الفتوى واختلاف المجتمع كل أحد يعرف أن تتبع مثل هذه الأقوال المخالفة لما دلت عليه الأدلة الشرعية ، ولما عليه أهل العلم من الأمور التي لا تحل ولا تجوز ، والواقع المعاصر لا يعترف بالحدود الجغرافية والأعراف الإقليمية ، وهذه إشكالية كبيرة ، إذ يفتي المفتي بفتوى تبيح أمرًا قد استقر في أذهان فئة معينة تحريمه ، فهذا يحدِثُ إشكالاً كبيرًا. حل الوحدة السابعة عشرة الفتوى والاستفتاء فقه 2 مقررات - حلول. هذه الفتاوى صالحة لمجتمعات معينة ، لكنها لو عمل بها في مجتمعات أخرى مثل مجتمعنا لأحدثت فوضى كبيرة ، إذ إن أولياء الأمور ، ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمجتمع بأسره لا يقبل كشف الوجه ، بل يعاقب على ذلك بل إن كثيرًا من النساء الحريصات على العفة والستر في مجتمعنا ، لا يرضين بالظهور أمام الأجانب إلا بالعباءة السوداء ، الساترة لجميع البدن ولا يرضين بغيرها من الأغطية التي قد تستخدمها بعضهن أمام غير المحارم من الأقارب. فمثل هذه الفتوى لو تعامل المجتمع معها بالرفض التام والتجاهل ، لكان الوضع مقبولاً طبعيًا إذ يستفيد منها غيره لكن الواقع أن مثل هذه الفتاوى تجر وراءها محظورات متعددة. تعريف الاستفتاء والمستفتي عند عمل بحث عن بحث عن الفتوى والاستفتاء نجد أن الركن الآخر لعملية الفتوى هو المستفتي ، وهو في الحقيقة ركن هام ويدور حوله أمور خطيرة من أكثرها أهمية وتأثيرًا اتباع الهوى وتتبع الرخص ، وإن اتباع الهوى قضية خطيرة ، غفل عنها كثير من الناس ورأوا أنه إذا وجدت الفتوى في إباحة محظور فقد حل ، دون نظر إلى المفتي ، ولا إلى وقت الفتوى ، ولا إلى الملابسات التي قد تكتنف الأمر ، ودون نظر إلى ضوابط الفتوى التي نص عليها العلماء.
مفهوم الفتوى لغةً واصطلاحاً – تعد كلمة فتوى في من الأسماء، والجمع فتاوي وفتاو وفتاوى، ومن الممكن أن يقال: أفتى يُفتي، وأَفْتِ، وإفتاءً، فهو مُفتٍ، والمفعول منه مُفتىً، ويقال: أفتى في المسألة، أي: وضحها وأرشد السائل بحكمها الصحيح، وأفتى في المنام، أي: فسر الرؤيا وعبرها، والمقصود منها الجواب عن ما هو مشكل من المسائل في علوم القانون والشرع، ويطلق على مكان المفتي دار الفتوى، حيث أنها مكان عمله والمقر الخاص به. – أما المفهوم الاصطلاحي للفتوى من أهل العلم، فهي الكشف عن الأحكام الشرعية للسائلين عنها، وهم المستفتين، ويطلق على ذلك الأمر الاستفتاء، ومن الممكن أن تصدر الفتوى بدون سؤال لتوضيح حكم أحد النوازل، أو أحد الحوادث التي استجدت والهدف منها تصحيح أفعال الناس وأقوالهم وكافة أحوالهم، ويطلق على القائم بتلك المهمة المفتي، نظرا لأنهم عالم بكافة الأحكام والمستجدات الشرعية، وقد أعطاه الله من العلم ما يجعله يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، واسقاطه على الحالة المستفتى فيها، لهذا تعتبر من أعظم الأمور وذات الشأن الكبير، فهي توقيع عن المولى عز وجل، وبيان لإرادته من الأحكام التشريعية. شروط المفتي – تعد مسألة الفتوى مهمة للغاية، لذلك يشترط على من يقدمها عدد من الشروط، حيث قال الإمام النووي في مسألة الشروط: (شَرط الْمُفْتِي كَونه مُكَلّفا مُسلما ثِقَة مَأْمُونا متنزِّهاً عَن أَسبَاب الْفسق وخوارم الْمُرُوءَة)، أما باقي الشروط فهي كالتالي: – أن يكون المفتي لى دراية تامة بالأحكام لشرعية التي يفتي بها، وأن يستنبط فتواه من خلال عدد من الأدوت التي قام بتدوينها علماء الأصول ومنها علم الناسخ والمنسوخ، والعلم بكتاب الله وسنة رسوله، حتى يصبح قادرا على أن يستنبط الحكم الشرعي من مصادره، بشرط التحري عن الأدلة القوية.
