وولى عليه عبد الرحمن بن الأشعث الكندي. فلما توغل عبد الرحمن في بلاد وطاع له العباد اجترأ على الحجاج فحلع طاعته وطاهرة على ذلك ابن جبير، وكان ابن الأشعث الكندي خواناً حين ارتد على المسلمين يقاتلهم ويسد عضد أعدائهم يوم الفتح. وقد جرت حروب بين لبن الأشعث والحجاج أزهقت من المسلمين نفوساً كثيرة لو صرفها أصحابها إلى الفتوح لأوغلوا في البلاد. ذَوْق - ويكاموس. وانتهت هذه الحروب بظفر الحجاج، فأمكنه الله من سعيد بن جبير بعد أن نقض العهد وبايع لبن الأشعث، ففتله بعد أن حاكمه، وكان خصمه وحكمه. ويختم المؤلف على العصر الأموي بخاتم البحث، ليفتح باب العصر العباسي على مصراعيه كما يفتح باب المحكمة عن بهوها الكبير وحكامها الجبابرة، فأدخل على القضايا العباسية الكبرى. وكنت أوثر لأدب، فيجتذبني بشار بن برد إلى قضيته، فأشهد محاكمته مع الزنادقة في عهد الخليفة المهدي. وقد كان المؤلف أشبه عندي بالمدعي العام، يصور للمحكمة جرم المتهمين حسب رأيه ووفق نظريته، ثم يحملهم على غوارب الحكم حملاً. وهاهنا لم يجتذبني المؤلف ولم يغير من رأيي في مقتل بشار فلقد راح بجمع النصوص من شعر بشار، وأخبار الزنادقة وشرطة الملحدين الذين كانوا مكلفين بالتتبع يحملون أخبار العقول والألسنة إلى الخليفة، وقد صنع المؤلف كل ذلك ليهيئ الحكم على الشاعر بأنه قتل من أجل هجائه وفحشه أو بسبب زندقته وإلحاده.
تستوي عندي خصومة وعداوة من يعتدي على كرامة الأدب أو يحاول الدنس الأدبي بنهضتنا التي لم يعرف تاريخ الأدب العربي لها ضريباً في كل عصره. وليعلم صديقي الكريم الأستاذ صديق شيبوب أن أدب صديقه الشاعر المرموق لا يساوي في سوق الناقدين المتجردين غير المتحيزين مليماً زيفه مراب خسيس. حبيب الزحلاوي
سيد قطب
ولذلك يحسن أن توزع هذه النواحي بين الحكومات العربية وفقاً لمقدرتها ودرجة احتياجها، على أن تتعاون هذه الدول فيما بينها بتبادل الخبرات والأساتذة لسد النقص الناشئ عن هذا التوزيع... ). مجلة الرسالة/العدد 650/على هامش النقد - ويكي مصدر. وبنفس هذه الروح يعالج مسألة (تبادل البعثات بين الأقطار العربية) فيسميها (كوتا العلم) ويشبهها بالترخيصات التي يمنحها مركز التموين في الشرق الأوسط للاستيراد حسب الحاجة الضرورية! ثم يقول: (ولعلي لست مخطئاً في التشبيه عندما أقول في معرض حديثي عن البعثات أن ثمة (كوتا) علمية بين الأقطار العربية المتعاونة، وأن على المكتب الثقافي الدائم في القاهرة توزيعها بالعدل والقسطاس بين البلدان الشقيقة، مراعياً في ذلك الإمكانيات والحاجات الثقافية في كل بلد متعاون، فلا يكون تبادل البعثات العلمية مظهراً من مظاهر الفوضى، بل يخضع لخطة مرسومة مبنية على دراسة علمية صحيحة للحالة الثقافية الراهنة في مختلف الأقطار العربية. ولن يتم توزيع (كوتا) العلم ما لم تعد كل حكومة عربية تقريراً ضافياً يحتوي على الحد الأقصى لما تستطيع قبوله في معاهدها العليا والثانوية من طلاب الأقطار الأخرى من جهة، ويحتوي على ما تشعر بأنها في حاجة ملحة إلى إيفاده من بعثات إلى الأقطار الشقيقة من جهة ثانية.
ولقد كان (أحمد عاكف) وهو يحمل عبء الأسرة بمرتبه الصغير، إذ هو موظف بالبكالوريوس في قلم المحفوظات بوزارة الأشغال، كان قد أغلق وطوى أحلامه... لم يفكر في الزواج ولم يعد يطمح إلى الحب، أو إلى الشهادة العالية. لقد وقفت أمامه العراقيل العائلية والمادية والعلمية، فانطوى على نفسه واستراح إلى اليأس بعد الفشل المكرور؛ وقد ترك هذا الفشل في نفسه مرارة لا تمحى، ولون شخصيته تلويناً معيناً، ودس فيها عيوباً شتى. ولكنه وقد عجز عن الطموح جعل العزوف عن المطامح سلوته، والترفع عن الوسط طابعه وآوى إلى مكتبته وكتبه، وهي مثله تمثل جيلا مضى، وتعرض مباحث قديمة لا صلة بالحاضر وما فيه، فزاده هذا بعداً عن الجيل، وإيغالاً في التاريخ! وحينما انتهى من تعليم أخيه الصغير تعليما عالياً كان قد ناهز الأربعين. من مهارات النقد. كان قد شاخ، فأحسن أن الأوان قد فات، وسار في طريقه يقطع الحياة كالأجير المسخر، والتخوف والمحذر من كل خطوة إيجابية، فهو يعيش في داخل نفسه عاجزاً عن تحقيق تصوراته وتجسيم خيالاته. ولكن القدر الساخر لا يدع الناس يستريحون - ولو راحة اليأس المريرة - إنه يطلع على هذا الكهل - كما يسميه المؤلف - بوجه جميل يلوح له في النافذة المقابلة.