ثم يأتي فتح الله عليه ويُمكن له ببلاد مصر والحكم بها. ولما حاول اليهود قتل عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾. [النساء/158]، وهكذا كان الأمر أيضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين مكر به الكفار ليقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه من بلدته ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال/30]، وحاولوا أن يصدوا الناس عن الإيمان به وبدعوته وحاربوه وألبوا عليه القبائل لكن يأبى الله العزيز إلا أن يفتح على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾. معنى اسم الله العزيز. [الفتح/1]. فإن العزيز في الدنيا والآخرة هو من أعزه الله ﴿ … وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران/26]. فمن طلب العز فليطلبه من رب العزة ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا …. ﴾ [فاطر/10]، ومن كان يحب أن يكون عزيزًا في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تحصل له العزة. فمع عظم الطاعة تزداد العزة ولذا فأعز الناس هم الأنبياء ثم الذين يلونهم من المؤمنين المتبعين لهم وعزة كل أحد بقدر علو رتبته في الدين فإنه كلما كانت هذه الصفة فيه أكمل كان أشد عزة وأكمل رفعة ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون/8] ، وإذا استبدل طاعته بذنوب ومعاصي فلا يعجب إذا وجد ذلة وصغار خاصة إذا كانت ذنوب كالكبر والعجب.. فصاحبها يأبى الله العزيز إلا أن يذله حتى يعرف قدر نفسه.
والعزيز اسم من أسماء الله تعالى, وهو من أكثر الأسماء الحسنى الواردة في القرآن بعد لفظ الجلالة, ورد أكثر من ثمانين مرة, قال تعالى: ( كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة:21]، وقال: ( يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [النمل: 9], وقال: ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء: 9]. ومحمد -صلى الله عليه وسلم- أثنى على ربه، فوصفه بأنه صاحب العز التام، قال -صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -عَز وجلَّ-: العِزُّ إِزارِي والكِبرِياءُ رِدائي، فَمن نَازعني بِشيءٍ مِنهُما عَذبتُه " (مسلم). شرح اسم الله ( العزيز ). عباد الله: والعزيز في لغة العرب هو: القوي الغالب، الجليل الشريف، والمنقطع النظير. والعزيز -سبحانه- له معانٍ منها: أنه الذي لا مثيل له، ولا مشابه ولا نظير, والعزيز: المعز لمن يشاء من عباده, وأيضاً: الفرد الذي يحتاجه كل شيء في كل شيء, ومن معاني العزيز: هو القوي الشديد الغالب، الذي لا يقهر ولا يغلب. ولعزة الله دلالات كثيرة، منها: عزة الغلبة والقهر فجميع المخلوقات مقهورة لله، خاضعة لعظمته، منقادة لإرادته وعزته، مشيئته نافذة فيهم، لا يتحرك متحرك، ولا يتصرف متصرّف إلا بعزته وقوته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.