فالسورة بشكل عام هي لحماية أعراض الناس وهي بحقّ سورة الآداب الإجتماعية. تبدأ السورة بآية شديدة جداً (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) آية 1 وفيها تنبيه للمسلمين لأن السورة فيها أحكام وآداب هي قوام المجتمع الإسلامي القويم. التفريغ النصي - تفسير سورة النور _ (1) - للشيخ أبوبكر الجزائري. تنتقل الآيات إلى عقوبة الزناة (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) آية 2، والأصل في الدين الرأفة والرحمة أما في أحوال الزناة فالأمر يحتاج إلى الشدة والقسوة وإلا فسد المجتمع جرّاء التساهل في تطبيق شرع الله وحماية حدوده، لذا جاءت الآيات تدل على القسوة وعلى كشف الزناة. لكن يجب أن نفهم الدلالة من هذه الآية، فالله تعالى يأمرنا بأن نطبق هذه العقوبة بعد أن نستكمل بعض الضمانات لحماية المجتمع التي تتحدث عنها بالتفصيل الآيات التالية في السورة. والملاحظ في هذه السورة تقديم الزانية على الزاني وكما يقول الدكتور أحمد الكبيسي في هذا التقديم أن سببه أن المرأة هي التي تقع عليها مسؤولية الزنا فهي لو أرادت وقع الزنا وإن لم ترد لم يقع فبيدها المنع والقبول، وهذا على عكس عقوبة السرقة (والسارق والسارقة) فهنا قدم السارق لأن طبيعة الرجل هو الذي يسعى في الرزق على أهله فهو الذي يكون معرضاً لفعل هذه الجريمة هذا والله أعلم.
حد القذف: حذّرنا الله تعالى في هذه السورة من قذف المحصنات وبيّن لنا العقوبة التي تقع على هؤلاء وهي لعنة الله وعذابه في الدنيا والآخرة. آية النور: هذه الآية التي سميّت السورة باسمها فيها من الإعجاز ما توقف عنده الكثير من العلماء. ووجودها في سورة النور هو بتدبير وبحكمة من الله تعالى، فلو طبّق المجتمع الإسلامي الضمانات التي أوردتها الآيات في السورة لشعّ النور في المجتمع ولخرج الناس من الظلمات إلى النور، وشرع الله تعالى هو النور الذي يضيء المجتمع ولذا تكررت في السورة (آيات مبيّنات وآيات بيّنات) 9 مرّات لأن هذه الآيات وما فيها من منهج تبيّن للناس طريقهم والنور من خصائصه أن يبيّن ويَظهر ويكشف.
[١] خواص سورة النّور يبلغ عدد آيات سورة النّور 64 آية، وهي من السور المثاني، ويعد ترتبيها الرابعة والعشرون في القرآن الكريم، ونزلت هذه السورة بعد سورة الحشر، كما تناولت آياتها حادثة الأفك، وقد أُمرنا بقراءة سورة النّور لما لها فضل كبير، وقد حثّ الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتعلّم سورة الأحزاب، وسورة النور، وسورة النساء ، وتتناول سورة النّور عدة محاور وأهمها الأحكام التشريعية، كما تعتني بأمور الأحكام والتوجيه والأخلاق. [٢] مقاصد سورة النّور تتعدّد مقاصد سورة النور، ومن أبرزها ما يلي: [٣] تحدد للإنسان بعض الفرائض وتلزمه بها، وذلك في قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور:1]. تحرّم الزور وقذف المحصنات، وتحكم على من قام بهذ الفعل بالفسق واللعن، وعدم قبول شهادته، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4]. فوائد من سورة النور هي. تبرئة السيدة عائشة مما رُميت به في حادثة الأفك ، وأنّها طاهرة وعفيفة، ولا يشك في هذا إلا كل أفاك أثيم.
وسميّت سورة النور لما فيها من إشعاعات النور الربًاني بتشريع الأحكام والآداب والفضائل الإنسانية التي هي قبس من نور الله على عباده وفيض من فيوضات رحمته. وتشبيه النور بمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دريّ يوقد من شجرة مباركة، هذا التشبيه كأنه يدلّ على أن النور حتى نحافظ عليه مضيئاً يجب أن نحيطه بما يحفظه والفتيل الذي به نشعل النور إنما هو الآية الأولى في السورة هذه الآية الشديدة التي تحرك الناس لإضاءة مصباح مجتماعاتهم الصالحة بتحقيق الضمانات الأخلاقية حتى يبقى النور مشعّاً. إضافة: بعد أن سمعت هذا الشرح كنت أصلّي العصر فجاءني خاطر بهذا التفسير: أنه من الممكن أن يكون القصد من الآية والله أعلم أن الإنسان هو المصباح والزجاجة هي المجتمع والمشكاة هي الأمة والفتيل هو تطبيق شرع الله الذي ينير أولاً الأنسان ثم ينعكس نوره على مجتمعه ثم على أمته فتكون مضيئة ومنيرة لغيرها من الأمم في أخلاقها وفي التزامها بشرع الله فلو صلح الفرد يصلح المجتمع وفي أخلاق الناس انعكاس على بعضهم البعض وعلى مجتماعاتهم هذا والله أعلم.
