قال رؤبة يذكر امرأة تخاطب صاحبة لها: " قالت ولم تأل به أن يسمعا " يا هند... " البيتين. أخبرت صاحبتها عنه أنه قد أدبر وفنى إلا أقله. والسعسعة: الفناء ونحوه. ومنه: تسعسع الشهر: إذا ذهب. ا هـ. (10) البيتان لعلقمة بن قرط. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( 185): { والليل إذا عسعسع} قال بعضهم: إذا أفلت ( كذا) بهاؤه. وقال بعضهم: إذا ولى ، ألا تراه قال: { والصبح إذا تنفس}. معنى والليل اذا عسعس. وقال علقمة بن قرط: " حتى إذا الصبح... (11) البيت مما أنشده أبو البلاد النحوي ، وأخذه عنه الفراء في معاني القرآن ( 360) قال: وقوله: { والليل إذا عسعس} اجتمع المفسرون على أن معنى عسعس: أدبر. وكان بعض أصحابنا يزعم أن عسعس دنا من أوله وأظلم ، وكان أبو البلاد النحوي ينشد فيه: " عسعس حتى... " البيت ، يريد: إذ دنا ، ثم يلقي همزة ، ويدغم الذال في الدال. وكانوا يرون أن هذا البيت مصنوع. قلت: وإذا لم تصح رواية البيت ثبت أن عسعس بمعنى: أدبر ، فيكون معناه كمعنى سعسع. وعلى هذا قال المؤلف: إن العرب تقول: عسعس الليل ، وسعسع الليل: إذا أدبر ، ولم يبق منه إلا اليسير. قلت: وهو الصواب. ا هـ.
حدثنا الحسين بن عليّ الصدائي، قال: ثني أبي، عن الفضيل، عن عطية ( وَاللّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) قال: أشار بيده إلى المغرب. وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي قول من قال: معنى ذلك: إذا أدبر، وذلك لقوله: ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) فدلّ بذلك على أن القسم بالليل مدبرًا، وبالنهار مقبلا والعرب تقول: عسعس الليل، وسَعْسَع الليل: إذا أدبر، ولم يبق منه إلا اليسير؛ ومن ذلك قول رُؤْبة بن العجاج: يـا هِنْـدُ مـا أسْـرَعَ مـا تَسَعْسَـعا وَلَــوْ رَجــا تَبْــعَ الصِّبـا تَتَبَّعـا (9) فهذه لغة من قال: سعسع؛ وأما لغة من قال: عسعس، فقول علقمة بن قُرْط: حــتى إذَا الصُّبْــحُ لَهَــا تَنَفَّسـا وانْجــابَ عَنْهــا لَيْلُهـا وَعَسْعَسـا (10) يعني أدبر. وقد كان بعض أهل المعرفة بكلام العرب، يزعم أن عسعس: دنا من أوّله وأظلم. معنى قوله تعالى : والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس. وقال الفراء: كان أبو البلاد النحوي ينشد بيتا: عَسْــعَسَ حــتى لَـوْ يشـاءُ إدَّنـا كــانَ لَــه مِــنْ ضَوْئِــهِ مَقْبَسُ (11) يقول: لو يشاء إذ دنا، ولكنه أدغم الذال في الدال، قال الفراء: فكانوا يرون أن هذا البيت مصنوع. ---------------- الهوامش: (9) البيتان لرؤبة ديوانه 88 ، واللسان: سعع ( قال: وسعسع الشيخ وغيره وتسعسع: قارب الخطو ، واضطرب من الكبر أو الهرم).
وقوله (وما هو على الغيب بضنين) قال ابن عباس وسعيد بن جبير وإبراهيم والضحاك: ، معناه ليس على وحي الله وما يخبر به من الاخبار بمتهم أي ليس ممن ينبغي أن يظن به الريبة، لان أحواله ناطقة بالصدق والأمانة، ومن قرأ بالضاد معناه ليس ببخيل على الغيب. وقوله (وما هو بقول شيطان رجيم) معناه أنه ليس هذا القرآن قولا لشيطان رجيم، قال الحسن: معناه رجمه الله باللعنة. وقيل رجيم بالشهب طردا من السماء، فهو (فعيل) بمعنى (مفعول). وقوله (فأين تذهبون) معناه أين تذهبون عن الحق الذي قد ظهر أمره وبدت أعلامه إلى الضلال الذي فيه البوار والهلاك، وهو استبطاء لهم في القعود عن النبي صلى الله عليه وآله، والعمل بما يوجبه القرآن، فالذهاب هو المصير عن شئ إلى شئ بالنفوذ في الامر. قال بعض بني عقيل: تصيح بنا حنفية إذ رأتنا * وأي الأرض نذهب بالصباح ( 3) يعني إلى أي الأرض، وقيل معناه فأي طريق يسلكون أبين من الطريق الذي بينه لكم (إن هو إلا ذكر للعالمين) يمكنكم أن تتوصلوا به إلى الحق. والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس. والذكر ضد السهو وعليه يتضاد العلم وأضداده، لان الذاكر لا يخلو من أن يكون عالما أو جاهلا مقلدا أو شاكا، ولا يصح شئ من ذلك مع السهو الذي يضاد الذكر. وقال الرماني: الذكر إدراك النفس الذي يضاد للمعنى بما يضاد السهو.