February 20, 2008, 02:03 PM لا تنفذون إلا بسلطان قال الله تعالى: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان (33))[سورة الرحمن]. الحمد لله على نعمة الإيجاد، الحمد لله على نعمة الإمداد، الحمد لله على نعمة الهدى والرشاد، الحمد لله على نعمة الإسلام، وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بداية كما لاحظتم من عنوان هذا البحث أنَّ فيه نوعاً من التحدي، وهذا ليس كلامي بل هو كلام ربِّي جل جلاله وحتى لا أطيل عليكم ندخل في تفاصيل هذا الموضوع: خلق الله عز وجل هذا الكون وأودع فيه من الأسرار ما لا يعلمها إلا الله، فهذا الكون يتوسع الآن – وأنت تقرأ – بسرعة الضوء..... إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الرحمن - القول في تأويل قوله تعالى " سنفرغ لكم أيها الثقلان "- الجزء رقم23. (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون (47))[سورة الذاريات]. الشكل (1): Chandra observatory وفي هذا البناء الكوني العجيب من الأجرام السماوية والمجرات بنجومها وكواكبها أعداد هائلة يصل عددها إلى أكثر من 120 مليار مجرََة معروفة حتى الآن(The Known Universe) في كل واحدة منها مليارات النجوم والأجرام السماويّة إسثطاع العلماء أن يرصدوا بعضاً منها بإستخدام المراصد الفلكية ( Telescopes) التي تعددت في أنماطها، فمنها التي تكون ثابتة على قمم الجبال وبعضها يتحرك في مدارات محددة خارجية مثل ( ( HST (1) وبعضها يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وبعضها بأشعة X مثل (Chandra Observatory) والبعض الآخر بموجات الراديو ( Radio Telescope) والهدف واحد هو معرفة أسرار هذا الكون.
وأما الأقطار فهي جمع قُطْر، وهي: الأطراف. كماحدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) قال: من أطرافها. وقوله جلّ ثناؤه وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا يقول: من أطرافها. وأما قوله: ( إلا بسُلْطانٍ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم معناه: إلا ببينة وقد ذكرنا ذلك قبل. لا تنفذون الا بسلطان اسلام ويب. وقال آخرون: معناه: إلا بحجة. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل، عن عكرِمة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ) قال: كلّ شيء في القرآن سلطان فهو حجة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( بسُلْطانٍ) قال: بحجة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: إلا بملك وليس لكم ملك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ) قال: لا تنفذون إلا بملك، وليس لكم ملك. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ) قال: إلا بسلطان من الله، إلا بملكة منه.
فمن وصل إلى القمر لا يكون قد خرج من دائرة السماوات، أو اخترقها من أقطارها وجوانبها المختلفة، بل يكون في بداية انطلاقته إلى مسافات تحتاج إلى مليارات المليارات التي لا تنتهي من السنين الضوئية، ليقترب حتى من بعض الكواكب البعيدة نسبياً في السماء الدنيا، فضلاً عن غيرها من السماوات.. والحمد لله رب العالمين 4. مواضيع ذات صلة
وقال تعالى: ( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [ يونس: 27]; ولهذا قال:
ما كنا لنعلمَ، لولا ما جاءتنا به سورةُ الرحمن، أن لكونِنا هذا حدوداً لا قدرةَ لمخلوقٍ على أن يتجاوزها إلا بسلطان (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (33 الرحمن). فكونُنا هذا محكومٌ بأسبابٍ وقوانينَ خلقَها اللهُ تعالى وسلَّطها عليه حتى لا تفسدَ السمواتُ والأرضُ ومن فيهن (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ) (من 71 المؤمنون). القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الرحمن - الآية 33. ولذلك فإنَّ نفاذَ أي مخلوقٍ من حدودِ كونِنا هذا أمرٌ مشروطٌ بقدرته على أن يؤيِّدَه اللهُ بـ "سلطان" يكفلُ له أن يتسلَّطَ بإذن الله على تلك الأسبابِ والقوانين التي خلقَها اللهُ تعالى لتقومَ لهذا الكونِ بها قائمة. ولأنَّ هكذا تأييداً إلهياً بـ "سلطانِ" كهذا أمرٌ ليس باليسيرِ الحصولُ عليه، فإنَّ كونَنا هذا سيبقى عصِياً على أيِّ محاولةٍ للنفاذِ من حدودهِ طالما استعصى على الراغبِ بذلك أن يُؤيَّدَ من اللهِ تعالى بهذا السلطان، وطالما لم يكن ممن اختصَّهم اللهُ بإجازةٍ منه وإذنٍ تكفلان له أن يحظى بهذا السلطان.
ومن هنا كان عجز الإنسان عن الوصول إلى تلك المناطق الفائقة الحرارة والضغط، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى مخاطباً الإنسان: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} [الإسراء: 37].