من جهته، قال إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد الخلايلة، إن الإحسان مهم في حياة الإنسان ومعناه أن تتخلى عن الرذائل وأن تتمسك بالعبادات وأن تعبد الله كأنك تراه. وأضاف، أن الإنسان يجب أن يعبد الله ويتحقق أثناء عبادته من مشاهدة الله تعالى قلبيا وأن لم يتحقق من ذلك عليه أن يؤمن أنه يراه ويراقبه. وبين الخلايلة، أن الإحسان يعني أيضا أن يتقن العبد العبادة وأن يزينها ويتممها فيؤديها على أكمل وجه، لافتاً إلى أن هذا الإخلاص لا ينحصر في العبادة وإنما في العمل والتعامل مع الآخرين. وقال، إن الإحسان هو ما يثمر بالمحبة من عبادة الله تعالى فالإنسان عندما يحب ربه بإخلاص يتعامل بصدق ومحبة وكرم مع الناس، فتكون كل تعاملاته بالخير ابتغاء وجه الله تعالى ورضاه. كما، أشار إلى أنه يتوجب على الإنسان أن يكون جزءا من كل ويطلب منه أن يعرف دوره ووظيفته بهذا المجتمع، وأن يقوم بها بالشكل الصحيح دون خوف أو تباطؤ، منوها إلى أن الإحسان يدفع الإنسان ليتعلم الدين والعلم وأن يأخذه من أهله بالشكل الصحيح ولا يتحقق إلا بالعلم والعمل والتفكر. ان تعبد الله كأنك تراه فأن لم تراه فأنه يراك. وحضر المجلس العلمي الهاشمي، وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور محمد الخلايلة وسماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالكريم الخصاونة، وسماحة قاضي القضاة الشيخ عبد الحافظ الربطة، وسماحة مفتي القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي العميد الركن الدكتور ماجد الدراوشة، وسفراء معتمدون لدى البلاط الملكي الهاشمي، والسلك الدبلوماسي، وضباط وضباط صف من القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، ومدراء وأمناء عامون، وممثلون عن دائرتي الإفتاء العام، وقاضي القضاة، وعلماء وائمة ووعاظ وواعظات.
هـ
أ. هـ والحديث دل على أن مقام الإحسان له رتبتان: الأولى: «أن تعبد الله كأنك تراه»، وذلك بأن يستحضر العبد مقام الله في قلبه، بحيث يصل إلى رتبة الشهود التي تساوي الرؤية، كما جاء في سنن ابن ماجة عن حنظلة -رضي الله عنه- «كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا الجنة، والنار، حتى كأنا رأي العين»، وهذا لا شك يحمل العبد على إتقان عمله، وإصلاح ظاهره وباطنه. الثانية: بأن لم يقدر العبد على الأولى، فيستحضر رؤية الله له، ومراقبته لجوارحه وسرائره، فيدفعه ذلك لخشيته والخوف منه، فيكون في الرتبة الأولى راغباً طامعاً، وفي الثانية، خائفاً راهباً. وهو في الحالين محسن لعمله مقبل على ربه، غير أنه في مقام استحضار رؤيته لله أكمل منه في مقام رؤية الله له، فعبادة الراغب أكمل من عبادة الخائف، فقد لا يقدر العبد على تحقيق الاستحضار وكمال المراقبة، فيستعين على نفسه بالإيمان بأن الله يراه ويعلم سره وعلانيته، فيدفعه هذا الإيمان إلى الاستحياء من الله فيكف عن محارمه حياء وخشية. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن لم تكن تراه فإنه يراك». القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة الروم - الآية 30. قيل: إنه تعليل للأول، فإن العبد إذا أمر بمراقبة الله في العبادة، واستحضار قربه من عبده، حتى كأن العبد يراه، فإنه قد يشق ذلك عليه، فيستعين على ذلك بإيمانه بان الله يراه، ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره، ولا يخفى عليه شيء من أمره، فإذا حقق هذا المقام، سهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني، وهو دوام التحديق بالبصيرة إلى قرب الله من عبده ومعيته، حتى كأنه يراه.
وقال رحمه الله في موضع آخر (هذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم لأنا لو قدرنا أن أحدنا قام في عبادة وهو يعاين ربه سبحانه وتعالى لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماعه بظاهره وباطنه على الاعتناء بتتميمها على أحسن وجوهها إلا أتى به). وقال الإمام المناوي في معنى: (كأنك تراه): "بأن تتأدب في عبادته كأنك تنظر إليه، فجمع بيان المراقبة في كل حال، والإخلاص في سائر الأعمال. معاشر المسلمين.. حقاً لو اسشعرنا هذا المعنى العظيم الجليل في كل أحوالنا.. في كل سكاناتنا.. في كل حركاتنا.. في معاملاتنا.. في عبادتنا.. في علاقاتنا.. في كلماتنا.. في أقوالنا.. في أفعالنا.. ياعبد الله ماظنك برجل يعلم أن الله يراه ماهي صلاته.. كيف سيكون خشوعه وخشيته.. كيف ستكون سكينته وطمأنينته.. كيف سيكون تدبره وتفكره ، جاء في صحيح الجامع صل صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك. ياعبد الله.. ما ظنك برجل يعلم أن الله يراه.. ماذا يفعل في خلوته.. عندما تسدل الستر.. وتغلق الأبواب.. ان تعبد الله كانك تراه. هل يقدم على معصية ربه.. هل ينتهك حرمته.. هل يتجاوز ياعبد الله. ياعبد الله ماظنك برجل يعلم أن يراه.. هل يغتاب أحداً.. هل يكذب على أحد.. هل يهمز ويلمز.. هل يسب ويشتم.. ياعبد الله ماظنك برجل يعلم أن الله يراه.. كيف هو في معاملاته هل يرتشي.. هل ينافق.. هل يحقد.. هل يحسد.. هل يغش.. لا.. وألف لا.. فقد صدحت بها أمة الله قبل أربعة عشر قرناً تلك المرأة الصالحة التي رأت أمها تغش اللبن بالماء.. فقالتها.. وأعلنتها ياأماه إن كان عمر لايرانا فرب عمر يرانا.