واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا جملة واذكر في الكتاب مريم عطف على جملة ذكر رحمة ربك عطف القصة على القصة فلا يراعى حسن اتحاد الجملتين في الخبرية والإنشائية ، على أن ذلك الاتحاد ليس بملتزم. على أنك علمت أن الأحسن أن يكون قوله ( ذكر رحمة ربك عبده زكرياء) مصدرا وقع بدلا من فعله. [ ص: 79] والمراد بالذكر: التلاوة ، أي اتل خبر مريم الذي نقصه عليك. وفي افتتاح القصة بهذا زيادة اهتمام بها وتشويق للسامع أن يتعرفها ويتدبرها. إعراب قوله تعالى: واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا الآية 41 سورة مريم. والكتاب: القرآن ، لأن هذه القصة من جملة القرآن. وقد اختصت هذه السورة بزيادة كلمة في الكتاب بعد كلمة واذكر. وفائدة ذلك التنبيه إلى أن ذكر من أمر بذكرهم كائن بآيات القرآن وليس مجرد ذكر فضله في كلام آخر من قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - كقوله لو لبثت ما لبث يوسف في السجن لأجبت الداعي. ولم يأت مثل هذه الجملة في سورة أخرى لأنه قد حصل علم المراد في هذه السورة فعلم أنه المراد في بقية الآيات التي جاء فيها لفظ اذكر.
والشرق- بسكون الراء- المكان الذي تشرق فيه الشمس. والشرق- بفتح الراء- الشمس. وإنما خص المكان بالشرق، لأنهم كانوا يعظمون جهة المشرق، حيث تطلع الأنوار... ». قوله تعالى: واذكر في الكتاب مريم القصة إلى آخرها. هذا ابتداء قصة ليست من الأولى. والخطاب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ أي عرفهم قصتها ليعرفوا كمال قدرتنا. إذ انتبذت أي تنحت وتباعدت. والنبذ الطرح والرمي ؛ قال الله تعالى: فنبذوه وراء ظهورهم. من أهلها أي ممن كان معها. واذكر في الكتاب مريم مكتوبة. وإذ بدل من مريم بدل اشتمال ؛ لأن الأحيان مشتملة على ما فيها. والانتباذ الاعتزال والانفراد. واختلف الناس لم انتبذت ؛ فقال السدي: انتبذت لتطهر من حيض أو نفاس. وقال غيره: لتعبد الله ؛ وهذا حسن. وذلك أن مريم - عليها السلام - كانت وقفا على سدانة المعبد وخدمته والعبادة فيه ، فتنحت من الناس لذلك ، ودخلت في المسجد إلى جانب المحراب في شرقيه لتخلو للعبادة ، فدخل عليها جبريل - عليه السلام -. فقوله: مكانا شرقيا أي مكانا من جانب الشرق. والشرق بسكون الراء المكان الذي تشرق فيه الشمس. والشرق بفتح الراء الشمس. وإنما خص المكان بالشرق لأنهم كانوا يعظمون جهة المشرق ومن حيث تطلع الأنوار ، وكانت الجهات الشرقية من كل شيء أفضل من سواها ؛ حكاه الطبري.
وحكي عن ابن عباس أنه قال: إني لأعلم الناس لم اتخذ النصارى المشرق قبلة لقول الله - عز وجل -: إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذوا ميلاد عيسى - عليه السلام - قبلة ؛ وقالوا: لو كان شيء من الأرض خيرا من المشرق لوضعت مريم عيسى - عليه السلام - فيه. واختلف الناس في نبوة مريم ؛ فقيل: كانت نبية بهذا الإرسال والمحاورة للملك. وقيل: لم تكن نبية وإنما كلمها مثال بشر ، ورؤيتها للملك كما رئي جبريل في صفة دحية حين سؤاله عن الإيمان والإسلام. والأول أظهر. تفسير: (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا) - منتديات اول اذكاري. وقد مضى الكلام في هذا المعنى مستوفى في ( آل عمران) والحمد لله. شرح المفردات و معاني الكلمات: اذكر, الكتاب, مريم, انتبذت, أهلها, مكانا, شرقيا, تحميل سورة مريم mp3: محرك بحث متخصص في القران الكريم Sunday, May 1, 2022 لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب
تاريخ الإضافة: 10/9/2018 ميلادي - 30/12/1439 هجري الزيارات: 9260 ♦ الآية: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: مريم (16). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَاذْكُرْ ﴾ يا محمد ﴿ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ ﴾ تنحَّت من أهلها ﴿ مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴾ من جانب الشرق، وذلك أنها أرادت الغسل من الحيض فاعتزلت في ناحية شرقية من الدار. وَاذْكُرْ فِى الْكِتـابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً!! - منتدى الكفيل. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله عز وجل: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ ﴾ في القرآن ﴿ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ ﴾ تنحَّت واعتزلت ﴿ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ من قومها ﴿ مَكَانًا شَرْقِيًّا ﴾؛ أي: مكانًا في الدار مما يلي المشرق، وكان يومًا شاتيًا شديد البرد، فجلست في مشرقة تفلي رأسها، وقيل: كانت طهرت من الحيض، فذهبت لتغتسل؛ قال الحسن: ومن ثَمَّ اتخذ النصارى المشرق قبلةً. تفسير القرآن الكريم
وإنما شرع في قصة إبراهيم عليه السلام لوجوه: أحدها: أن إبراهيم عليه السلام كان أبا العرب وكانوا مقرين بعلو شأنه وطهارة دينه على ما قال تعالى: ( ملة أبيكم إبراهيم) ( الحج: 78) وقال تعالى: ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) ( البقرة: 130) فكأنه تعالى قال للعرب إن كنتم مقلدين لآبائكم على ما هو قولكم: ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) ومعلوم أن أشرف آبائكم وأجلهم قدرا هو إبراهيم عليه السلام فقلدوه في ترك عبادة الأوثان وإن كنتم من المستدلين فانظروا في هذه الدلائل التي ذكرها إبراهيم عليه السلام لتعرفوا فساد عبادة الأوثان وبالجملة فاتبعوا إبراهيم إما تقليدا وإما استدلالا. وثانيها: أن كثيرا من الكفار في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقولون كيف نترك دين آبائنا وأجدادنا فذكر الله تعالى قصة إبراهيم عليه السلام وبين أنه ترك دين أبيه وأبطل قوله بالدليل ورجح متابعة الدليل على متابعة أبيه ليعرف الكفار أن ترجيح جانب الأب على جانب الدليل رد على الأب الأشرف الأكبر الذي هو إبراهيم عليه السلام. وثالثها: أن كثيرا من الكفار كانوا يتمسكون بالتقليد وينكرون الاستدلال على ما قال الله تعالى: ( قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة) ( الزخرف: 23) [ ص: 191] و ( قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين) [الأنبياء: 53] فحكى الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام التمسك بطريقة الاستدلال تنبيها لهؤلاء على سقوط هذه الطريقة ثم قال تعالى في وصف إبراهيم عليه السلام: ( إنه كان صديقا نبيا) وفي الصديق قولان: أحدهما: أنه مبالغة في كونه صادقا وهو الذي يكون عادته الصدق لأن هذا البناء ينبئ عن ذلك يقال رجل خمير وسكير للمولع بهذه الأفعال.