[٤] وكان للمسلمين النصر العظيم الذي فاجأ القوط النصارى حتى جعلهم يشيعون أنّ طارق بن زياد أقدم على حرق السفن ليستميت جنده بالقتال، وهي رواية ضعيفة لم ينقلها أحد من الثقات، وواضح أن الأوربيين قد اختلقوها ليبرروا انتصار جيش طارق باثني عشر ألف مقاتل على مئة ألف من جند لذريح. [٥] بعد النّصر الكبير تدفق النّاس من الشمال الإفريقي إلى الأندلس للانضمام إلى جيش طارق، فوجد طارق الفرصة سانحة للتوغل في أرض الأندلس، واستغلال الروح العالية لدى جنده مع ضعف المعنوية الذي أصاب القوط، وزّع طارق جيشه الذي ازداد بشكل كبير بين الأنحاء، وقصد هو استجة، وفي الطريق فتح شذونة ومورور، ثم قاتل من تحصن في استجة حتى استسلموا لدفع الجزية، فيما كانت انتصارات السرايا الأخرى التابعة لجيشه في غرناطة وألبيرية ومرسية وقرطبة ، واتجه الجيش إلى طليطلة، ودخلها بدون قتال، ثم تابع شمالًا فحاز قشتالة وليون واسترقة، حتى بلغ خليج غسقونية على المحيط الأطلسي؛ حيث انتهت هناك فتوحاته.
السبب الثاني أنَّ الأندلس كانت تقع تحت حكم قبائل القوط التي تدين بالمذهب الأريوسي، هذا ما أدى إلى وقوع الكاثولييك والكنعانيين وهم سكان الأندلس الأصليين إلى الاضطهاد بسبب اختلاف المذهب الديني، فجاء الفتح الإسلامي ليخلص الناس من الإكراه في الدين والمُعتقد. إضافة إلى الظلم الشديد والاضطراب الذي كان في فترة حكم قبائل القوط للأندلس التي استمرت طيلة ثلاثة قرون، جاء في كتاب "فجر الأندلس" لحسين مؤنس: "لكن سلطانهم لم يستقر في البلاد أول الأمر بسبب ما ثار بينهم وبين أهل البلاد من منازعات دينية، وبسبب ما شجر بين أمرائهم من خلافات، ولهذا ظلت البلاد طوال القرن السادس نهبًا للحروب الأهلية، وما ينجم عنها من الفوضى وسوء الحال". السبب المباشر أن الشعب في الأندلس عندما اشتد عليه ظلم القوط طلب النجدة من المسلمين الذين كانوا في شمال أفريقيا، حيث تشير المصادر إلى أن يوليان حاكم سبتة طلب من موسى بن نصير أن يدخل إلى الأندلس لتخليص الناس من شر الحاكم القوطي لُذريق، والله أعلم.
ابن سعيد، المغرب، ج1، ص49. البكري، جغرافية الأندلس، ص112. النويري، نهاية الأرب، ج22، ص54. العبادي، دراسات، ص248، 263. العذري، نصوص عن الأندلس، ص81، 86، 119. عنان، دولة الإسلام، ج 1، ص266. السامرائي، " الجزائر الشرقية "، ص157. السامرائي، الثغر الأعلى، ص273، 280. مؤنس، المسلمون في حوض البحر المتوسط، ص100. طرخان، المسلمون في أوروبا، ص103. محمود إسماعيل، الأغالبة سياستهم الخارجية، ص154 – 155. العدوي، الأساطيل العربية، ص76. رينو، غزوات، ص190 - 191. الحجي، التاريخ الأندلسي، ص313.