عباد الله اليوم تتقربون إلى الله بعبادة عظيمة ألا وهي عبادة ذبح الأضاحي فلنفرح بهذه العبادة ولنحرص على أن يتقبلها الله عن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر؛ فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء) متفق عليه.
عباد الله: إن من حكم العيد ومنافعه العُظمى التواصلَ بين المسلمين والتزوارَ وتقاربَ القلوب وإرتفاعَ الوحشة وإنطفاءَ نار الأحقاد والضغائن والحسد فالتراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم " مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى ". فتفقدوا إخوانَكم المحتاجينَ والمتضريرينَ وكونوا معهم بالدعم الماديِّ والمعنوي مع الإجتهاد لهم بالدعاء.
(ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وقد ضحى نبيكم –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد أن قدم المدينة عشر سنوات، أي: لم يتركها أبدًا؛ لأجل هذا أوجبها بعض أهل العلم على القادرالمستطيع. ترخص الأموال وتطيب النفوس لأجلها، تقربًا لله وحده، ﴿لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ﴾ [الحج:37]. يبدأ وقت الذبح من بعد صلاة العيد وينتهي بغروب شمس يوم الثالث عشر؛ آخر أيام التشريق، ومن كان له عدة أضاحي جاز له قص أظفاره وإزالة شعره بعد ذبح الأولى منهما، كما أفتى بذلك ابن عثيمين –رحمه الله-. ويُستحب لمن أراد أن يضحي –رجلًا كان أو امرأة- أن يذبحها بنفسه، فإن تعذر فليحضرها، لأنها شعيرةٌ وقربة. ويُسن أن يكون أول ما يطعم المضحي هذا اليوم من أضحيته، واستحب بعض أهل العلم الكبد منها؛ لأنها الأسرع نضجًا. فضحوا –أيها المؤمنون- تقبل الله ضحاياكم، طيبةً بها نفوسكم، واذكروا اسم الله عليها٠ «وليحدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء»(). واشكروا ربكم، وأكرموا نعمته، كلوا من ضحاياكم وأهدوا وتصدقوا، لاترموا مايؤكل منها، من شحومها ولاكروشها، ولا رؤوسها، ومالا تأكلوه منها ضعوه بيد من يأكله، فإنه من حقها وأقرب لقبولها.