الشبهة السادسة: يقولون إن إعجاز القرآن للعرب لا يدل على أن القرآن كلام الله بل هو كلام محمد نسبه إلى ربه ليستمد قدسيته من هذه النسبة وإعجازه جاء من ناحية أن محمدًا كان الفرد الكامل في بيانه بين قومه لذلك جاء قرآنه الفرد الكامل أيضًا بين ما جاء به قومه ولم يستطيعوا لهذا الاعتبار وحده أن يأتوا بمثله شأن الرجل الفذ بين أقرانه في كل عصر. 1- أن كل من أوتي حظًا من حسن البيان وذوق البلاغة يفرق بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث النبوي، ولو كان لهذه الشبهة شيء من الوجاهة لكان أولئك العرب الخلص أولى بأن يرفعوا أصواتهم بها. 2- أن القرآن الكريم تحدى العرب من الناحية التي نبغوا فيها وهي صناعة الكلام ولو كان كلام محمد لأمكن العرب البارزين في البيان أن يعرفوا أنه كلامه بما أوتوا من ملكة النقد. ما هو فضل تلاوة القران الكريم. خاصة وأن القرآن اكتفى منهم في معرض التحدي أن يأتوا بسورة من مثل أقصر سوره. 3- أن القرآن لو كان مصدره نفس محمد لكان من الفخر له أن ينسبه إلى نفسه ولأمكن أن يدعي به الألوهية فضلًا عن النبوة. ولكان مقدسًا في نظر الناس وهو إله أكثر من قداسته في نظرهم وهو نبي ولما كان في حاجة إلى أن يلتمس هذه القدسية الكاذبة بنسبته القرآن إلى غيره.
التعبُّد بتلاوته: وذلك بتلاوته آناءَ الليل وأطراف النهار، وبالأخص في شهر الصيام تعظيمًا لشعائر الله، فبكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، والإكثار من قراءة القرآن الكريم والتدبر في آياته سبيل إلى تعميق الإيمان بالله؛ حيث ورد الاقتران بين تلاوته والإيمان به؛ قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 121]. فهذه بعض مقاصد القرآن الكريم وأهدافه، أما إنْ شئنا الحديث بالتفصيل عن أسرار القرآن الكريم ومعانيه العظيمة ومقاصده النبيلة، فلا تسَعُنا إلا المجلَّدات ولا تكفينا إلا الكُتب العديدة؛ لحصر مقاصد القرآن الكريم، فكلُّه حكم وأسرار ولطائف ربانيَّة، تتوق النُّفوس إلى النَّهَل من معينه والاسترشاد بأحكامه وقيَمه ومبادئه العظيمة.