حيث كان من المعروف عنه البطش الشديد وكان يسوس الناس بالخوف والذعر. لذا امتثل الناس لأمر معاوية وشرعوا يدعونه بزياد بن أبي سفيان خوفاً من بطشه وظلمه. كما أنه كان يعلم جيداً أن العرب لا تسخر من شيء كما تسخر ممن يدعي لغير أبيه. لذا فإن هذا الأمر كان كفيل بجعله يستخدم سياسية القوة مع الناس لإرغامهم. وإلى هنا يسدل الستار عن قصة زياد بن أبيه ونسبه المجهول، ولم يعرف أحد حتى وقتنا الحالي زياد ابن من؟ إلا أن من الواضح المعروف هو أنه زياد بن سمية. المراجع: سير أعلام النبلاء – شمس الدين الذهبي. على هامش السيرة – طه حسين.
[ ص: 545] عبيد الله بن زياد بن أبيه أمير العراق أبو حفص ، ولي البصرة سنة خمس وخمسين وله ثنتان وعشرون سنة ، وولي خراسان ، فكان أول عربي قطع جيحون ، وافتتح بيكند ، وغيرها. وكان جميل الصورة ، قبيح السريرة. وقيل: كانت أمه مرجانة من بنات ملوك الفرس. قال أبو وائل: دخلت عليه بالبصرة وبين يديه ثلاثة آلاف ألف درهم جاءته من خراج أصبهان وهي كالتل. روى السري بن يحيى ، عن الحسن قال: قدم علينا عبيد الله ، أمره معاوية ، غلاما سفيها ، سفك الدماء سفكا شديدا ، فدخل عليه عبد الله بن مغفل فقال: انته عما أراك تصنع ؛ فإن شر الرعاء الحطمة. قال: ما أنت وذاك ؟ إنما أنت من حثالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: وهل كان فيهم حثالة لا أم لك. قال: فمرض ابن مغفل ، فجاءه الأمير عبيد الله عائدا فقال: أتعهد إلينا شيئا ؟ قال: لا تصل علي ، ولا تقم على قبري. قال الحسن: وكان عبيد الله جبانا ، ركب ، فرأى الناس في [ ص: 546] السكك ، فقال: ما لهؤلاء ؟ قالوا: مات عبد الله بن مغفل. وقيل: الذي خاطبه هو عائد بن عمرو المزني كما في " صحيح مسلم " فلعلها واقعتان. وقد جرت لعبيد الله خطوب ، وأبغضه المسلمون لما فعل بالحسين - رضي الله عنه - فلما جاء نعي يزيد هرب بعد أن كاد يؤسر ، واخترق البرية إلى الشام ، وانضم إلى مروان.
كانت في ابن زياد جرأة وإقدام ومبادرة إلى ما لا يجوز، وما لا حاجة له به، لما ثبت في الحديث الذي رواه أبو يعلى ومسلم، عائذ بن عمرو دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم». فقال له: اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كان فيهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم. دخل عبيد الله بن زياد على معقل بن يسار يعوده فقال له: إني محدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من رجل استرعاه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة». لما مات معقل بن يسار صلى عليه عبيد الله بن زياد ولم يشهد دفنه، واعتذر بما ليس يجدي شيئا وركب إلى قصره، ومن جراءته إقدامه على الأمر بإحضار الحسين إلى بين يديه وإن قتل دون ذلك، وكان الواجب عليه أن يجيبه إلى سؤاله الذي سأله فيما طلب من ذهابه إلى يزيد أو إلى مكة أو إلى أحد الثغور، فلما أشار عليه شمر بن ذي الجوشن بأن الحزم أن يحضر عندك وأنت تسيره بعد ذلك إلى حيث شئت من هذه الخصال أو غيرها، فوافق على رأي شمر على ما أشار به من إحضاره بين يديه فأبى الحسين أن يحضر عنده ليقضي فيه بما يراه ابن زياد.