وصايا لقمان الحكيم لابنه اشتهر لقمان بوصاياه العظيمة التي أوصاها لابنه والتي خلدها القرآن الكريم؛ نظراً لأهميتها وقيمتها الكبيرة، ولعل أحد أهم هذه الوصايا قوله لابنه: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). ومن أهم الوصايا أيضاً: الإكثار من قول رب أغفر لي؛ لأنّه توجد لله ساعة لا يرد فيها الداعي، مجالسة العلماء ومزاحمتهم؛ وذلك لأنّ الله يحي القلوب الميتة من خلال نور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء. ومما وعظ به لقمان ابنه أنه نهاه عن ظلم الناس؛ ولو بحبة خردل، فإن الله يسأل عنها ويحضرها حوزة الحساب ويضعها في الميزان: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير) ثم قال له: (يا بني أقم الصلاة) أي أدها بجميع واجباتها من حدودها وأوقاتها وركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها وما شرع فيها واجتنب ما ينهي عنه فيها. ومن وصاياه القيمة أيضًا قوله لولده: (ولا تصعر خدك للناس)، ومعناه ألا تتكبر على الناس وتميل خدك حال كلامك لهم وكلامهم لك على وجه التكبر عليهم والازدراء لهم، وفي هذا قال أهل اللغة: وأصل الصعر داء يأخذه الإبل في أعناقها فتلتوي رؤوسها فشبه به الرجل المتكبر الذي يميل وجهه إذا كلم الناس أو كلموه على وجه التعظم عليهم.
وقد جاء ذلك في الآية رقم "23" من سورة الجاثية، ومن هنا يتضح لنا أن؛ على الوالدين واجب تجاه الأبناء، وهذا الواجب يتمثل في غرس العقيدة والتوحيد بالله، ودائمًا القيام بتوجيههم إلى ضرورة محبة خالقهم عز وجل ونبيه الكريم، وضرورة غرس حب الله في قلوبهم حتى يكون أكبر حب في حياتهم، وأن يؤمنوا بكل الرُسُل والملائكة، فالإيمان بالله هو أكبر دافع لعمل الخير والبعد عن الشر. ونجد أن؛ مؤخرًا هناك أدعاءات كثيرة تنكر وجود الله والعياذ بالله، ولكن إذا تم تربية الأبناء على توحيد الله منذ الصغر لن يتعثروا في مثل هذه الأمور، ولابد من لجوئهم إلى الله وحده لتحقيق كل ما يتمنون.
لقمان الحكيم هو أحد أشهر الحكماء عبر التاريخ، ولقد وردت قصته بكتاب الله تبارك وتعالى وهو لقمان بن ياعور، وقال البعض بأنه ابن أخت نبي الله أيوب عليه السلام وقال البعض بل إنه ابن خالته، وكان لقمان من أبناء السودان بمصر وينتمي إلى النوبة التي تميّز أهلها ببشرتهم السمراء والشعر الأجعد، ولقد أختلفت الأخبار التي وردت لنا عن عمل سيدنا لقمان فأشارت البعض إلى أنّه كان يعمل بالخياطة، وأشار البعض الآخر إلى أنّه كان يعمل بالنجارة وقال آخرون بل كانت مهنته الرعي، وسوف نشير بتلك المقالة إلى قصة لقمان الحكيم فاقرءوا معي السطور التالية. قصة لقمان الحكيم من القرآن الكريم لقمان نال قدراً من الحكمة والعظة على يد نبيّ الله داوود الذي عاصره قبل نبوته، وأحبه الله تبارك وتعالى ووهبه من فضله الحكمة والعظة والحنكة والمهارة والبراعة في فض النزاعات؛ لذا فعمل قاض لبني إسرائيل. ومن الأمثلة التي دلت على براعته وحكمته وفطنته وقدرته على فض النزاعات أن أتاه سيّده بشاه فقال له اذبحها، وائتني بأطيب مضغتين بها فأتى باللسان والقلب، ولما أتى اليوم التالي فعل سيده نفس الأمر غير أنّه قال له: ائتني بأخبث مضغتين فيها وهنا أرسل لها القلب واللسان، وهنا تعجب منه السيد ولما سُئل عن السر في فعله قال: "ليس شيئاً أطيب منهما إذا طابا ولا شيء أخبث منهما إذا خبثا".
مقال كتبته غادة بهنسي الكاتبة في جريدة الأهرام هو رجل أنار الله بصيرته، وكان حكيم قومه، وقد عاصر داود وعرف بالحكيم، وذكر في القرآن الكريم في سورة سمّيت باسمه، وله وصايا عشر تركها لابنه، لتكون مرجعًا أخلاقيا لنا بعد هذه السنوات الطويلة، هذا الرجل هو لقمان الحكيم. من هو لقمان؟ " لقمان بن ياعور" أو ما يعرف أيضاً بلقمان الحكيم، وقيل بأنّه ابن أخت أيوب عليه السلام، وقيل بأنّه ابن خالته، وقد كان لقمان من أهل سودان مصر وتحديداً من قرية نوبة الذين تميزوا بامتلاكهم بشرة سمراء وقدمين مشققتين وشعرٍ مجعد، واختلفت الأخبار الواردة إلينا عن طبيعية عمله، فمنهم من اعتقد أنّه كان خياطاً، ومنهم من اعتقد بعمله في مهنة النجارة أو الرعي، ويشار إلى أنّه عاش في الحقبة التي عاش فيها سيدنا داود عليه السلام قبل أن يُصبح نبياً، وذكر المسعودي أنه ولد على عشر سنين من ملك داود عليه السلام، ولم يزل باقياً في الأرض، مظهراً للحكمة والزهد إلى أيام يونس بن متى عليه السلام. حينما نام لقمان وأفاق حكيمًا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "إن لقمان كان عبداً كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب الله فأحبه الله، فمن عليه بالحكمة ".
وهذا السبب لا يوجد من أعمال البر ما يكافئه إلا شيئًا واحدًا لا يتوفر في غالب الناس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ » [5]. 8- مع هذه الوصايا العظيمة ببر الوالدين إلا أن طاعتهما مشروطة بأن تكون في غير معصية الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مهما عظم قدره. روى مسلم في صحيحه من حديث مصعب بن سعد عن أبيهرضي الله عنه أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: «حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ، وَلَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ، قَالَتْ: زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ، وَأَنَا أُمُّكَ، وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قَالَ: مَكَثَتْ ثَلَاثًا حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ، فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ، فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَةَ ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].