– أن يكون المفتي تصورا وافيا كاملا في عقله عن السؤال حتى يتمكن من الحكم عليه، حيث أن الحكم في الأمور يتوقف على تصورها، ويلزمها التفاصيل في الأمور، ففي حالة السؤال عن الأكل بعد فجر شهر رمضان فيجب أن يستفهم من المستفتي إن كان القصد من السؤال هو الفجر الأول أم الثاني. – يجب على المفتي أن يكون صحيح في استنباطه، وصحيح في قريحته، وإلا فلن تصبح الفتوى صالحة، حيث أن عليه أن يكون متيقظ وفطين حتى لا ينخدع في الناس ويقع ضحية لمكر البعض منهم. – على المفتي أن يتسم بهدوء البال واستقرار النفس من كافة الأوجه، فذلك يساعده على تصور المسألة واستنباط الحكم فيها بصورة صحيحة، لذلك يوصي العلماء بعدم إصدار الفتاوى في حالة انشغال الذهن وشروده والغضب وتشتت التفكير استنادا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقضي القاضي بيْنَ اثنَيْنِ وهو غضبانُ). – وقد ورد على لسان الإمام أحمد أنه يجب أن يتوافر في المفتي خمسة خصال، وهم أن يخلص نيته لله سبحانه وتعالى للاسترشاد بفتح الله ونوره، ويجب أن يكون صاحب حلم ويتسم بالوقار والحلم، كما يجب عليه أن يكون قوي في التعرف على الحق والفتوى به، وأن يكون واحدا من أهل الكفاية ولا يحتاج إلى دنيا الناس، وأن يكون على قدر من التعرف على الناس وبيئاتهم وأحوالهم على أكمل وجه.
فقد قرن الله تعالى القول عليه بغير علم بالفواحشِ الظاهرة والباطنة، والإثم والبغي والشرك؛ للدلالة على عظم هذا الذنب، وقُبحِ هذا الفعل. ومما يدلُّ أيضًا على حرمة القول على الله تعالى بغير علم: { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ*مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل:116، 117]. تعريف الضوابط في اللغة: جمع ضابط، وهو مأخوذ من ضبط الشيء يضبطه ضبطًا: أي حفظه حفظًا بليغًا أو حازمًا، ومنه قيل:ضبطت البلاد، إذا قمت بأمرها قيامًا حازمًامحافظًا عليها. والضبط:لزوم الشيء وحبسه وحصره. والضبط: الإتقان والإحكام. والضابطُ في الاصطلاح الفقهي استُعمِلَ في عدة معانٍ أقربها لموضوعنا هو: الضوابط الفقهية على الشروط والأسباب المتعلقة بأمر من الأمور، ومثاله: أنَّ الشافعية اشترطوا لانعقاد الجمعة أربعين، وذكر النووي ضابط انفساخ العقد بالأسباب التالية: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار العيب، وخيار الخلف، بأن شرط في العبد كونه كاتبًا، فخرج غير كاتب،والإقالة، والتحالف، وتلف المبيع قبل القبض.