معالي الوزير كان صادقاً وشفافاً، فالقيادة الرشيدة قد رصدت 8 مليارات ريال سعودي، وهي أرقام كبيرة ومن ثم رصد 7 مليارات ليكون المجموع 15 مليار ريال سعودي، ولكن كل هذا وفي ظل الظروف العالمية ونقص الأجهزة في كل العالم، وإضافة إلى أن الدراسات الأربع التي أعدتها وزارة الصحة بالاستعانة بخبراء من الداخل والخارج فقد أعطوا توقعات أن أعداد الإصابات إذا استمرت بالتزايد نتيجة عدم مسؤولية بعض أفراد المجتمع فمعني ذلك الوصول من 10 آلاف إلى 200 ألف مصاب، وهي أرقام فوق الطاقة الاستيعابية، والجاهزية رغم رصد الميزانيات الضخمة بل والضخمة جداً. إن القيادة والحكومة وهما ضلعا المعادلة قد قاما بكل ما عليهما من أجل مجابهة هذه الجائحة، ولكن يجب أن نكون جميعاً على قدر كبير من الوعي والمسؤولية، وهذا ما طالبه منا جميعاً الوزير لتتحقق المعادلة، والتي هي عمادة الدولة القوية. إن الجائحة لا تزال قائمة، وأثارها المؤلمة والتي نشاهدها يومياً على مستوى العالم هي أكبر من أن يستوعبها عقل، ولكن يجب أن نكون كلنا مسؤول كلاً حسب تخصصه وقدرته، وما يطلب منا جميعاً هو أن نرتاح ونهدأ ونسترخي في بيوتنا، ويجب أن نكون كلنا مسؤول.
نعم، نحتاج تطبيق «كلنا مسؤول» قولاً وعملاً، والوقاية خير من ألف علاج. وديننا الحنيف ربط الأسباب بمسبباتها، وناط النتائج بمقدماتها، ولا يختلف إثنان على أن الصحة والعافية من النعم العظيمة، ولا أدل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم لذلكم الأعرابي الذي جاءه ليعلم ما يسأل الله عنه بعد الصلوات الخمس (سل الله العافية)، وقوله في حديث آخر: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، فعلى المفتقر إلى الصحة أن يسعى وراءها بكل ما أوتي، وعلى المتمتع بها أن يحتفظ بها كل الاحتفاظ، وأن يباعد نفسه عن الأمراض لقول الله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة (195). ولا تعارض فيما ذكر مع ما جاء في الحديث الآخر: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)؛ فإن أصح ما قيل فيه ما حمله العلماء والمخرجون لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن هذا الحديث إنما سبق للرد على أهل الجاهلية الذين كانوا يعتقدون أن الأسباب تؤثر بطبيعتها في المسببات وأن الله لا يؤثر فيها، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا عدوى مؤثرة بطبيعتها. وإنما قد يجعل الله بمشيئته وإرادته مخالطة صحيح الجسم لمن به مرض معد سبباً لإصابته بهذا المرض، ولهذا كان الأمر باجتناب الأصحاء لأصحاب الأمراض الوبائية إنما هو للمحافظة على الصحيح من ذوي العاهات، فلا تنافي بين هذا الحديث وما تقدم؛ لأن هذا إنما كان للرد على عقيدتهم من أن التأثير للطبيعة، وباطل ما كانوا يعتقدون.
ناقش مؤتمر علمي «عن بعد» 11 ورقة علمية في مختلف التخصصات الصحية، تحت عنوان «كل ما هو جديد لجميع الممارسين الصحيين عن فيروس كورونا المستجد ومرض كوفيد-19»، وتحت شعار «كلنا مسؤول»، في 18 أبريل الماضي. عُقد المؤتمر برعاية الدكتور محمود عبدالجبار اليماني الرئيس المؤسس لمجلس إدارة التجمع الصحي بالمدينة المنورة، وبالتعاون مع الجمعية السعودية لأمراض النساء والتوليد، وبالتنسيق مع الدكتور سمير سندي استشاري أمراض النساء والولادة والمناظير النسائية رئيس المجموعة السعودية للمناظير النسائية والدكتور سامر أحميد استشاري أمراض النساء والولادة وطبيب زميل بطب الأجنة والحمل الحرج. تضمَّن المؤتمر 11 ورقة علمية معتمدة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية بواقع ساعتين تعليمًا طبيًّا مستمرًّا، ويُقدَّم لجميع الكادر الصحي بمختلف تخصصاته مجانًا بدون رسوم. افتتح المؤتمر بالسلام الملكي ثم خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للمواطنين والمقيمين كافةً على أرض المملكة العربية السعودية بخصوص هذه الجائحة، بعد ذلك ألقى الدكتور محمود عبدالجبار اليماني كلمة ترحيبية بالحضور. بدأ المؤتمر بورقة علمية بعنوان «هل نحن مستعدون لمرض كورونا؟» مقدمة من الدكتور نزار باهبري استشاري الطب الباطني والأمراض المعدية بمستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة، تحدث خلالها عن شح المعلومات المتوافرة في المجلات العلمية عن هذا المرض، «وإننا يجب أن نستعد للتعامل من هذه الجائحة بحرص، وأن نبث الطمأنينة للمرضى والمجتمع».