أبدى الرازيّ اهتماماً بعلم الكيمياء والأعشاب، وعلم الفلسفة ، ثمّ عاد إلى بلده الريّ ليُصبح مديراً لمستشفى مدينة الريّ، وهي واحدة من المستشفيات المتقدّمة، واشتُهر في الطبّ، فتمكّن من علاج العديد من الحالات الطبيّة المستعصية آنذاك، وقد سمع به كبير الوزراء في الدولة العباسية وهو عضد الدولة بن بويه؛ فدعاه إلى بغداد ليُصبح رئيس الأطباء في المستشفى العضديّ وهو أكبر مستشفيات العالم في حينه، وقد توفي الرازي عام 923م. [٢] الخوارزمي هو محمّد بن موسى الخوارزمي، يعود أصله إلى خوارزم، ويعدّ تاريخ ميلاده مجهولاً؛ إلّا أنّه عاصر الخليفة العباسيّ المأمون، وأقام في بغداد. الدولة العباسية منذ بدايتها وحتى سقوطها. برع الخوارزمي في الرياضيات والفلك والهندسة، وانضمّ إلى بيت الحكمة؛ ليُصبح من العلماء الموثوق بهم، كما ألّف العديد من الكتب، منها: الزيج الأول، والزيج الثاني (السند هند)، وكتاب الرخامة، وكتاب العمل بالإسطرلاب، وكتاب الجبر والمقابلة، وتوفي عام 232هـ. [٣] جابر بن حيّان هو جابر بن حيّان بن عبد الله الأزديّ المكنّى بأبي عبد الله، اختُلف في مكانِ ولادته، فقيل في الكوفة، وقيل في مدينة حران في سوريا. امتهن جابر الطبّ في بداية حياته بدعمٍ من الوزير العبّاسيّ جعفر البرمكيّ، [٤] وقد برع جابر في الكيمياء حتّى لُقّب بكيماويّ العرب الأوّل، [٥] ومن مؤلفاته: كتاب أسطقس الأس الأول إلى البرامكة، وكتاب أسطقس الأس الثاني، وكتاب الكمال، وكتاب الواحد الكبير، وكتاب الواحد الصغير، وكتاب الركن أو الأركان، [٦] وتوفي جابر بن حيّان عام 779م.
ذات صلة أهم شخصيات العصر العباسي علماء الفلك في العصر العباسي ابن الهيثم هو محمّد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم المكنّى بأبي علي البصريّ، وُلد في مدينة البصرة عام 965م، وهو عالمٌ في مجال الرياضيات، والبصريات، والهندسة ، ولديه العديد من الاكتشافات العلميّة التي تتطابق مع العلم الحديث. عاصر ابن الهيثم الخليفة العبّاسيّ الحاكم بأمر الله، والذي كان يُبدي اهتماماً بالغاً في العلماء في القاهرة؛ حيث أنشأ هناك دار الحكمة المعروفة بدار العلم، وقد دعا الخليفة ابن الهيثم للحضور إلى مصر عندما سمع به، كما درس الطبّ في بغداد عاصمة الخلافة العبّاسية آنذاك، وتخصّص في طبّ العيون، ورغم وجود العديد من كبار العلماء في المدينة؛ إلّا أنّ أهل بغداد كانوا يقصدونه في طلب المعرفة في عدّة مجالات، وقد توفي في القاهرة عام 1040م. [١] الرازي هو محمّد بن زكريا الرازي المكنّى بأبي بكر، وُلد في مدينة الريّ الواقعة جنوب شرقي طهران عام 864م، وكان محبّاً للعلم منذ صباه، حيث درس في الريّ العلوم الشرعية، والطبيّة، والفلسفيّة، ثمّ انتقل إلى بغداد عن طريق بعثة علميّة، وتعلّم فيها العديد من العلوم، وركّز في ذلك على الطبّ الذي أخذه عن عليّ بن زين الطبريّ صاحب أوّل موسوعة طبيّة عالميّة وغيره من الأساتذة.
الفارابي اسمه محمد بن طرخان بن أوزلغ أبو نصر الفارابي ، وكان مولده في منطقة موجودة على نهر جيحون "فاراب"بإقليم تركستان عام 874م ، وقد عُرف أنه تركي مستعرب ينتمي إلى كبار فلاسفة وعلماء المسلمين بالعصر العباسي ، وقد ساهم في مجال علم الفيزياء ؛ حيث قام بكتابة مقولة صغيرة بعنوان "الخلاء" ، والتي ناقش من خلالها ماهية الفراغ ، ويُذكر أنه على الأرجح هو من قام بأول تجربة علمية من أجل أن يتحقق من وجود الفراغ ، وذلك من خلال دراسته للسلوك المكابس المغمورة بالماء ؛ حيث تمكن من الوصول إلى أن الهواء يتمدد دائمًا حتى يملئ الفراغ المحيط ، ولذلك كان يرى أن وجود الفراغ مجرد فكرة غير منطقية.