المتأمل في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته يجد أنه أعطى الطفل نصيبا من وقته، وجانبا كبيرا من اهتمامه، فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الأطفال أباً حنونا، ومربياً حكيما، يداعب ويلاعب، وينصح ويربي.. ومع كثرة همومه وشدة اشتغاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمور الجهاد والدعوة والعبادة وأمور الناس إلا أنه كان يلاطف أطفال الصحابة، ويدخل السرور عليهم ـ، وهو مَنْ هو ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علو منزلته وعِظم مسؤولياته.. يا أبا عمير ما فعل النغير - المساعد الشامل. ومواقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي تبين مدى حبه ورحمته بالأطفال كثيرة، منها مداعبته وملاطفته لِعُمَيْر ـ رضي الله عنه ـ. عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير - أحسبه قال: كان فطيما -، قال: فكان إذا جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرآه قال: يا أبا عمير ، ما فعل النغير - طائر صغير كالعصفور- ؟ قال: فكان يلعب به) رواه مسلم. وعمير هو أب و عمير بن أبي طلحة الأنصاري ، واسمه زيد بن سهل ، وهو أخو أنس بن مالك لأمه، وأمهما أم سليم ، مات على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.. وفي هذا الموقف النبوي مع عمير ـ رضي الله عنه ـ الكثير من الفوائد التربوية التي ينبغي الوقوف معها والاستفادة منها، وقد سبق إلى التنبيه على فوائد قصة أبي عمير: أبو حاتم الرازي أحد أئمة الحديث وشيوخ أصحاب السنن، ثم تلاه الترمذي في " الشمائل "، ثم تلاه الخطابي وغيرهم.. وقال ابن حجر: " قال أبو العباس الطبري: وفيما روينا من قصة أبي عمير ستون وجها من الفقه والسنة وفنون الفائدة والحكمة ".
ـ التكنية وهي ما صُدِّرِت بأمٍ أو بأبٍ تجوز، ولو لم يولد لِمَنْ كُنِّيَّ ولد، لأن هذا الطفل صغير، وقد كنَّاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ولذلك ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري كتاب الأدب باب: ( الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل). ـ جواز لعب الصغير بالطير، وإمساك الطير في القفص، أما إذا حُبِسَ وأوذي ولم يُطْعَم فمعلوم حديث المرأة التي حبست قِطة فدخلت النار بسببها، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خَشاش الأرض) رواه مسلم. وكذلك ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح به اللعب، وإنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات دون إيذاء أو إسراف، ولذلك قال ابن تيمية: " يرخص للصغار ما لا يرخص للكبار، لأن طبيعة الصغار اللهو "، ومن بين الأدلة على ذلك هذا الحديث. ـ تصغير الاسم لا بأس به إذا كان المقصود المداعبة والتلطف لقوله ( يا أبا عمير) تصغير عمر. ـ جواز السجع في الكلام إذا لم يكن مُتكلفا، وأن ذلك لا يمتنع من النبي كما امتنع منه إنشاء الشعر.
[ رقم الحديث عند عبدالباقي: 5874... ورقمه عند البغا: 6203] - حدَّثنا مُسَدَّدُ حَدثنَا عَبْدُ الوارِثِ عَنْ أبي التَّيَّاحِ عَنْ أنَسٍ قَالَ: كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً وكانَ لي أخٌ يُقالُ لَهُ أبُو عُمَيْرٍ، قَالَ: أحْسِبُهُ فَطِيمٌ وكانَ إذَا جاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ بِهِ فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهْوَ فِي بَيْتِنا فَيَأمُرُ بالبِساطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ ويُنْضَحُ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا. (انْظُر الحَدِيث 6129). مُطَابقَة الْجُزْء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقَالَ بَعضهم: والركن الثَّانِي مَأْخُوذ بالإلحاق بل بطرِيق الأولى. قلت: هَذَا كَلَام غير موجه لِأَن جَوَاز التكني للصَّبِيّ لَا يسْتَلْزم جَوَاز التكني للرجل قبل أَن يُولد لَهُ، فَكيف يَصح الْإِلْحَاق بِهِ فضلا عَن الْأَوْلَوِيَّة؟ وَالظَّاهِر أَنه لم يظفر بِحَدِيث على شَرطه مطابقاً للجزء الثَّانِي، فَلذَلِك لم يذكر لَهُ شَيْئا. وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَبُو التياح بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة واسْمه يزِيد بن حميد.
قول تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة: أنه قد أرسل رسوله محمدا بالهدى ودين الحق إلى جميع أهل الأرض ، عربهم وعجمهم ، أميهم وكتابيهم ، وأنه بعثه بالبينات والفرق بين الحق والباطل ، فقال تعالى: ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) أي: يبين ما بدلوه وحرفوه وأولوه ، وافتروا على الله فيه ، ويسكت عن كثير مما غيروه ولا فائدة في بيانه. وقد روى الحاكم في مستدركه ، من حديث الحسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ، قوله: ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب) فكان الرجم مما أخفوه. ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ثم أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال: ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين قال الله تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ( المائدة: 15) — أي يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، قد جاءكم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفونه عن الناس مما في التوراة والإنجيل، ويترك بيان ما لا تقتضيه الحكمة. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين: وهو القرآن الكريم. التفسير الميسر بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
قال: فناشده بالذي أنـزل التوراة على موسى، والذي رفع الطُّور، وناشده بالمواثيق التي أُخذت عليهم، حتى أخذه أفْكَل، (9) فقال: إن نساءنا نساء حسان، فكثر فينا القتل، فاختصرنا أُخصورةً، (10) فجلدنا مئة، وحلقنا الرءوس، وخالفنا بين الرءوس إلى الدواب (11) = أحسبه قال: الإبل= قال: فحكم عليهم بالرجم، فأنـزل الله فيهم: " يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيين لكم " ، الآية= وهذه الآية: وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ [سورة البقرة: 76]. (12) * * * وقوله: " ويعفو عن كثير " يعني بقوله: " ويعفو " ، ويترك أخذكم بكثير مما كنتم تخفون من كتابكم الذي أنـزله الله إليكم، وهو التوراة، فلا تعملون به حتى يأمره الله بأخذكم به. (13). * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب: " قد جاءكم " ، يا أهل التوراة والإنجيل= " من الله نور " ، يعني بالنور، محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق.
{وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} أي: يترك بيان ما لا تقتضيه الحكمة. {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ} وهو القرآن، يستضاء به في ظلمات الجهالة وعماية الضلالة. {وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} لكل ما يحتاج الخلق إليه من أمور دينهم ودنياهم. من العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن العلم بأحكامه الشرعية وأحكامه الجزائية. ثم ذكر مَنْ الذي يهتدي بهذا القرآن، وما هو السبب الذي من العبد لحصول ذلك، فقال: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} أي: يهدي به من اجتهد وحرص على بلوغ مرضاة الله، وصار قصده حسنًا - سبل السلام التي تسلم صاحبها من العذاب، وتوصله إلى دار السلام، وهو العلم بالحق والعمل به، إجمالًا وتفصيلًا. {وَيُخْرِجُهُم مِّن} ظلمات الكفر والبدعة والمعصية، والجهل والغفلة، إلى نور الإيمان والسنة والطاعة والعلم، والذكر. وكل هذه الهداية بإذن الله، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (226)]. للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (القارئ/ محمد سيد مبارك) - YouTube
قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين - YouTube
وإن كنت تسأل عن غير ذلك فبينه. والله أعلم.