تاريخ النشر: الثلاثاء 7 رجب 1435 هـ - 6-5-2014 م التقييم: رقم الفتوى: 251950 83889 0 831 السؤال كيف يجب أن يكون يومنا ومتى ننام ومتى نستيقظ؟ وأيهما أصح: أن نستيقظ لقيام الليل ثم نصلي الفجر وننام، ثم نستيقظ للذهاب إلى العمل؟ وهل هذا يمنع الرزق لأنه نوم الصبيحة؟ أم أن نستيقظ لقيام الليل ثم نصلي الفجر ونظل مستيقظين، وهذا ستكون فيه مشقة على من يذهب إلى العمل؟ وماذا كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستيقظ عند صياح الديك، فهل كان ينام بعد صلاة الفجر؟ أم يظل مستيقظا إلى صلاة العشاء؟. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل بعد العشاء، إذ كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، كما رواه البخاري، ثم يستيقظ في أول النصف الثاني من الليل فيقوم ثلث الليل، ثم ينام سدسه الباقي، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد: مَنْ تَدَبَّرَ نَوْمَهُ وَيَقَظَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ أَعْدَلَ نَوْمٍ، وَأَنْفَعَهُ لِلْبَدَنِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْقُوَى، فَإِنَّهُ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيَسْتَيْقِظُ فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي، فَيَقُومُ وَيَسْتَاكُ، وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، فَيَأْخُذُ الْبَدَنُ وَالْأَعْضَاءُ، وَالْقُوَى حَظَّهَا مِنَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ، وَحَظَّهَا مِنَ الرِّيَاضَةِ مَعَ وُفُورِ الْأَجْرِ، وَهَذَا غَايَةُ صَلَاحِ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ، وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قلت: جَوَاب هَذَا يفهم مِمَّا قبله مِمَّا ذكرنَا على أَن بعض أَصْحَابنَا قَالُوا: إِنَّهَا خصت بذلك كَمَا خص غَيرهَا بخصائص قيل: هَذَا بعيد، لِأَن ذَلِك لَو وَقع لنقل. قلت: قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا من خَصَائِص عَائِشَة وَلَا عُمُوم لَهَا. فَإِن قلت: فِيهِ صُورَة المخادعة؟ قلت: لم يكن هَذَا إلَاّ للزجر والتوبيخ، لِأَنَّهُ كَانَ بيَّن لَهُم حكم الْوَلَاء، وَأَن هَذَا الشَّرْط لَا يحل، فَلَمَّا ألحوا فِي اشْتِرَاطه وَمُخَالفَة الْأَمر، قَالَ لعَائِشَة هَذَا بِمَعْنى: لَا تبالي سَوَاء شرطته أم لَا،
[١٦] ووصف ابن القيم في كتابه زاد المعاد ما كان ينام عليه رسول الله، فقد كان ينام على الفراش، وعلى الجلد، وعلى الحصير، وعلى الأرض، وعلى السرير، وعلى كساءٍ أسود، أي أنّه كان ينوّع فيما ينام عليه، [١٧] وفي يومٍ من الأيام دخل مجموعةٌ من الصحابة على رسول الله، ودخل عمر -رضي الله عنه-، فرأى فراش رسول الله قد أثّر في جنبه، فبكى عمر، فسأله رسول الله عمّا يبكيه، فقال عمر: والله إني أعلم أنّك أكرم عند الله من كِسرى وقيْصر، وهما يعبثان ويلهوان في الدنيا، وأنت في هذا المكان، فقال رسول الله: (أمَا تَرْضى أنْ تكونَ لهمُ الدُّنيا ولنا الآخرةُ؟ قال عمرُ: بَلى، قال: فإنَّه كذاكَ). [١٨] [١٩] المراجع ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2714، صحيح. ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب ، صفحة 59، جزء 10. بتصرّف. ↑ محمد السفاريني (1993)، غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (الطبعة الثانية)، مصر: مؤسسة قرطبة، صفحة 385، جزء 2. بتصرّف. كيف كان ينام الرسول - موضوع. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1147، صحيح. ↑ محمد زينو (1997)، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع (الطبعة التاسعة)، الرياض: دار الصميعي، صفحة 319، جزء 1.
انتهى. فتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ينام بعد الفجر، وإنما ينام وقت القيلولة، فإذا شق على المسلم عدم النوم بعد الفجر فله أن ينام ليستعين بذلك على عمله، وإن كان الأولى والأفضل ترك النوم بعد الفجر، وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 2432 ، ورقم: 18860. والله أعلم.