وتبين الآية ما هي كفارة اليمين التي تجبُ فيها الكفارةُ، هي اليمين المنعقدة دونَ يمينِ اللّغو، ويمينُ الّلغو: هي اليمينُ التي لا يقصدها صاحِبُها، كما تُبيِّنُ الآية كيفية إخراجها على خياراتٍ عدّة؛ فإما إطعامُ عشرةِ مساكين، أو كسوتهم، أو تحريرُ رقبةٍ، أمّا الصيام. وجاءَ في صحيح البُخاري عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا حَلَفْتَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، وكَفِّرْ عن يَمِينِكَ)، لذلك لابد من معرفة ما هي كفارة اليمين على أن التّكفير عن اليمين والحنث بها يكونُ أفضلُ من البّرِ بها في أوضاعٍ معينة. ما كفارة اليمين - موضوع. شروط وجوب كفارة اليمين يَشترِطُ الفقهاءُ لِصحَةِ اليمينِ شروطاً كثيرة، فإن تجتمع هذه الشّروط في الحالفُ وجبت عليه الكفارة، وهذه الشروط هي: أن يكونَ الحالف مُسلماً: فالإسلامُ هو الشّرطُ الأول لصحةِ كُلِّ العبادات. أن يكون الحالفُ بالغاً عاقلاً: لا تصحُّ يمينُ الصّغير وتصحُ يمينُ المجنونِ، لأنّ كليهما غير مُكلّفين بأداء العبادات. أن يكونَ الحالفُ قاصداً الحلفَ بالله تعالى: والقصد شرطٌ أساسيٌ في اعتبار اليمين ووجوب الكفارة. ويكون هنا التَفريقُ بين اليمين المنعقدة واليمينُ الّلغو، فيمينُ اللغو لا تنعقدُ ولا يترتّبُ على الحنثِ بها كفارة، على عكسِ اليمين المنعقدة التي يقصدها الحالف، ومِن أشكالِ اللغو قوله: "لا والله، وبلى والله".
(١) ج ٥ ص ٣٧١ (٢) - سورة المائدة من الآية ٨٩. (٣) ج ٢٣ ص ٣٢ (٤) سورة المائدة، الآية ٥.
والفرق بين الفقير والمسكين، الفقير المعدم الذي ما عنده شيء بالكلية، أو شيء يسير، والمسكين، لا، عنده بعض الشيء لكن ليست عنده النفقة الكاملة، فالمسكين أحسن حالًا من الفقير. وإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، إذا قيل: الفقير دخل فيه المسكين، وإذا قيل: المسكين دخل فيه الفقير، فإذا جمع بين الفقير والمسكين مثلما في آية الزكاة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60] فالفقير المعدم الذي ما عنده شيء بالكلية، أو عنده شيء يسير، والمسكين الذي عنده بعض النفقة، عنده نصفها، أو ثلثاها، يعني: عنده شيء جيد منها، لكنه ما عنده الذي يكمل سنته، نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا سماحة الشيخ.
[٤] السنة النبويّة وذلك في قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ). [٥] الإجماع إجماع الفقهاء والعلماء على وجوبها، منذ عصر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى يومنا هذا. شروط وجوب كفارة اليمين تجب كفارة اليمين على المسلم إذا توفرت شروط ثلاثة، وهي كما يأتي: [٣] أن تكون اليمين منعقدة أيّ أن يكون صاحبها عازمًا وقاصدًا هذا الحلف، وتتم اليمين المنعقدة عند الحلف بالله -تعالى- أو بأحد أسمائه وصفاته، وبالتالي لا كفارة على يمين اللّغو، التي لا يكون صاحبها قاصداً الحلف فيها. أن يكون الحالف مختارًا عند حلفه فلو حلف مُجبراً ومكرهاً، كمن حلف هروبًا من جور سلطان، فلا تجب عليه الكفارة. توضيح كيفية كفارة اليمين. أن يحنث الحالف في يمينه أن يفعل الحالف خلافًا لما أقسم عليه، وأمّا إن نسي اليمين وحنث بها فلا كفارة عليه. أوجه كفارة اليمين إنّ كفارة اليمين تكون لمن حنث فيها على عدّة وجوه، جاءت مرتّبة في آية اليمين السابقة، وهي على الترتيب التالي: [٦] إطعام الطعام أيّ أن يُطعم الحانث عشرة مساكين، ويكون إطعامه هذا بحسب العرف المشهور في ذلك الزمان، أيّ يكون متوسطًا لا مبالغًا فيه مُكلفًا، ولا يكون شيئًا يسيرًا لا يٌقدّم، بل يجب أن يكون من أوسط ما يُطعم به الرجل أهل بيته.
في قولهِ -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ)، وخالفَ في ذلكَ الحنفيّةُ، إذ لم يشتَرِطوا ذلكَ. ما هي كفارة اليمين وحكم إخراجها نقودا ؟ - صحيفة البوابة. الصيام ثلاثة أيام يلجأُ الحانثُ إلى الصّيامُ في حال لم يتمكّن من الإطعامِ، أو الكسوة، أو تحرير رقبة، وهذا باتّفاقِ الفقهاءِ، وفي صيامِ الكفارةِ عدّة امور، حيث إن العاجز عن الإطعام، والكسوة، وتحرير الرّقبة، هو من لا يَجِدُ أكثرَ مِن قوتِهِ وقوت عيالهِ يومٌ وليلة ممّا يكفيهِ للإطعامِ أو الكسوة. وعند الشافعيّ: العاجزُ الذي يُسمَحُ له بالصّيامِ تكفيراً لليمين هو الفقيرُ الذي يجوزُ إعطاؤهُ الزّكاة، أمّا مسألةُ اشتراطِ التّتابُعِ في الأيامِ الثلاثة، نذكُرُ التفصيلَ فيها على النّحو الآتي: القول الأول: يُشترط التّتابع في صيام كفارة اليمين: وهو رأي الحنفيّة والحنابلة، ويستدلّون على ذلك بأن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كانَ قد قرأَ هذهِ الآية مُضيفاً إليها شَرطَ التّتابع، ولا يوجد في ذلك روايةً صحيحةً. ويَتَرَتَّبُ على اشتراطِ التّتابع أنّ نقض الصيامِ لأيّ عذر كان بضرورةٍ أو غيرها مُبطِلٌ للتتابع وموجِبٌ للإعادة من جديدٍ، وهذا عند الحنفية.
الحمد لله. كفارة اليمين بينها الله تعالى بقوله: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة / 89. فيخير الإنسان بين ثلاثة أمور: 1- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، فيعطي كل مسكين نصف صاع من غالب طعام البلد ، كالأرز ونحو ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا، وإذا كان يعتاد أكل الأرز مثلاً ومعه إدام وهو ما يسمى في كثير من البلدان ( الطبيخ) فينبغي أن يعطيهم مع الأرز إداماً أو لحماً ، ولو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم كفى. 2- كسوة عشرة مساكين ، فيكسو كل مسكين كسوة تصلح لصلاته ، فللرجل قميص (ثوب) أو إزار ورداء ، وللمرأة ثوب سابغ وخمار. 3- تحرير رقبة مؤمنة. فمن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام متتابعة. وجمهور العلماء على أنه لا يجزئ إخراج الكفارة نقودا.