد المسلمون أن يستخدموا العلم للشر فلم تكن لتمنعهم بساطة علومهم، ولا تعجزهم عن عمل السوء.. أقرب الشر أن يصرفوا به القلوب عن الله، وأن يضحكوا به على السذج والجهلاء فينالوا المال المتدفق وينالوا السلطان، وأن يحبسوه عن العامة، وأن يتزلفوا به إلى الملوك والسلاطين، وأن يلتووا به ليبرروا مظالم السلطان. خاتمة وهذا هو التاريخ.. صفحة رائقة مشرقة مضيئة، تشهد أن العلم الإسلامي لم يسْعَ للشر ولم يُستخدَم للشر. بل أراد دائماً وجه الله وتوجَّه إلى الخير. ووقف في مرات كثيرة أمام السلطان الجائر يطالبه بحق الله وحق الكادحين.. ذلك أنه كان فريضة إلى الله، يتقرب بها العلماء إلى حماه.