لك ذَكَّارًا "، أي: كثيرَ الذِّكرِ لك في كلِّ الأوقاتِ والأحوالِ، وفي سُؤالِه تعالى التَّوفيقَ إلى الذِّكرِ؛ لأنَّه هو أفضلُ الأعمالِ. " لك رَهَّابًا "، أي: خائِفًا منك في كلِّ أحوالي. " لك مُطيعًا "، وفي روايةٍ: " لك مِطْواعًا "، أي: كثيرَ الطَّوْعِ، وهو الانقيادُ والامتِثالُ والطَّاعةُ لأوامِرِك، والبعدُ عن نَواهيك. " لك مُخبِتًا "، أي: كثيرَ الإخباتِ، وعلامَتُه: أن يَذِلَّ القلبُ بينَ يدَيِ اللهِ تعالى إجلالًا وتذَلُّلًا، أي: لك خاشِعًا متواضِعًا خاضِعًا. "إليك أوَّاهًا مُنيبًا"، والأوَّاهُ هو: كثيرُ التَّضرُّعِ والدُّعاءِ والبُكاءِ للهِ عزَّ وجلَّ، والمنيبُ كثيرُ الرُّجوع إلى اللهِ مِن الذُّنوبِ والخَطايا. " رَبِّ تقَبَّلْ توبَتي "، أي: اجعَلْها صَحيحةً بشَرائِطِها وآدابِها، وتَقبَّلْها منِّي. " واغسِلْ حَوبَتي "، أيِ: امْسَحْ ذَنبي وإثمي، وذَكَر الغَسْلَ لِيُفيدَ إزالتَه بالكُلِّيَّةِ. ~::[شرح حديث رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ]::~ - شبكة شعاع الدعوية للتعليم عن بعد. "وأجِبْ دَعْوتي"، أي: استَجِبْ كلَّ دُعائي. " وثَبِّتْ حُجَّتي "، أي: ثبِّتْ حُجَجي وبَراهيني في الدُّنيا على أعدائِك بالحجَّةِ الدَّامِغةِ، والدَّعوةِ، والأمرِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عن المنكَرِ بالأدلَّةِ البيِّناتِ السَّاطعةِ، وثبِّتْ قَولي في الآخرةِ عِندَ سُؤالِ الملَكَينِ في القَبْرِ، والحُججُ هي البيِّناتُ والدَّلائلُ.
رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى إِلَيَّ ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا أَوَّاهاً مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَو ْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي)) ( [1]). المفردات: (( رهَّاباً)): الرهبة، الخوف، والفزع. (( مخبتاً)): الخاشع، والمخلص في خشوعه. (( أواهاً)):المتضرّع، والبكّاء، وقيل كثير الدعاء. (( منيباً)):التائب، والراجع إلى اللَّه في أموره. (( حوبتي)):الحوْبةُ، والحوبُ: الإثم، والذنب. دعاء رب اعني ولا تعن علي رضا. (( حجتي)): الحجة: الدليل، والبيِّنة ( [2]). (( سخيمة قلبي)): غلّ القلب، وحقده. الشرح: هذا الدعاء العظيم اشتمل على اثنين وعشرين سؤالاً، ومطلباً هي من أهم مطالب العبد، وأسباب صلاحه، وسعادته في الدنيا والآخرة ( [3]): 1 – قوله: (( رب أعني)): أي أطلب منك العون، والتوفيق لطاعتك، وعبادتك على الوجه الأكمل الذي يُرضيك عنِّي, وأطلب منك العون على جميع الأمور الدينية والدُّنيوية، والأخروية، وفي مقابلة الأعداء أمدّني بمعونتك وتوفيقك.
2 – قوله (ولا تُعن عليَّ) ولا تمدّ العون لمن يمنعني عن طاعتك:: من النفس الأمّارة بالسوء، ومن شياطين الإنس والجن. 3 – قوله (وَانْصُرْنِي) وهو طلب النصرة، وهي الغلبة، أي في كل أحوالي، (وَانْصُرْنِي) على الكفار أعدائي، وأعداء دينك، وقيل انصرني على نفسي الأمّارة بالسوء؛ فإنها أعدى أعدائي ﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ ولا مانع من إرادة الجميع؛ لأنه صل الله عليه وسلم لم يُخصِّص نوعاً معيناً، والأصل إبقاء العموم على عمومه. فتضمّن هذا الدعاء سؤال اللَّه تعالى النصر والظفر على كل الأعداء، سواء كان العدوُّ خارجيَّاً، أو داخليَّاً. 4 – قوله (وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ) ولا تجعلني مغلوباً، فتسلّط عليَّ أحداً من خلقك, ولا تنصر النفس الأمارة بالسوء عليَّ، فأتّبع الهوى وأترك الهدى. 5 – قوله (وَامْكُرْ لِي) المكر هو الخداع، وهو من اللَّه إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون أي أنزل مكرك بمن أراد بي شرّاً وسوءاً وارزقني الحيلة السليمة، والطريقة المثلى في دفع كيد عدوي، فأسلم من كيدهم وشرّهم. دعاء - رب أعني ولا تعن علي - تحدي #9770 - مواجهات التعليق الصوتي | سونديلز. 6 – قوله (وَلَا تَمْكُرْ) عَلَيَّأي و لا تهدِ عدويّ إلى طريق دفعه إياي عن نفسه, ولا تعاملني بسوء نيتي، فأغترّ وأتجاوز الحد من حيث لا أشعر فأهلك.