يقول ابن القيم: "هاهنا أمر ينبغي التفطن له, وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر, وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء, وعدم المبالاة, وترك الخوف ما يلحقها بالكبائر, بل يجعلها في أعلى رتبها). قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب, كقوم نزلوا في بطن واد, فجاء ذا بعود, وجاء ذا بعود, حتى أنضجوا خبزتهم, وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه». ويقول ابن القيم: "فالإصرار على المعصية معصية أخرى, والقعود عن تدارك الفارط من المعصية إصرار ورضى بها, وطمأنينة إليها, وذلك علامة الهلاك, وأشد من هذا كله المجاهرة بالذنب, مع تيقن نظر الرب جل جلاله من فوق عرشه". لا تحقرن صغيرة بدون. وقال أيضاً: " إن استقلال المعصية ذنب, كما أن استكثار الطاعة ذنب, والعارف من صغرت حسناته في عينه, وعظمت ذنوبه عنده, وكلما صغرت الحسنات في عينك كبرت عند الله, وكلما كبرت وعظمت في قلبك قلت وصغرت عند الله, وسيئاتك بالعكس". وقال أيضاً متحدثاً عن العقبات التي يضعها الشيطان ليضل الإنسان: " العقبة الرابعة؛ وهي عقبة الصغائر فيقول له: ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم, أوما علمت بأنها تُكفَّر باجتناب الكبائر وبالحسنات, ولا يزال يُهوِّن عليه أمرها حتى يصر عليها, فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالاً منه, فالإصرار على الذنب أقبح منه, ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار, ولا صغيرة مع الإصرار".
أم هدفك سماع صوت فتاة فتدمر بيتها ؟! إنك لم تخلق للمعاكسات الهاتفية ، أو السير وراء الفتيات مدعياً أنه الحب ، وإنها الزمالة والصداقة والقرابة33!! لم تخلق للهو واللعب، ولم تخلق لسماع الغناء والموسيقى وشرب الدخان ولبس السلسال!!! بل خلقت لأمر عظيم ، خلقت لإقامة الدين وعبادة رب العالمين ( وما خلقت الجنّ والانس إلا ليعبدون) 34. وهذا قد مرّ ذكره. لا تحقرن صغيرة تسمى. قال الحسن البصري " ما ضربت ببصري ، ولا نطقت بلساني ، ولا بطشت بيدي ، ولا نهضت على قدمي حتى أنظر أعلى طاعة أم على معصيّة ؟! فإن كانت طاعة تقدمت ، وإن كانت معصيّة تأخرت وتركت " أيها المعاكس أغلق هاتفك أخي الحبيب ،،، أغلق هاتفك وبادر الى التوبة ، فحذار حذار إن بقيت فإنك الى ما صاروا اليه سائر ، وعلى ما فعلت من الاعمال قادم ، وعلى ما فرطت في زمن الامهال نادم... فعجل أخي وتب ، واعلم أن التوبة تجب ما قبلها وسيئاتك يبدلك الله بها حسنات ( إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات... ) فاقلع عن الذنب واعزم على عدم العودة اليه ، واندم على مافات وياحبذا مع الندم البكاء ،،، فالبكاء من سمات الصدق في التوبة. وخير ما يغسل العاصي مدامعه والدمع من تائبٍ أنقى من السحبِ واياك والتردد أو التأخر ، فلك في قول الامام حسن البصري – رحمه الله – لحكمة حيث قال: ان قوماً ألهتهم أمانيّ المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة ، ويقول أحدهم: إني أحسن الظنّ بربي وكذب... لو أحسن الظنّ لأحسن العمل.
[ يعني كلما فُتِن بالدنيا تاب]. قيل فإذا عاد ؟ قال: يستغفر الله ويتوب ، قيل: فإن عاد ؟ قال: يستغفر الله ويتوب ، قيل: فإن عاد ؟ قال: يستغفر الله ويتوب ، قيل: حتى متى ؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المحسور ". وخرج ابن ماجه من حديث ابن مسعود مرفوعا: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له). حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (3427). وقيل للحسن: ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود ، فقال: ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملوا من الاستغفار. وروي عنه أنه قال: ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب. … وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته: أيها الناس من ألمَّ بذنب فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر وليتب ، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال وإن الهلاك في الإصرار عليها. لا تَحقِرنّ صغيــرة .. إنّ الجبآل مِن الحَصى !!. ومعنى هذا أن العبد لا بد أن يفعل ما قدر عليه من الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كُتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة " رواه مسلم (2657). ولكن الله جعل للعبد مخرجا مما وقع فيه من الذنوب ومحاه بالتوبة والاستغفار فإن فعل فقد تخلص من شر الذنوب وإن أصر على الذنب هلك اهـ جامع العلوم والحكم ( 1 / 164 – 165) بتصرف.