[5] لو أقام المسافر وهو صائم هل يفطر من الأحوط للمسلم الصائم أن يتمّ صومه لو أقام في بلدة أو مدينة خلال سفره أكثر من أربعة أيّام، فالأفضل له أن يصوم سدًا للذرائع، وخروجًا من خلاف أهل العلم، القائلين أنّ المسافر متى عزم على إقامة مدة تزيد على أربعة أيام فليس له القصر ولا الفطر، والاحتياط في الدين مطلوبٌ شرعًا عند اشتباه الأدلة، فمن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، والله ورسوله أعلم. [6] انتهاء رخصة الفطر للمسافر تنتهي رخصة الفطر للمسافر بوصوله للبلد التي يتحقق فيها صفة الإقامة له، ويقال له فيها مقيم، وينوي الإقامة فيها، ويكون بذلك انتهت عنه صفة السفر، فلو زالت صفة السفر وهي العذر والرخصة لفطر الصائم، زالت إباحة الفطر له، فهو يتعامل بأحكام المقيم الذي يجب عليه الصوم ولا يجوز له الفطر بغير عذر والله ورسوله أعلم. [7] بهذا نصل لختام مقال متى يفطر المسافر في رمضان ، والذي بيّن حكم فطر المسافر، وبيّن عديد الأحكام الشرعية الهامة لفطر المسافر في نهار رمضان ومتى تنتهي رخصة الفطر للمسافر.
متى يفطر المؤذن ؟ هو أحد الأسئلة المهمّة التي لا بدّ من الإجابة عنها، فلا بدّ للمسلم من أن يعرف كل ما يخص صيامه وإفطاره في رمضان، فهو شهر ليس كباقي شهور العام، يزيد الله تعالى فيه أرزاق عباده المؤمنين، ومن فطَّر فيه صائماً، فإنّ الله يغفر له ذُنوبه، ويُعتِق رقبته من النار، يجعل الله تعالى فيه الرحمة، والمغفرة، والعِتق من النار، وفيه مواطن كثيرة للدعاء، يُوجِب قيام ليله في طاعة الله تعالى غُفران الذنوب، ويُكفّرها صيامه أيضًا.
«عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أخبره أن رسول الله ﷺ خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر قال وكان صحابة رسول الله ﷺ يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره. » [1] قال النووي: قال بعض أهل الظاهر: لا يصح صوم رمضان في السفر، فإن صامه لم ينعقد، ويجب قضاؤه؛ لظاهر الآية ولحديث ليس من البر الصيام في السفر، وفي الحديث الآخر: «أولئك العصاة» وذكر أن هذا محمول على من يجهده الصوم في السفر. قال النووي: « وقال جماهير العلماء وجميع أهل الفتوى: يجوز صومه في السفر، وينعقد ويجزيه، واختلفوا في أن الصوم أفضل أم الفطر أم هما سواء؟ فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي والأكثرون: الصوم أفضل لمن أطاقه بلا مشقة ظاهرة، ولا ضرر، فإن تضرر به؛ فالفطر أفضل، واحتجوا بصوم النبي ﷺ ، وعبد الله بن رواحة وغيرهما، وبغير ذلك من الأحاديث؛ ولأنه يحصل به براءة الذمة في الحال.
فقال سالم: إنما أخذت عن ابن عمر، وقال عروة: إنما أخذت عن عائشة. حتى ارتفعت أصواتهما. فقال عمر بن عبد العزيز: اللهم عفوا، إذا كان يسرا فصوموا، وإذا كان عسرا فأفطروا. عن خيثمة قال: سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر قال: قد أمرت غلامي أن يصوم فأبى، قلت: فأين هذه الآية: «ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر»؟ قال: نزلت ونحن يومئذ نرتحل جياعا وننزل على غير شبع، وإنا اليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع. عن عاصم عن أنس: أنه سئل عن الصوم في السفر فقال: من أفطر فبرخصة الله، ومن صام فالصوم أفضل. عن طلحة بن عمرو عن عطاء قال: من صام فحق أداه، ومن أفطر فرخصة أخذ بها. عن حماد عن سعيد بن جبير قال: الفطر في السفر رخصة، والصوم أفضل. عن حجاج عن عطاء قال: هو تعليم وليس بعزم -يعني قول الله: «ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر»، إن شاء صام وإن شاء لم يصم. سئل مجاهد عن الصوم في السفر قال: كان رسول الله ﷺ يصوم فيه ويفطر. وقال: إنما هي رخصة، وأن تصوم رمضان أحب إلي. قال أبو جعفر: « وهذا القول عندنا أولى بالصواب، لإجماع الجميع على أن مريضا لو صام شهر رمضان -وهو ممن له الإفطار لمرضه- أن صومه ذلك مجزئ عنه، ولا قضاء عليه إذا برأ من مرضه بعدة من أيام أخر، فكان معلوما بذلك أن حكم المسافر حكمه في أن لا قضاء عليه إن صامه في سفره.