عباد الله: قال الله -تعالى-: ( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان:13]؛ "قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ ابْنَ لُقْمَانَ كَانَ مُشْرِكًا فَلَمْ يَزَلْ لُقْمَانُ يَعِظُهُ حَتَّى آمَنَ بِالله وَحْدَهُ"(التحرير والتنوير: 21/154). هذه هي الوصية الأولى من تلك الموعظة العظيمة: أنَّه أمره بترك الشرك الذي من لوازمه القيام بالتوحيد وهو " إفراد الله -تعالى- بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات "(ينظر القول المفيد على كتاب التوحيد: 1/11). قال الإمام السعدي -رحمه الله- عن الشرك: " ووجه كونه عظيماً، أنَّه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب، بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئاً، بمن له الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه " (تفسير السعدي: ص648). تحليل نص "يا بني"، من وصايا لقمان لابنه، للسنة الأولى إعدادي.. فالشرك -يا عباد الله- هو أعظم ذنب عند الله، عَنْ عَبْدِ الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: " أَنْ تَجْعَلَ لِلهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ "(أخرجه الشيخان).
الخُطبةُ الأُولَى: الحمد لله الذي أنزل القرآن وبيَّن فيه الحلال والحرام، وقصَّ فيه القصص والمواعظ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما. أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فإنَّ أجسادكم على النار لا تقوى. من وصايا لقمان لابنه الحكيم السنه الخامسه. عباد الله: من عباد الله الصالحين من آتاه الله الحكمة، فأنطق لسانه بها، فدرجت على ألسن الناس جيلاً بعد جيل، ومن هؤلاء الصالحين وأوليائه المتقين، لقمان الحكيم يقول الله -تعالى-: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ)[لقمان: 12]. والحكمة نعمة ومِنَّة من الله، يُنعم بها على من يشاء من عباده، قال -تعالى-: ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)[البقرة:269]؛ قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: " أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ، قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَمَالِكٍ -رحمهما الله-: إِنَّهَا مَعْرِفَةُ الْحَقِّ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَالْإِصَابَةُ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ " (مدارج السالكين: 2/448).
عبد العزيز حنان الدار البيضاء في 24 أبريل 2022 الزمن ؛ قبل صلاة المغرب. المكان ؛ المسجد الكبير على أطراف الحي. خفت الحركة في هذا الوقت فالغالبية حول موائد الإفطار إلا من قلة فضّلت الصلاة بالمسجد على البيت. و كالعادة لم يخلُ الفضاء أمام المسجد من بعض الباعة و عدد من المتسولين. كان المؤذن قد انتهى من الآذان و بدأ في إقامة الصلاة ، و أنا أدلف المسجد لفت انتباهي شخص جالس في مكان منزوي خارج المسجد. هيأته لا تدل على كونه من الباعة و لا من المتسولين بلباس تقليدي أنيق و على رأسه طاقية مراكشية. بعد الصلاة دفعني الفضول إلى إلقاء نظرة على المكان فوجدت الرجل مازال في جلسته. تقدمت نحوه سائلا: – سيدي ، أنت بخير ؟ رفع نحوي رأسه و لم ينبس بكلمة ، ثم عاد لوضعه. أعدت السؤال في اقتضاب: – الحمد لله. رجل ستيني بوجه يشع بياضا تزينه حمرة ظاهرة لكن بعينين أشد احمرارا. طلبت منه أن يرافقني لمشاركتي الإفطار ، رفع ناظريه إلي و أردف: – بارك الله فيك. من وصايا لقمان لإبنه. دعني في جوار بيت الله أحتاج لهدوء و راحة أكثر. ألححت عليه ، و بقدر الإلحاح بقدر إصراره على المكوث بذات المكان. تسارعت الأسئلة و الاحتمالات حول الرجل عن سبب وجوده بالمكان.
وقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: " أَيْ بُنَيَّ وَاصِلْ أَقْرِبَاءَكَ، وَأَكْرِمْ إِخْوَانَكَ، وَلْيَكُنْ أَخْدَانُكَ مَنْ إِذَا فَارَقْتَهُمْ وَفَارَقُوكَ لَمْ تُعَبْ بِهِمْ "(الإخوان لابن أبي الدنيا: ص102).