قال - صلى الله عليه وسلم -: ((المرء على دِين خَلِيله فلينظُر أحدكم مَن يُخالِل)) [3]. ومثَّل - صلى الله عليه وسلم -: ((الجليس الصالح كحامل المسك؛ إمَّا أنْ يُحذِيك، وإمَّا أنْ تَبْتاع منه، وإمَّا أنْ تجدَ منه رائحةً طيبةً، ومثل الجليس السوء كنافخ الكِير؛ إمَّا أنْ يحرق ثيابك، وإمَّا أنْ تجد من رائحةٍ سيِّئة)) [4] ، كما جاء ذلك في حديثٍ متفق عليه. المحاضرة الثانية: الحبّ والبغض في الله. اجعَلُوا محبَّتكم في الله، وبُغضكم لله، وموالاتكم في الله، ومعاداتكم في الله، فإنَّ هذه هي التي تدومُ ولا يؤثِّر فيها شيء، وهي الثابتة والنافعة في الدنيا والآخرة، أمَّا إذا كانت المحبَّة والمؤاخاة على الدنيا ومن أجل حُطامها، فإنَّ ذلك لا يَدُوم، ولا يُجدِي شيئًا. قال ابن عباس - رضي الله عنه -: ((مَن أحبَّ في الله وأبغض في الله، وعادَى في الله، ووالى في الله، فإنَّما تنال ولاية الله بذلك، ولن يجدَ عبدٌ طعمَ الإيمان - وإنْ كثرت صلاته وصومه - حتى يكون كذلك، وقد صارَتْ عامَّة مُؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يُجدِي على أهلة شيئًا)). فاتَّقوا الله يا عبادَ الله في محبتكم وموالاتكم، لا يحملنكم الهوى والشيطان على جعْل محبتكم من أجل الدنيا وحُطامها وتنسوا أوثق عُرَى الإيمان؛ الحب في الله، والبُغض في الله.
إنَّ المصيبة العُظمى والطامَّة الكبرى أنْ يُصاب العبد في دِينه، ثم لا يَشعُر أنَّه مُصاب، فيبقى في عيَّه، ويتمادَى في ضَلاله، أمَّا مصيبة الدنيا فمهما عظُمت فهي وقتيَّة، وقد تكون خيرًا للعبد إذا صبر واحتسب، أمَّا مصيبة الدِّين في الكسر الذي لا يُجبَر، لقد أُصِيبَ الكثير من الناس بالغفلة والإعراض عن الله والدار الآخرة، وأصبحوا في غفلةٍ عمَّا خُلِقوا له، هَمُّ الكثير منهم دنياه، يُعادِي من أجلها، ويُوالِي من أجلها، محبَّته لأهوائه وشهواته لا لمولاه، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون! فتذكَّروا يا عبادَ الله واتَّعظوا؛ فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين، أمَّا مَن لم ينتفع بالذكرى فإنَّه مُصاب، فعليه أنْ يُعالِج مصيبته بالدواء الشافي، بذِكر الله وطاعته، والحب فيه والبغض فيه، اللهمَّ اجعَلْنا ممَّن يستمع القول فيتَّبِع أحسَنَه، اللهم إنَّا نسألك حُبَّك وحُبَّ مَن يحبُّك، وحبَّ العمل الذي يُقرِّبنا إلى حبِّك، إنَّك جَواد كريم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجدًّا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].
