وقوله: ( لأصحاب اليمين) يقول - تعالى ذكره -: أنشأنا هؤلاء اللواتي وصف صفتهن من الأبكار للذين يؤخذ بهم ذات اليمين من موقف الحساب إلى الجنة.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل { عرباً أتراباً} قال: هن العاشقات لأزواجهن اللاتي خلقن من الزعفران ، والأتراب المستويات قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال: نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول: عهدت بها سعدى وسعدى عزيزة *** عروب تهادى في جوار خرائد وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة { فجعلناهن أبكاراً} قال: عذارى { عرباً} قال: عشقاً لأزواجهن { أتراباً} قال: مستويات سناً واحداً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: { عرباً} قال: المغنوجات ، والعربة هي الغنجة. وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سئل عن قوله تعالى: { عرباً} قال: أما سمعت أن المحرم يقال له: لا تعربها بكلام تلذ ذهابه وهي محرمة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن تيم بن جدلم ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العربة الحسنة التبعل وكانت العرب تقول للمرأة إذا كانت حسنة التبعل: إنها العربة. ما تفسير الآية عربا اترابا - أجيب. وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: { عرباً} قال: يشتهين أزواجهن. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: { عرباً} قال: العرب المتعشقات.
وقال زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن: العرب: حسنات الكلام. وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن سهل بن عثمان العسكري: حدثنا أبو علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( عربا) قال: " كلامهن عربي ". وقوله: ( أترابا) قال الضحاك ، عن ابن عباس يعني: في سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة. وقال مجاهد: الأتراب: المستويات. تفسير الآية 37 من سورة الواقعة. وفي رواية عنه: الأمثال. وقال عطية: الأقران. وقال السدي: ( أترابا) أي: في الأخلاق ، المتواخيات بينهن ، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد ، يعني: لا كما كن ضرائر [ في الدنيا] ضرائر متعاديات. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الله بن الكهف ، عن الحسن ومحمد: ( عربا أترابا) قالا: المستويات الأسنان ، يأتلفن جميعا ، ويلعبن جميعا. وقد روى أبو عيسى الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي معاوية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن في الجنة لمجتمعا للحور العين ، يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها ، يقلن: نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له ".
تفسير سورة الواقعة الآية 38 تفسير ابن كثير - القران للجميع وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ 34 إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً 35 فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا 36 عُرُبًا أَتْرَابًا 37 لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ 38 ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ 39 وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ 40 وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ 41 فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ 42 تفسير الآية 38 تفسير لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ وقوله: ( لأصحاب اليمين) أي: خلقنا لأصحاب اليمين ، أو: ادخرن لأصحاب اليمين ، أو: زوجن لأصحاب اليمين. والأظهر أنه متعلق بقوله: ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين) فتقديره: أنشأناهن لأصحاب اليمين. وهذا توجيه ابن جرير. روي عن أبي سليمان الداراني - رحمه الله - قال: صليت ليلة ، ثم جلست أدعو ، وكان البرد شديدا ، فجعلت أدعو بيد واحدة ، فأخذتني عيني فنمت ، فرأيت حوراء لم ير مثلها وهي تقول: يا أبا سليمان ، أتدعو بيد واحدة وأنا أغذى لك في النعيم من خمسمائة سنة! قلت: ويحتمل أن يكون قوله: ( لأصحاب اليمين) متعلقا بما قبله ، وهو قوله: ( أترابا لأصحاب اليمين) أي: في أسنانهم. تفسير سورة الواقعة الآية 38 تفسير ابن كثير - القران للجميع. كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ، من حديث جرير ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ، أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ، ستون ذراعا في السماء ".
والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً تجتمع فيه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن، ويجب أن ينطبق على الصحيح شروط خمس وهي: اتصال السند. عدالة الرواة. ضبط الرواة. انتفاء الشذوذ. انتفاء العلة. قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: [ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْـمُسْنَدُ الّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّا ، وَلا مُعَلَّلًا]. (2) علل الرواية: العِلَّة الأولى: الْـمُسَيَّبُ بن شَرِيْك متروك الحديث. قال الإمامُ الذهبيُّ: [ المسيب بن شريك أبو سعيد التميمي الشَّقَرِي الكوفي عن الأعمش. قال أحمد: تَرَكَ الناسُ حديثه. وقال البخاري: سكتوا عنه. وقال مُسْلِم وجماعة: متروك. وقال الدارقطني ضعيف]. (3) العلة الثانية: موسى بن محمد مجهول الحال. فموسى بن محمد هذا لم أجد له ترجمة في كتب العلماء، ونحن لا نعرف حاله من الثقة والضبط والإتقان. ورواية الـمجهول عندنا مردودة غيرُ مقبولة. قال الإمام أبو عمرو ابنُ الصلاح: [ الْمَجْهُولُ الْعَدَالَةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ جَمِيعًا، وَرِوَايَتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الْجَمَـاهِيرِ].