تمثلت قاعدة أهل السنة في إثبات صفات المولى عز وجل في "إثباتُ ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل"، وهو ما أمرنا به المولى عز وجل في آيات القرآن الكريم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء:136]. صفات الله تعالى مع الدليل يمكننا الاستدلال على صفات المولى عز وجل مما ورد في آيات كتابه الحكيم حيث ذكر المولى عز وجل صفاته في آيات القرآن وأمرنا بالتصديق فيها، ويمكنكم التعرف على بعض الصفات التي وصف بها الله تعالى نفسه من خلال السطور التالية: الوحدانية: هذه الصفة تعني أن الله واحد لا شريك له وقد وردت العديد من الآيات القرآنية التي تثبت أن الله تعالى واحد لا إله إلا هو ومن ضمنها قوله تعالى: {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1]، وكذلك قوله تعالى: {هُوَ الحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 65].
فلا قيام ولا ركوع ولا سجود ولا ذبح ولا نذر إلا له وحده تعالى. ولا يُدعى في السراء والضراء واليسر والعسر والفرح والغمّ إلا الله سبحانه وتعالى. ولا يُستمدّ ولا يُستنصر ولا يُستغاث إلا به. ولا طواف إلا ببيته العتيق. ولا حلف إلا به، ولا حكم إلا له. ولا ندّ ولا نظير ولا شريك له في أي نوع من أنواع العبادات. الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه في سورة الناس مكررة. اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ هذه كلمة النجاة، وهي مكونة من شقين: الأول: شق فيه النفي، وهو: (لا إله) يعني: نفي استحقاق العبودية والألوهية عن غير الله. الثاني: الإثبات، وهو: (إلا الله)، وهو إثبات استحقاق الألوهية لله الأحد جل جلاله. وقد أتى ذكر شهادة التوحيد بمعناها في بعض المواضع، مثل قول الله تبارك وتعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [البقرة:256]، والعروة الوثقى هي: لا إله إلا الله، وهي كلمة الشهادة، فقوله: (فمن يكفر بالطاغوت) يعني: يحقق النفي، فيؤمن بأنه لا يوجد أحد ولا شيء غير الله يستحق أن يُعبد. وقوله: (ويؤمن بالله)، يعني: لا يصحّ إيمانك بالله حتى تبطل استحقاق العبودية لغير الله: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [البقرة:256].
إن آية الكرسي مشتملة على عشر جمل مستقلة، نذكرها بالترتيب: الجملة الأولى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ والكلام فيها على قسمين: أولاً: بيان أن (الله لا إله إلا هو) أساس دعوة جميع الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام. فقوله: (الله لا إله إلا هو) هذا هو شعار الإسلام، وهذه كلمة الإخلاص، لا إله إلا الله، أي: لا إله حق إلا الله تبارك وتعالى. يقول الإمام الطبري رحمه الله تعالى: وأما تأويل قوله: (لا إله إلا الله) فإن معناه: النهي أن يُعبد شيء غير الله الحي القيوم، الذي صفته ما وصف به نفسه تباك وتعالى في هذه الآية: (الله لا إله إلا هو)، فبدأ بلفظ الجلالة، ثم ذكر أهمّ شيء على الإطلاق في دعوة الإسلام، وهو هذا الشعار -شعار التوحيد-: (لا إله إلا هو). قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: إخبارٌ بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلق. وقال البيضاوي: والمعنى أنه المستحق للعبادة لا غير. الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه في سورة الناس مكتوبة. وقال القاضي أبو السعود: أي: هو المستحق للعبودية لا غير. وقال السعدي: فأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية، وأنه لا يستحق الألوهية والعبودية إلا هو، فألوهية غيره وعبودية غيره باطلة. إذاً: معنى هذه الجملة: أن الله جل جلاله هو المتفرد في استحقاق العبودية، فلا يعبد أحد سواه كائناً من كان، بأي نوع من أنواع العبادات.
إذ إنّ الخلق محتاجون، بينما ربّ العزة مستغنٍ عن الجميع دون استثناء، ولا يحتاج أحداً من خلقه أبداً، وهذا ما يُخالف الله -تعالى- به خلقه، فالخلق محتاجون لله -تعالى- ومحتاجون لبعضهم بعضاً، ويكمل الواحد منهم الاخر. [١٣] أمّا الله -تعالى- غني عن الكل، وهذه الصفة لا توجد إلّا في الله -جل وعلا-، فالله -تعالى- ليس له شبيهٌ من خلقه يوصف به أو يُنسب إليه، فهذه صفات الله وحده فهو مخالف للحوادث. [١٣] المراجع ↑ مقاتل ، تفسير مقاتل بين سليمان ، صفحة 925. بتصرّف. ↑ سورة الإخلاص، آية:1 ↑ ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير ، صفحة 506. بتصرّف. ↑ القرطبي ، تفسير القرطبي ، صفحة 244. بتصرّف. ↑ سورة الإخلاص، آية:2 ^ أ ب عبدالرحمن السعدي، تيسير الكريم الرحمن ، صفحة 945. بتصرّف. ↑ محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، تهذيب اللغة ، صفحة 106. بتصرّف. ↑ إسماعيل الأصبهاني، الحجة في بيان المحجة ، صفحة 126. بتصرّف. ↑ حسن أيوب، تبسيط العقائد الإسلامية ، صفحة 85. بتصرّف. صفات نفاها الله عن نفسه - مخزن. ↑ محمد بن جرير الطبري، جامع البيان ، صفحة 734. بتصرّف. ↑ سورة الإخلاص، آية:3 ↑ عبد الرحيم السلمي، شرح العقيدة الواسطية ، صفحة 22. بتصرّف. ^ أ ب مكي بن أبي طالب ، الهداية إلى بلوغ النهاية ، صفحة 8496.