القول في تأويل قوله تعالى: ( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون ( 6)) يقول - تعالى ذكره -: ( خلقكم) أيها الناس ( من نفس واحدة) يعني من آدم ( ثم جعل منها زوجها) يقول: ثم جعل من آدم زوجه حواء ، وذلك أن الله خلقها من ضلع من أضلاعه. وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الزمر - الآية 6. [ ص: 255] ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( خلقكم من نفس واحدة) يعني آدم ، ثم خلق منها زوجها حواء ، خلقها من ضلع من أضلاعه. فإن قال قائل: وكيف قيل: خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ؟ وإنما خلق ولد آدم من آدم وزوجته ، ولا شك أن الوالدين قبل الولد ، فإن في ذلك أقوالا أحدها أن يقال: قيل ذلك لأنه روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله لما خلق آدم مسح ظهره ، فأخرج كل نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة ، ثم أسكنه بعد ذلك الجنة ، وخلق بعد ذلك حواء من ضلع من أضلاعه " فهذا قول. والآخر: أن العرب ربما أخبر الرجل منهم عن رجل بفعلين ، فيرد الأول منهما في المعنى بثم ، إذا كان من خبر المتكلم ، كما يقال: قد بلغني ما كان منك اليوم ، ثم ما كان منك أمس أعجب ، فذلك نسق من خبر المتكلم.
خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ (6) قوله تعالى: خلقكم من نفس واحدة يعني آدم - عليه السلام - ثم " جعل منها زوجها " يعني ليحصل التناسل ، وقد مضى هذا في [ الأعراف] وغيرها. وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج أخبر عن الأزواج بالنزول; لأنها تكونت بالنبات ، والنبات بالماء المنزل. وهذا يسمى التدريج ، ومثله قوله تعالى: قد أنزلنا عليكم لباسا الآية. وقيل: أنزل أنشأ وجعل. وقال سعيد بن جبير: خلق. وقيل: إن الله تعالى خلق هذه الأنعام في الجنة ثم أنزلها إلى الأرض ، كما قيل في قوله تعالى: وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد فإن آدم لما هبط إلى الأرض أنزل معه الحديد. لااله الا الله يخلقكم في بطون امهاتكم. وقيل: وأنزل لكم من الأنعام أي: أعطاكم. وقيل: جعل الخلق إنزالا; لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء. فالمعنى: خلق لكم كذا بأمره النازل. قال قتادة: من الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، ومن الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، كل واحد زوج.
وقال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 7-8]. رحلة الجنين في بطن أمه … | عجائب الإنسان. وقال الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ)[سورة لقمان: 43]. وقال الله تعالى: ( اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ) [سورة الرعد: 8]. وقال الله تعالى: ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[سورة آل عمران: 6].
صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول:" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها. إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله. ووسع مُدخلهُ. واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح. صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي.
والوجه الآخر: أن يكون خلقه الزوج مردودا على واحدها ، كأنه قيل: خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ، فيكون في واحدة معنى: خلقها وحدها ، كما قال الراجز: أعددته للخصم ذي التعدي كوحته منك بدون الجهد [ ص: 256] بمعنى: الذي إذا تعدى كوحته ، ومعنى: كوحته: غلبته. والقول الذي يقوله أهل العلم أولى بالصواب ، وهو القول الأول الذي ذكرت أنه يقال: إن الله أخرج ذرية آدم من صلبه قبل أن يخلق حواء ، وبذلك جاءت الرواية عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقولان الآخران على مذاهب أهل العربية. وقوله: ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) يقول - تعالى ذكره -: وجعل لكم من الأنعام ثمانية أزواج من الإبل زوجين ، ومن البقر زوجين ، ومن الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، كما قال - جل ثناؤه -: ( ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين). كما حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم ، قال ، ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: ( من الأنعام ثمانية أزواج) قال: من الإبل والبقر والضأن والمعز. حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) من الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ، ومن الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، من كل واحد زوج.
ووجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو إشارة القرآن الكريم إلى أن عملية تخلّق الجنين تتم في بطون الأمهات عبر ظلمات ثلاث فقال تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ}، وهذا ما كشف عنه علم الأجنة الوضعي. تأخذ البويضة الملقّحة المعروفة بالـ "زيجوت" (Zygot) بعد عملية الإخصاب مدة ثلاثة أسابيع لتكوّن أول كتلة بدنية تُعرف بالحميل، ثم ينمو هذا الحميل ليتحول إلى جنين مع مطلع الأسبوع التاسع، بعدها ينتقل الجنين في نموه من مرحلة إلى أخرى داخل ظلمات ثلاث. ولم يتوصل العلم إلى الكشف عن هذه الظلمات إلا مؤخراً في القرن العشرين، حيث قامت الثورة التكنولوجية وبواسطة آلات التنظير الجوفي (endoscopies) بالكشف عنها ورؤيتها. من بين هؤلاء العلماء الدكتور "كيث مور" صاحب الكتاب الشهير (The Developing Human) - تُرجِم إلى (الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والألمانية والإيطالية واليابانية)- حيث ذكر: "أن الجنين ينتقل في تخلّقه من مرحلة إلى مرحلة داخل ثلاثة أغطية وهي: أ) جدار البطن. ب) جدار الرحم. جـ) المشيمة مع أغشيتها". إن الآية الكريمة تدل كما فسرها علماء التفسير على أن (الظلمات الثلاث) هي تلك الأغطية المحاطة بالجنين خلال مراحل تخلقه (ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا هناد بن السري قال: ثنا أبو الأحوص عن سماك ، عن عكرمة ( في ظلمات ثلاث) قال: الظلمات الثلاث: البطن ، والرحم ، والمشيمة. حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن سماك ، عن عكرمة ( في ظلمات ثلاث) قال: البطن ، والمشيمة ، والرحم. حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس ( في ظلمات ثلاث) قال: يعني بالظلمات الثلاث: بطن أمه ، والرحم ، والمشيمة. حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: ( في ظلمات ثلاث) قال: البطن ، والرحم والمشيمة. [ ص: 259] حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( في ظلمات ثلاث) المشيمة ، والرحم ، والبطن. حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط ، عن السدي ( في ظلمات ثلاث) قال: ظلمة المشيمة ، وظلمة الرحم ، وظلمة البطن. حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( في ظلمات ثلاث) قال: المشيمة في الرحم ، والرحم في البطن. حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول ، في قوله: ( في ظلمات ثلاث): الرحم ، والمشيمة ، والبطن ، والمشيمة التي تكون على الولد إذا خرج ، وهي من الدواب السلى.