الوجه الأول: أن يكون عائدا إلى ( أفمن اتبع رضوان الله) وتقديره: أفمن اتبع رضوان الله سواء ، لا بل هم درجات عند الله على حسب أعمالهم ، والذي يدل على أن هذا الضمير عائد إلى من اتبع الرضوان وأنه أولى ، وجوه: الأول: أن الغالب في العرف استعمال الدرجات في أهل الثواب ، والدركات في أهل العقاب. الثاني: أنه تعالى وصف من باء بسخط من الله ، وهو أن مأواهم جهنم وبئس المصير ، فوجب أن يكون قوله: ( هم درجات) وصفا لمن اتبع رضوان الله. الثالث: أن عادة القرآن في الأكثر جارية بأن ما كان من الثواب والرحمة فإن الله يضيفه إلى نفسه ، وما كان من العقاب لا يضيفه إلى نفسه ، قال تعالى: ( كتب ربكم على نفسه الرحمة) [الأنعام: 54] وقال: ( كتب عليكم القصاص) [البقرة: 178] ( كتب عليكم الصيام) [البقرة: 183] فلما أضاف هذه الدرجات إلى نفسه حيث قال: ( هم درجات عند الله) علمنا أن ذلك صفة أهل الثواب. ورابعها: أنه متأكد بقوله تعالى: ( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) [الإسراء: 21]. والوجه الثاني: أن يكون قوله: ( هم درجات) عائدا على ( كمن باء بسخط من الله) والحجة أن الضمير عائد إلى الأقرب وهو قول الحسن ، قال: والمراد أن أهل النار متفاوتون في مراتب العذاب ، وهو كقوله: ( ولكل درجات مما عملوا) [الأنعام: 132] وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن فيها ضحضاحا وغمرا ، وأنا أرجو أن يكون أبو طالب في ضحضاحها " وقال عليه الصلاة والسلام " إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل يحذى له نعلان من نار يغلي من حرهما دماغه ينادي يا رب ، وهل أحد يعذب عذابي ؟!
احيي من جديد الاخت ام ندى على مواضعها القيمة ، ومما يزيدني فرحا وحبورا ان هدا المنتدى سيبقى ان شاء الله شاهدا على حبنا لله ولرسوله، وجهادنا في سبيل اعلاء كلمة الله ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أم ندى عضو مميز عدد الرسائل: 546 الموقع: في أرض الله الواسعة الجنسيه: عربيه: تاريخ التسجيل: 05/05/2011 موضوع: رد: ( هم درجات عند الله) الإثنين يونيو 06, 2011 11:07 pm بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد ،،، الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد: فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه أنه قا ل: الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة قالو لمن يا رسول الله ؟ قال: لله، ولكتابه ، ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.. متفق علي ه. وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم.. متفق عليه.
[ ص: 367] القول في تأويل قوله تعالى ( هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون ( 163)) قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أن من اتبع رضوان الله ومن باء بسخط من الله ، مختلفو المنازل عند الله. فلمن اتبع رضوان الله ، الكرامة والثواب الجزيل ، ولمن باء بسخط من الله ، المهانة والعقاب الأليم ، كما: - 8172 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: " هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون أي: لكل درجات مما عملوا في الجنة والنار ، إن الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته.. 8173 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: " هم درجات عند الله " ، يقول: بأعمالهم. وقال آخرون: معنى ذلك: لهم درجات عند الله ، يعني: لمن اتبع رضوان الله منازل عند الله كريمة. ذكر من قال ذلك: 8174 - حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: " هم درجات عند الله " ، قال: هي كقوله: ( " لهم درجات عند الله "). 8175 - حدثنا محمد قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا أسباط ، عن السدي: " هم درجات عند الله " ، يقول: لهم درجات عند الله. [ ص: 368] وقيل: قوله"هم درجات" كقول القائل: "هم طبقات" ، كما قال ابن هرمة: أرجما للمنون يكون قومي لريب الدهر أم درج السيول وأما قوله: "والله بصير بما يعملون" ، فإنه يعني: والله ذو علم بما يعمل أهل طاعته ومعصيته ، لا يخفى عليه من أعمالهم شيء ، يحصي على الفريقين جميعا أعمالهم ، حتى توفى كل نفس منهم جزاء ما كسبت من خير وشر ، كما: - 8176 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق: " والله بصير بما يعملون " ، يقول: إن الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته..
