وكذا القول في المرض الثاني ، وهو الحمية من قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء:29]، فإنه استنبط منه جواز التيمم عند خوف استعمال الماء البارد. صلاة أهل الأعذار – e3arabi – إي عربي. والثالث من قوله تعالى: ﴿ أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ ﴾ [البقرة: 196]، فإنه أشير بذلك إلى جواز حلق الرأس الذي منع منه المحرم؛ لاستفراغ الأذى الحاصل من البخار المحتقن في الرأس. وأخرج مالك في "الموطأ": عن زيد بن أسلم مرسلاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجُلين: (أيكما أطب؟)، فقالا: يا رسول الله، وفي الطب خير؟ قال: (أنزل الداء الذي أنزل الدواء) [9] " [10]. وقال البخاري: "باب: هل يداوي الرجلُ المرأةَ والمرأةُ الرجلَ؟ وذكر حديث رُبيع بنت معوذ ابن عفراء، قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة [11] ".
مواضع صفة الصلاة صلاة أهل الأعذار المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع قوله: (ولمريض الصلاة مستلقياً مع القدرة على القيام؛ لمداواة بقول طبيب مسلم ثقة، وله الفطر بقوله: إن الصوم مما يُمكِّن العلة) [1]. قال في "الشرح الكبير": "مسألة: وإذا قال ثقات من العلماء بالطب للمريض: إن صليت مستلقياً أمكن مداواتك، فله ذلك، وهذا قول جابر بن زيد والثوري وأبي حنيفة [2] ، قال القاضي: وهو قياس المذهب [3] ، وكرهه عبيد الله بن عبدالله بن عتبة وأبو وائل. وقال مالك [4] والأوزاعي: لا يجوز؛ لما روي عن ابن عباس: أنه لما كف بصره أتاه رجل فقال: لو صبرت علي سبعة أيام لم تصل إلا مستلقياً داويت عينك ورجوت [137أ] أن تبرأ، فأرسل في ذلك إلى عائشة وأبي هريرة وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلهم قال له: إن مت في هذه الأيام، ما الذي تصنع بالصلاة؟! كبير السن العاجز عن الصيام يفطر ويطعم عن كل يوم كيلو ونصف - موقع محتويات. فترك معالجة عينه [5].
وكذا إن خافَ انقِطَاعاً عَن رُفْقَتِه بنُزُولِه أو على نَفْسِه, أو عَجَزَ عَن رُكُوبٍ إن نَزَلَ، وعليه ِ الاستِقْبَالُ وما يَقْدِرُ عليهِ. و (لا) تَصِحُّ الصَّلاةُ على الرَّاحِلَةِ (للمَرَضِ) وَحْدَهُ دُونَ عُذْرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، ومَن بسَفِينَةٍ وعَجَزَ عَن القِيَامِ فيها والخُرُوجِ مِنْهَا, صَلَّى جَالِساً مُسْتَقْبِلاً, ويَدُورُ إلى القِبْلَةِ كُلَّمَا انحَرَفَت ِ السَّفِينَةُ بخِلافِ النَّفْلُ.
وقال الحافظ في كتاب الطب: "والطب نوعان: طب جسد، وهو المراد هنا، وطب قلب، ومعالجته خاصة بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى، وأما طب الجسد: فمنه ما جاء في المنقول عنه صلى الله عليه وسلم، ومنه ما جاء عن غيره، وغالبه راجع إلى التجربة، ثم هو نوعان: • نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر؛ بل فطر الله على معرفته الحيوانات، مثل: ما يدفع الجوع والعطش. • ونوع يحتاج إلى الفكر والنظر؛ كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال، وهو إما إلى حرارة أو برودة، وكل منهما إما إلى رطوبة أو يبوسة، أو إلى ما يتركب منهما، وغالب ما يقاوم الواحد منهما بضده والدفع قد يقع من خارج البدن، وقد [137ب] يقع من داخله، وهو أعسرهما والطريق إلى معرفته بتحقق السبب والعلامة، فالطيب الحاذق هو الذي يسعى في تفريق ما يضر بالبدن جمعه أو عسكه، وفي تنقيص ما يضر بالبدن زيادته أو عكسه، ومدارك ذلك على ثلاثة أشياء: حفظ الصحة، والاحتماء عن المؤذي، واستفراغ المادة الفاسدة، وقد أشير إلى الثلاثة في القرآن. فالأول من قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 185]، وذلك أن السفر مظنة النصب، وهو من مغيرات الصحة، فإذا وقع فيه الصيام ازداد؛ فأبيح الفطر إبقاء على الجسد.