الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 28 - سورة نوح ﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) جعل الدعاء لنفسه ووالديه خاتمة مناجاته فابتدأ بنفسه ثم بأقرب الناس به وهما والده ، ثم عمّم أهله وذويه المؤمنين فدخل أولاده وبنوهم والمؤمنات من أزواجهم وعبر عنهم بمن دخل بيته كناية عن سكناهم معه ، فالمراد بقوله { دخل بيتي} دخول مخصوص وهو الدخول المتكرر الملازم. ومنه سميت بطانة المرء دَخيلته ودُخْلَته ، ثم عمم المؤمنين والمؤمنات ، ثم عاد بالدعاء على الكفرة بأن يحرمهم الله النجاح وهو على حد قوله المتقدم { ولا تزد الظالمين إلاّ ضلالاً} [ نوح: 24]. ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مارتينيز. والتبَار: الهلاك والخسار ، فهو تخصيص للظالمين من قومه بسؤال استئصالهم بعد أن شملهم وغيرهم بعموم قوله: { لا تَذر على الأرض من الكافرين ديّاراً} [ نوح: 26] حرصاً على سلامة المجتمع الإِنساني من شوائب المفاسد وتطهيره من العناصر الخبيثة. ووالداه: أبوه وأمه ، وقد ورد اسم أبيه في التوراة ( لَمَك) وأما أمه فقد ذكر الثعلبي أنّ اسمها شَمْخَى بنتُ آنُوش.
الفوائد: 1 – أهمية سؤال اللَّه تعالى المغفرة، كما في غالب الأدعية؛ لأنها من أعظم أسباب دخول الجنة. 2 – أن الداعي ينبغي له أن يبدأ بالسؤال: بالأهمّ، ثم الذي يليه. 3 – أهمية سؤال اللَّه تعالى المغفرة للوالدين؛ لعظم شأنهما. 4 – يحسن بالداعي أن يشرك إخوانه المؤمنين بالدعاء. 5 – أن الإكثار من هذه الدعوة ينال الداعي بها الإجابة المؤكدة لأمرين: أ – أنها دعوة من نبي من أولي العزم. ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي البسيط. ب – أنها دعوة بظهر الغيب. 6 – أهمية التوسل بربوبية اللَّه تعالى في الدعاء، وأنها سنة جميع الأنبياء والمرسلين. 7 – ينبغي للداعي أن يشمل ذريته في الدعاء حتى يعود النفع له،ولهم. 8 – ينبغي أن يكون جُلُّ الدعاء في أمور الآخرة. 9 – جواز الدعاء على الظلمة،ويتأكد ذلك عند مظنة ضررهم على غيرهم. 10 – يحسن للداعي أن يذكر عِلَّة دعائه.
رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء، فقال: { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} أي: خسارا ودمارا وهلاكا. تم تفسير سورة نوح عليه السلام [والحمد لله]