( هُم درجاتٌ عِند الله) فمن الناس من هو مؤمن و لإيمانه درجات و منهم من هو مسلم و لإسلامه درجات و منهم البارٌ لوالديه و للبر درجات ( فالناس لم يبروا فقط بل تسابقوا لذلك) و منهم العاصي و للمعصية درجات و بِحسب إمراءٍ أن يضع هذا في ما هو غادٍ و ما هو آت لأرتقى و ربي لأعلى تلك الدرجات (( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)) «132»البقرة ( هُم درجاتٌ عِند الله) عندما زار الخليفة الفاروق بلاد الشام.. ذهب لزيارة أخيه أبي الدرداء ليلاً.. فدفع الباب فإذا هو بغير غَلَق, فدخل في بيت مظلم لا ضوء فيه, فلما سمع أبو الدرداء حسه قام إليه, ورحب به وأجلسه. فجسّ عمر وسادَ أبي الدرداء فإذا هو بردعة, وجسّ فراشه فإذا هو حصىً.. وجسّ دثاره فإذا هو كساء رقيق لا يفعل شيئا في برد دمشق الشديد.. فقال له: رحمك الله ألمْ أوسع عليك؟ ألم أبعثْ إليك؟! فقال له أبو الدرداء: أتذكر-ياعمر- حديثا حدثناه رسول الله ؟ قال وما هو؟ قال ألم يقل: ( ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) ؟ قال: بلى. قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟! فبكى عمر, وبكى أبو الدرداء.. ( هُم درجاتٌ عِند الله) بينما كانت روح عبد الرحمن بن عوف - الذي كان محظوظا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال: " لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا"..!!
فافتراض أن يكون هذا الجمع على خط واحد في عبادته أو في سلوكه، أو في شكله الظاهر واحتشامه، وطريقة تعبيره عن العفاف والتصون والستر هو افتراض في غير محله. وهو افتراض لم يحدث في أزهى عصور الإسلام؛ لأن أزهى عصور الإسلام قام على مراعاة الفطرة والطبع في محاولة التطبيق العملي للإيمان، بعيداً عن التعسف والتكلّف ومعاندة السنن. نعم السعي للترقي والنضج والكمال مطلب، لكن بطريقة لا تلح عليه؛ حتى تجعله شيئاً لا بد أن يكون، وقد تحدث من الشقاق والعداوة في النفوس والمجتمعات ما هو أشد وأنكى مما حاولت علاجه من الخطأ. نعم السعي للترقي والنضج والكمال مطلب، لكن دون أن يعني إهمال المعاني الإيمانية والحياتية العميقة والباطنة في سبيل إدارة معارك متواصلة حول الإصرار على جزئيات في السلوك، قد يكون معك فيها بعض الحق، لا كله. نعم السعي للترقي والنضج والكمال مطلب، لكن دون أن تتحول بعض السلوكيات الظاهرة التي تراها العيون إلى معيار نهائي للحكم على الناس، وتمييز بعضهم من بعض، فالتفاضل أصله بالتقوى، يقول الله جلّ وعلا: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، والتقوى في القلب أولاً، وفي الجوارح والسلوك ثانياً. إنه ليس من مصلحة التدين أن يربط ربطاً حاسماً بأنماط من الممارسة الاجتماعية أو السلوك الشخصي، وكأنه يفقد أو ينهار إذا طرأ عليها أي تعديل.