في إحدى الدورات التأهيلية للزواج، يتطرق الباحث "أيمن عبد الرحيم" إلى نقطة العاطفة ومركزيتها في بناء العلاقات، فيذكر أن الطبيعي الذي تستقيم به حياة البشر هو البناء على القواعد لا الاستثناءات، وأن الأعراف البشرية لم توضع من تلقاء نفسها، وإنما هي -في كثير من الأحيان- تعبير عما تعارف عليه البشر أنه يُصلح حياتهم، فيما لا يتعارض مع الدين، وهكذا. ثم يتناول مثال الحبيب المُتيّم، المتفاني في محبوبه، كمثال شاذ على أصل العاطفة بين الجنسين، وأن نموذج قيس-ليلى الذي يحلم به الآلاف من البشر ما هو إلا نموذج نادر -جدا- في مسار البشر العاطفي بين الجنسين، وأن ما يُصلِح البشر في شأن العلاقات شيء آخر غير هذا الهيام الأعمى عن عيوب الآخر على حد وصفه، يتمثل في التوافق على عدّة صُعد، كالثقافي والفكري والديني بين الزوجين. وفي السياق نفسه، يذكر الباحث والكاتب "أحمد سالم" أن أكثر ما تُبنى عليه البيوت مما يسمى حبا "هو كذب توهمه من لا يعرف معنى الحب، وإنما حبهم أكثره وأحسن ما يكون منه تآلف خلقي وامتنان ومكافأة إحسان، وشهوة سرعان ما تهدأ نارها، والشهوة ليست هي الحب؛ لذلك يسرع إلى تلك البيوت الهدم؛ إذا جعلوا قانون علاقاتهم هو هذا الحب المتوهم وحده"[1].
[١٠] لذا لا تقل "لا أبالي بما تختار [لأن سعادتك لا تعنيني]" وإنما "لا أبالي بما تختار [لأنني أحبك بصرف النظر عن أفعالك وخياراتك]". إنك لا تحب كرد فعل على ما يسعدك وإنما تستمد الحب من فعل الحب غير المشروط. 6 تقبل نفسك ومن تحب على ما أنتما عليه. لست مثاليًا ولا زال يمكنك تقديم الحب بشكل رائع، وهو غير كامل أيضًا لكنه يستحق الحب. يتعلق الحب غير المشروط بالقبول، بعدم توقع إسعاد الغير لك بخياراتهم ونمط حياتهم. لا يمكنك التحكم بالآخرين وإنما بنفسك فقط. قد يكون أخوك مزعجًا لخياراته السيئة لكن هذا يجب ألا يؤثر على محبتك له. الحب الغير مشروط .. له شروط !. لا تحب أحدهم لطريقة عيشه وإنما لوجوده في الحياة فحسب. أفكار مفيدة تدرب على فعل شيء لأحدهم كل يوم بدافع الحب وحده. افعل ذلك دون توقع أي شيء منه بالمقابل وافعله دون أن يعلم به. يمكنك الدعاء لأصدقائك أو أفراد عائلتك الذين يعيشون في مكان بعيد مثلًا. يمكنك إرسال الرسائل النصية أو الورقية أو البريد الإكتروني لشخص لم تتواصل معه لمدة. أطر على الآخرين. يمكنك أن تبتسم لغريب يمر بقربك. يمكنك تدليل قطتك أو كلبك. افعل أشياء صغير بمحبة كبيرة كل يوم وراقب قلبك وهو يتسع لمزيد من الحب. يعني الحب تمني السعادة للآخرين.
