دلائل محبة الرسول r لا يكفي أن يقول المسلم أنه يحب الرسول r وإنما يجب أن يكون حبه مبني على أسس متين ودلائل إثبات محبته r تتلخص فيما يلي: الاقتداء: وهو الاتّباع في كل ما فعله r مصداقاً لقوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله ورسوله فاتّبعوني يحببكم الله) وقوله تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله) واستعمال (قد) في الآية يفيد التحقيق. الشوق إلى اللقاء: أن تشتاق أنفسنا للقاء الرسول r فهو r كان يشتاق إلينا فكيف لا نشتاق نحن إليه. من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم تمني رؤيته - موقع المقصود. أولا نحب أن نكون رفقاءه في الجنة؟ قال r لأحد أصحابه ألا تحب أن تكون رفيقي في الجنة ؟ قال بلى قال r كُن أحسن الناس خُلُقاً فقال فإن كنت أحسن الناس خُلُقاُ قال r إذن أحملك على راحتيّ وأدخل بك الجنة. وقد ذُكر التوقير في القرآن الكريم مرتين مرة لله عز وجل (ما لكم لا ترجون لله وقارا) ومرة مع الرسول r (وتعزروه وتوقروه) وقد جاء الخطاب القرآني موقراً للرسول r فناداه بـ (يا أيها النبي) و لم يناده باسمه كباقي الأنبياء. كل القلوب الى الحبيب تميل ومعي بهذا شاهد ودليل أما الدليل إذا ذكرت محمداً صارت دموع العارفين تسيل كثرة ذكره: لا وسيلة لاثبات محبة النبي r إلا إذا كان اللسام يلهج بذكره.
أيها المؤمنون، إن من علامات محبته الشوق إلى لقائه وتمني رؤيته، ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: « من أشد أمتي لي حباً ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله » (أخرجه مسلم: [5060])، هذه بعض علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم محبة صادقة، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم. الخطبة الثانية: أيها المسلمون، إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم حق واجب وفرض لازم على كل مؤمن ومؤمنة لا يتم إيمان العبد إلا بها. أيها المؤمنون عباد الله، إنه ليس من محبة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء الغلو فيه صلى الله عليه وسلم بل الغلو فيه مضادة لشرعه، ومحادة لله ورسوله، مخالفة لأمره ومشاقة له صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: « لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله » (أخرجه البخاري [3189])، وقال صلى الله عليه وسلم: « لقوم أثنوا عليه فأطنبوا: قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان »(أخرجه أحمد من طريقين عن ثابت عن أنس أولهما برقم: [4172] والثاني برقم: [13106] وأخرجه أو داود من طريق آخر برقم: [4172] وهو صحيح).
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم 4:3)، فإن من أصول الإيمان وركائزه الإيمان بعصمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الكذب أو البهتان، ومن ثم فمن سوء الأدب مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التشكيك والتكذيب لشيء من أحاديثه بزعم تعارضها مع العقل أو الهوى.. يقول ابن القيم في كتابه مدارج السالكين: " رأس الأدب مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كمال التسليم له والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يُحَمِّله معارضة بخيال باطل يسميه معقولا، أو يحمله شبهة أو شكا، أو يقدم عليه آراء الرجال.. ". ومن ثم حاز أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ المنزلة العالية التي حازها، بإيمانه وتصديقه حق التصديق بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ( لما أسري بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به و صدقوه، و سعوا بذلك إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أوَ قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس و جاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة.
فضل الله ـ تعالى ـ نبيه محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جميع الخلق، أولهم وآخرهم، فهو خاتم الأنبياء وإمامهم، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم) ( مسلم)، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع) ( مسلم).. ومما ينتج من اعتقاد فضله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، استشعار جلالة قدره وعظيم شأنه، واستحضار محاسنه وأخلاقه، ومكانته ومنزلته، وامتلاء القلب بمحبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وهذه المحبة وإن كانت عملا قلبيا, إلا أن آثارها ودلائلها لابد وأن تظهر على الجوارح.