هو العالم الجليل والحبر البحر الفهامة الفقيه الفرضي الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسين بن حميد، من بني خالد. ولد بمدينة الرياض عام ١٣٢٩هـ في رمضان، وتربى تربية حسنة، وفقد بصره في طفولته. حفظ القرآن عن ظهر قلب في صغره وشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة، فقرأ على علماء الرياض والوافدين إليها، نبغ في فنون كثيرة، وكان مشايخه يتفرسون فيه الذكاء. قرأ على العديد من المشايخ ومنهم: الشيخ حمد بن فارس - رحمه الله - قرأ عليه في علوم العربية والحديث. والشيخ سعد بن حمد بن عتيق - رحمه الله - قرأ عليه في أصول الدين وفروعه. والشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - رحمه الله - قرأ عليه ولازمه في أصول الدين وفروعه والحديث والتفسير. والشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ - رحمه الله - قرأ عليه ولازمه. وسماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ، قرأ عليه ولازمه زمناً طويلاً، وكان يستشيره في القضاء. أعماله: عينه سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ مدرساً للمبتدئين، ومساعداً له، فمتى غاب انتهى التدريس إليه. وفي عام ١٣٥٧هـ عينه الملك عبد العزيز - رحمه الله - قاضياً في الرياض. ثم في عام ١٣٦٣هـ تعين قاضياً لبريدةوما يتبعها، وظل في قضائها وإمامة جامعها والمرجع في الإفتاء والتدريس مدة وجوده فيها.
ما قبل الإمارة [ عدل] ولد عبد الله بن محمد للأمير محمد بن عبد الرحمن من أم ولد تدعى بهار في 15 ربيع الآخر من عام 229 هـ. [1] استعمله أبوه في قيادة بعض حملاته العسكرية. [2] وبعد وفاة أخيه المنذر، بويع بالإمارة في 15 صفر من عام 275 هـ، يوم وفاة أخيه المنذر. [3] وقد إتهمه بعض المؤرخين بأنه هو من قتل أخاه المنذر بأن حرض طبيب المنذر على تفصيده بمبضع مسموم. [4] عهده [ عدل] في عام 276 هـ، خرج الأمير عبد الله إلى ببشتر وحصون رية لقتال عمر بن حفصون ، فحاصره حتى طلب ابن حفصون الأمان، فأجازه الأمير. [5] وفي عام 277 هـ، أرسل قائده أحمد بن محمد بن أبي عبدة لقتال ابن شاكر الثائر في جيان ، فأخضعه. [5] وفي عام 278 هـ، خرج الأمير عبد الله مرة أخرى لقتال ابن حفصون، فاضطر ابن حفصون للفرار من حصنه في ببشتر، وجمع جيشًا قاتل به جيش الأمير، إلا أنه هزم أمام جيش الأمير. [6] وفي عام 282 هـ، أرسل الأمير عبد الله ابنه المطرف مع وزيره عبد الملك بن أمية في حملة لمواجهة تمرد إشبيلية ، ووقع بين المطرف وعبد الملك خلاف، قتل المطرف على إثره عبد الملك، [7] واستكمل حملته التي نجح في هزيمة المتمردين فيها، وأسر قادتهم إبراهيم بن حجاج وكريب بن خلدون وحملهما إلى قرطبة.
وإن أحق الناس [ ص: 215] بالقيام للدين أبناء المهاجرين والأنصار. اللهم قد فعلوا وفعلوا ، فأحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا. قال علي بن الجعد: كان المنصور يكتب على ألسن قواده إلى محمد بن عبد الله بأنهم معه فاخرج ، فقال: يثق بالمحال. وخرج معه مثل ابن عجلان ، وعبد الحميد بن جعفر. قال ابن سعد: فلما قتل أتى والي المدينة بابن عجلان فسبه وأمر بقطع يده. فقال العلماء: أصلح الله الأمير ، إن هذا فقيه المدينة وعابدها ، وشبه عليه بأنه المهدي فتركه. قال: ولزم عبيد الله بن عمر ضيعة له ، وخرج أخواه عبد الله ، وأبو بكر ، فعفا عنهما المنصور. واختفى جعفر الصادق ، ثم إن محمدا استعمل عمالا على المدينة ، ولزم مالك بيته. قال أبو داود: كان الثوري يتكلم في عبد الحميد بن جعفر لخروجه ويقول: إن مر بك المهدي وأنت في البيت ، فلا تخرج إليه حتى يجتمع الناس عليه. وقيل: بعث محمد إلى إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وقد شاخ ليبايعه ، فقال: يا ابن أخي ، أنت والله مقتول! كيف أبايعك ؟! فارتدع الناس عنه. فأتته بنت أخيه معاوية ، فقالت: يا عم إن إخوتي قد أسرعوا إلى ابن خالهم ، فلا تثبط عنه فيقتل هو وإخوتي. فأبى.
قال ابن حزم: ذهبت طائفة من الجارودية أنه لم يمت ، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلا ، وخلف من الأولاد: حسنا ، وعبد الله ، وفاطمة ، وزينب.
وفي عام ١٣٧٧هـ طلب الإعفاء من منصب القضاء، وتفرغ للعبادة وتعليم الناس. ثم أنشئت الرئاسة العامة للإشراف الديني على المسجد الحرام فاختاره الملك فيصل - رحمه الله - رئيساً للإشراف الديني على المسجد الحرام، ومدرساً فيه، ومفتياً، فنفع الله بعلمه الأمة. وفي عام ١٣٩٥هـ عينه الملك خالد - رحمه الله - رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، وعضواً في هيئة كبار العلماء، ورئيساً للمجمع الفقهي وعضواً في المجلس التأسيس لرابطة العالم الإسلامي. مؤلفاته: للشيخ - رحمه الله - مؤلفات كثيرة من أبرزها: التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية. الدعوة إلى الله وجوبها وفضلها وأخلاق الدعاة. الدعوة إلى الجهاد في القرآن والسنة. من محاسن الإسلام. توجيهات إسلامية. الرسائل الحسان والرد على يسر الإسلام. غاية المقصود في الرد على ابن محمود. تبيان الأدلة في إثبات الأهلة وهداية المناسك. كمال الشريعة. دفاع عن الإسلام. الإبداع في شرح خطبة الوداع. وله فتاوى كثيرة متفرقة. وفاته: توفي في يوم الأربعاء ٢٠ من ذي الحجة غام ١٤٠٢هـ، وصُلي عليه في المسجد الحرام، وخرج في جنازته خلقٌ كثير. وقد فقدت المملكة والعالم الإسلامي بأسره - بوفاته - عَلَمَاً من أعلام الإسلام، وإماماً.