فالمشكلة التي يواجهها هذا النمط من الزواج، وفقا لـ"الفلة"، تنشأ بسبب التعلق المفرط، مما يدفع لغض الطرف عن سلبيات لا يمكن التعايش معها لاحقا، حينما "تتغير الأدوار والمسؤوليات التي لم يكن يتم الاستعداد لها، وبالتالي تبدأ مرحلة الصدام بينهما"[14]. على الجانب الآخر من النقد، ترى "نادية بو هنّاد"[15] أن العلاقة الزوجية، في المقام الأول، علاقة قائمة على الدعم المعنوي المتبادل بين الطرفين، وأن وجود الحب المشروط، برغم منطقيته، قد يحيد بالعلاقة عن هذا المعنى الروحي إذا ما حضر بصيغة مادية تنحو بالعلاقة إلى شراكة مصالح متبادلة بين الطرفين، لا تستوعب الآخر ولا تحتوي تقصيره تجاه شريكه في بعض الأحيان. كما يربط أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس "سيد صبحي"[16] بين حضور العاطفة الزوجية ومعدل السواء النفسي عند الأبناء، في حين يرى الكاتب المصري "محمود توفيق" أن "الأزواج ليسوا في حاجة مُلِحّة لإصدار الأحكام على بعضهم البعض، أو استخدام معجمهم الذي جاؤوا به من بيئاتهم؛ ليصدروا تعريفا محكما بشريك الحياة"، وإنما هم في حاجة إلى "بذل الجهد كي يتهجّى الشريك، بطريقة عادلة وغير متعصبة، ويكتشف كيف يمكن لهذا الآخر القريب، المختلف، أن يكمله"[17].
تتقارب دراسة "عبد الباري" مع بحث أجراه موقع "ماتش دوت كوم" شمل خمسة آلاف متطوع، كشف أن 31% من الرجال موضع البحث أعربوا عن استعدادهم للزواج من امرأة بها كل المواصفات المطلوبة، على الرغم من عدم وجود علاقة عاطفية سابقة بين الجانبين[9]. وتعليقا على ذلك، ترى الأخصائية النفسية "سوزان بيز غادوا" أن تفسير هذا الأمر يكمن في كون الحب عاطفة متغيرة تزيد وتنقص حسب تقلبات الحياة، فالحب الذي يراه الشعراء "كل ما نحتاج إليه" ليس ذلك على الحقيقة؛ لأن مجرد الحب -فقط- لا يضع قاعدة صلبة لإقامة مؤسسة أسرية[10]. ويضيف الباحث الاجتماعي "آرون بن زائيف" على تحليل "سوزان" قائلا إن الزواج القائم على الهيام والغرام والمشاعر الملتهبة "يتجاهل في الغالب عناصر الشراكة المهمة بين الزوجين، والتقارب الفكري، والذكاء المطلوب، والتقارب الاجتماعي"، فهو في النهاية "اختيار رومانسي قد يزول بزوال أسبابه"[11]. لأن الواقع يختلف كثيرا في دراسة تنقلها جريدة الوسط البحرينية[12]، أجرت الباحثة "إيمان الفلة" بمركز "بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري" بحثا استمر قرابة عام كامل، اشتمل على 100 حالة، ووجدت أن 45% من حالات الزواج القائم على الحب (فقط) تنتهي بالطلاق، وأن 30% منهم يمرون بطلاق عاطفي تحت سقف واحد، في حين أعرب 10% فقط عن استقرارهم، فيما اتفق 57% من عينة الدراسة أنهم نادمون على هذه الزيجة.
ما تقدر تحب؟ لا بأس، هل تقدر تحترم الناس وتمتن لوجودهم في حياتك؟ هذا هو كل شيء. جرب عارف الدوسري هل ساعدك هذا المقال ؟ عبدالرحمن مجدي رسالتي فى الحياة: نشر الحب والعلم والوعي والسعادة لكل البشر بكل دياناتهم وأعتقداتهم وأفكارهم ، لا أكره أي إنسان ، أحب كل إنسان لكونه إنسان.. ما يسعدني حقاً هي قوتك ، سعادتك ، حبك.. الهدف من الموقع هو أن تساعد نفسك بنفسك! !