وقال تعالى: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) وقال عليه السلام: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" يعني الوضوء. ومن اقتصر بقوله تعالى: (فإذا تطهرن) على غسل الرأس والجسد كله دون الوضوء، ودون التيمم، ودون غسل الفرج بالماء، فقد قفا ما لا علم له به؛ وادعى أن الله تعالى أراد بعض ما يقع عليه كلامه بلا برهان من الله تعالى. قال ابن حزم: ولو أن الله تعالى أراد بقوله (تطهرن) بعض ما يقع عليه اللفظ دون بعض، لما أغفل رسول الله بيان ذلك. فإن قالوا: قولنا أحوط، قلنا: حاش لله، بل الأحوط: أن لا نحرم عليه ما أحل الله عز وجل من الوطء بغير يقين. قال: ولم يرد عن أحد من الصحابة في هذه المسألة شيء، ولا نعلم أيضا عن أحد من التابعين، إلا عن سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، والزهري، وربيعة: المنع من وطئها حتى تغتسل. ولا حجة في قولهم لو انفردوا، فكيف وقد عارضهم من هو مثلهم؟ قال ابن حزم: وممن قال بقولنا في هذه المسألة: عطاء وطاوس ومجاهد، وقول أصحابنا. والذي أراه: أن علة النهي عن قربان الحائض هي (وجود الأذى) بنص الآية، ولهذا رتب الأمر باعتزالها على الأذى بـ (الفاء) (فاعتزلوا النساء في المحيض). الحكمة من اعتزال النساء في الحيض - فقه. فإذا انقطع الحيض، فقد ذهب الأذى الذي هو علة المنع.
إن الحق سبحانه وتعالى وهو الخالق أراد أن تكون عملية الحيض في المرأة عملية كيماوية ضرورية لحياتها وحياة الإنجاب، وأمَرَ الرجال أن يعتزلوا النساء وهنَّ حوائض؛ لأن المحيض أذًى لهم.
إذًا فقوله تعالى: (هو أذًى) تعميم بأن الأذى يصيب الرجل والمرأة. معنى "حتى يطهرن". وبعد ذلك بيَّن الحق الأعلى سبحانه أن كلمة (أذًى) حيثية تتطلب حكمًا يأتي، إما بالإجابة وإما بالحظر، ما دام (هو أذًى) فلا بد من أن يكون حظرٌ. يقول الحق عز وجل: (فاعتَزِلوا النساءَ في المَحيضِ ولا تَقرَبُوهنَّ) والذي يقول إن المَحيض هو مكان الحيض يَبني قوله بأن المحرّم هو المباشرة الجنسية، ولكن ما فوق السرة وما فوق الملابس فهو مباح، فيقول الحق سبحانه: (ولا تَقرَبُوهنَّ) أي: ولا تأتوهنَّ في المكان الذي يأتي منه الأذى، وهو دم الحيض (حتى يَطهُرنَ فإذا تَطَهَّرنَ فأتُوهنَّ من حيث أمَرَكم اللهُ). و(حتى يَطهُرنَ) من الطهور.
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة بألفاظ متقاربة وصححه الألباني. قال الشيخ السيد سابق بخصوص وطء الحائض: وهو حرام بإجماع المسلمين، بنص الكتاب والسنة، فلا يحل وطء الحائض والنفساء حتى تطهر، لحديث أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها. ولقد سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222) فقال رسول الله صلى عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " وفي لفظ: " إلا الجماع " رواه الجماعة إلا البخاري. تفسير الشعراوي الآية 222 من سورة البقرة | مصراوى. قال النووي ولو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها صار كافراً مرتداً، ولو فعله غير معتقد حله ناسياً أو جاهلاً الحرمة أو وجود الحيض، فلا إثم عليه ولا كفارة، وإن فعله عامداً عالماً بالحيض والتحريم مختاراً فقد ارتكب معصية كبيرة، يجب عليه التوبة منها، وفي وجوب الكفارة قولان: أصحهما أنه لا كفارة عليه... وأما بخصوص الأضرار المترتبة على جماع الحائض فيمكنك مراجعة قسم الاستشارات الطبية بالشبكة الإسلامية، ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى الآتية 12639 5463 144 والله أعلم.