وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا الرسول قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك، وقال: يا أُنَيْس، أذهبت حيث أمرتك؟ قال أنس: نعم أنا أذهب يا رسول الله. وحسن معاملة الخادم لا يتوقف على الكلام الطيب والمعاملة الحسنة فحسب.. بل من حسن الخلق في التعامل مع الخادم مساعدته أحياناً في بعض ما يقوم به من أعمال، فهذا السلوك الذي كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثير من صحابته الكرام رضوان الله عليهم ممن كانوا يستعينون بالخدم من شأنه أن يلين قلوبهم، ويطيب خاطرهم ويشعرهم بأنهم من أهل البيت، وليسوا مجرد خدم كل واجبهم تلبية وتنفيذ ما يلقى إليهم من أوامر ونواه. الترغيب في الإحسان إلى الخدم - إسلام ويب - مركز الفتوى. وحسن الخلق في التعامل مع الخادم الذي حثنا عليه الإسلام يفرض علينا أن ندين كل صور الإساءة إلى الخدم التي انتشرت في مجتمعاتنا العربية الآن، ولا بد أن يعلم هؤلاء الذين يسيئون إلى من يقومون على خدمتهم أن ديننا يرفض إهدار حقوق الخدم أو استغلالهم أو إهانتهم، وأن هؤلاء المسيئين والمستغلين والظالمين عقابهم عند الله شديد، وإن فلتوا من عقاب الدنيا ولم تطلهم يد العدالة والإنصاف، فلن يفلتوا من عقاب الله العادل الذي سيحاسبهم على كل أعمالهم وسيقتص منهم لكل مظلوم، ويقول أنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين.
من أبرز الآداب والأخلاق الفاضلة التي يربينا عليها الإسلام التعامل الإنساني الراقي مع الضعفاء والبسطاء، وخاصة «الخدم»، والحرص الشديد على كل ما يوفر لهم مقومات الحياة الكريمة، ويحفظ لهم إنسانيتهم، وينظم العلاقة بينهم وبين من يتعامل معهم خاصة هؤلاء الذين يخدمونهم. والأدب الإسلامي في التعامل مع الخدم لا يقف عند إطعامهم وتقديم الأجر العادل لهم والتعامل الكريم معهم، بل يتجاوز كل ذلك ليوفر لهم الحماية من كل صور الاستغلال والإهانة، فكل البشر في ميزان الإسلام سواسية، لا فرق بين غني وفقير، ومخدوم وخادم، فلا فضل لإنسان على آخر في ميزان الإسلام إلا بالتقوى. لذلك كان كل ما نقرأ عنه ونشاهده من تجاوزات سلوكية في تعامل البعض مع خدمه يمثل خروجاً عن قيم وأخلاق وآداب الإسلام، التي جاءت بكل صور الرحمة والعفو والرأفة بهم والحلم والرفق في التعامل معهم.. فما الأدب الإسلامي في التعامل مع الخادم؟ يقول د.
حرص الإسلام على بناء شخصية المسلم على قيم وأخلاقيات رفيعة حتى تستقيم حياته، ويؤدي رسالته في الحياة، ويسهم بفاعلية في بناء ونهضة مجتمعه، ويواجه بقوة وصلابة كل التجاوزات الأخلاقية عملا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والإسلام في بنائه الأخلاقي للإنسان جاء بكل ما هو راق ومتحضر، وسما بأخلاق أتباعه فوق كل الصغائر، ورسم للإنسان حياة تغلفها كل المعاني الإنسانية. ونحن من خلال هذا الباب نسبح في بحر الأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة لنذكر الأجيال الجديدة من أبناء المسلمين بأن إنسانيتهم العالية تكمن في أخلاقيات الإسلام، وأن ما نعاني منه الآن في معظم مجتمعاتنا العربية والإسلامية من انفلات أخلاقي وبلطجة سلوكية سببه الرئيس ضعف الوازع الديني، واختفاء قيم وأخلاق الإسلام من حياتنا. كفالة الإسلام لحقوق الضعفاء في المجتمع ورعايتهم على أفضل ما تكون الرعاية تجسدان أخلاقيات الإسلام العالية، وكل من تعرف إلى شريعتنا الإسلامية يقف على مدى اهتمامها بحقوق الضعفاء، وتوفيرها كل أشكال الحماية لهم من الذين قد يدفعهم المال أو المنصب أو السلطان إلى ظلم عباد الله والإساءة إليهم. وأخلاق الإنسان ومعدنه وأصالته الإسلامية لا تظهر إلا من خلال تعامله مع الضعفاء والبسطاء من الناس، وكلما ارتفعت أخلاق الإنسان وارتقت، زاد تواضعه، وشاعت إنسانيته، وعم ذوقه وحسن خلقه على كل المحيطين به.