وقس على ذلك كلّ الأمور المماثلة، فإنّ الحبّ في موردها سيكون حبّاً في الله تعالى، لأنّه حبّ لمن يرفع عوائق طيّ طريق التكامل من أمامك، لتصل إلى شاطئ محبّة الله تعالى ورضاه. البغض في الله أمّا البغض في الله، فهو أن يبغضَ المؤمنُ إنساناً لأجل عصيانه لله ومخالفته لإرادته تعالى، فإنّ من يحبّ في الله لا بدّ وأن يبغض في الله، فإنّك إن أحببت إنساناً لأنّه مطيع لله ومحبوب عنده، لا بدّ في المقابل أنّك ستُبغِضُ من يعصيه ويكون ممقوتاً عنده، ومبغوضاً لديه، ورد عن النبيّ عيسى عليه السلام: " تحبّبوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، وتقرّبوا إلى الله بالتباعد منهم، والتمسوا رضاه بسخطهم " 17. الحب في الله والبغض في الله من أعمال. روي أنّ الله أوحى إلى بعض عبّاد بني إسرائيل وقد دخل قلبه شيء: " أمّا عبادتك لي فقد تعزّزت بي، وأمّا زهدك في الدنيا فقد تعجّلت الراحة، فهل واليت لي وليّاً أو عاديت لي عدوّاً؟ " 18. ثمّ للمعصية درجات مختلفة، فإنّها قد تكون بالاعتقاد، كالكفر والشرك والبدعة، وقد تكون بالقول والفعل. ولأنّ الكفر والشرك هما الظلم العظيم ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ 19 فإنّ البغضَ في الله للكافر المشرك أعظمُ بُغض. وأما المَعاصي في القول والفعل من المسلم فإنّ منها الكبير، ومنها الأكبر، ومنها الصغير، وقد يكون العبد مبتلىً بشيء واحد منه، وقد يكون مصرّاً على أكثر من ذنب، وقد يكون مستتراً وقد يكون متجاهراً.. فإنّ البغض في الله تعالى لمن يقيم على معاصيه يكون بحسب تلك المعاصي الّتي يصرّ عليها، ويجاهر فيها، ويبارز الله به، كمّاً وكيفاً.
فهذه صفة عباد الله المتقين, فمن قويت محبتهم لله رخص عندهم ما سواه، ومن ضعفت محبته لله قدّم على الله سواه, وأحب أعداء الله. ومن صدق في محبته لله لم يتخلف عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران:31]، فكيف حال من تخلف عن أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم, وهو يدّعي محبة الله؟ وكيف حال من ركن إلى أعداء الله, وهو يدّعي محبة رسول الله؟. قال ابن القيم رحمه الله في النونية: أتحب أعداء الحبيب وتدّعي حباً له ما ذاك في إمكان وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان قال أحد السلف رحمه الله: لا تنظر الناس عند ازدحامهم بأبواب المساجد, ولا إلى ضجيجهم بقول: (لبيك اللَّهم لبيك), ولكن انظرهم عند مؤاخاة أعداء الشريعة. جعلنا الله, وإياكم ممن حفظه الله في دينه, وقوى إيمانه ويقينه. الحبّ في الله والبغض في الله. ولا يتم إسلام عبد حتى يكفر بالطاغوت, ويؤمن بالله. قال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 256].
نتائج البحث لغير المتخصص (68215) للمتخصص (246909) 1 - أفضلُ الأعمالِ الحبُّ في اللَّهِ والبغضُ في اللَّهِ الراوي: أبو ذر الغفاري | المحدث: الألباني | المصدر: ضعيف أبي داود الصفحة أو الرقم: 4599 | أحاديث مشابهة | خلاصة حكم المحدث: ضعيف 2 - أفضلُ الأعمالِ الحبُّ في اللهِ ، والبُغضُ في اللهِ. ضعيف الجامع 996 3 - أفضَلُ الأعمالِ: الحبُّ في اللَّهِ ، والبغضُ في اللَّهِ تخريج مشكاة المصابيح 30 إسناده ضعيف 4 - أفضَلُ الأعمالِ الحبُّ في اللَّهِ ، والبُغضُ في اللَّهِ السلسلة الضعيفة 1310 5 - أفضلُ الأعمالِ ، الحُبُّ في اللهِ ، والبُغضُ في اللهِ ضعيف الترغيب 1786 6 - أوثَقُ عُرَى الإيمانِ الحبُّ في اللهِ والبُغضُ في اللهِ.