وقال زهير: بخيل عليها جنة عبقرية جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا وقال الجوهري: العبقري موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد: كهول وشبان كجنة عبقر ثم نسبوا إليه كل شيء يعجبون من حذقه وجودة صنعته وقوته فقالوا: عبقري وهو واحد وجمع. وفي الحديث: " إنه كان يسجد على عبقري " وهو هذه البسط التي فيها الأصباغ والنقوش حتى قالوا: ظلم عبقري وهذا عبقري قوم للرجل القوي. وفي الحديث: فلم أر عبقريا يفري فريه ثم خاطبهم الله بما تعارفوه فقال: وعبقري حسان وقرأه بعضهم " عباقري " وهو خطأ لأن المنسوب لا يجمع على نسبته ، وقال قطرب: ليس بمنسوب وهو مثل: كرسي وكراسي وبختي وبخاتي. مقطع قصير: تأملات في قوله تعالى: {متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان} - أيمن الشعبان - طريق الإسلام. وروى أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ " متكئين على رفارف خضر وعباقر حسان " ذكره الثعلبي. وضم الضاد من خضر قليل. قوله تعالى: تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام تبارك تفاعل من البركة وقد تقدم. ذي الجلال أي: العظمة. وقد تقدم والإكرام وقرأ عامر ( ذو الجلال) بالواو [ ص: 175] وجعله وصفا للاسم ، وذلك تقوية لكون الاسم هو المسمى. الباقون " ذي الجلال " جعلوا " ذي " صفة ل " ربك ". وكأنه يريد الاسم الذي افتتح به السورة ، فقال: الرحمن فافتتح بهذا الاسم ، فوصف خلق الإنسان والجن ، وخلق السماوات والأرض وصنعه ، وأنه كل يوم هو في شأن ووصف تدبيره فيهم ، ثم وصف يوم القيامة وأهوالها ، وصفة النار ثم ختمها بصفة الجنان.
وقد ذُكر أن العرب تسمي كل شيء من البسط عبقريا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: الزرابيّ. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: العبقريّ: الزرابيّ الحسان. حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير، في قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: العبقريّ: عتاق الزرابيّ. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: العبقريّ، الزرابيّ. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: الزرابيّ. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: زرابيّ. حدثي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: العبقريّ: الطنافسي. وقال آخرون: العبقريّ:الديباج. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) قال: هو الديباج.
ثم قال في آخر السورة: تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام أي هذا الاسم الذي افتتح به هذه السورة ، كأنه يعلمهم أن هذا كله خرج لكم من رحمتي ، فمن رحمتي خلقتكم وخلقت لكم السماء والأرض والخلق والخليقة والجنة والنار ، فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه ثم قال: ذي الجلال والإكرام جليل في ذاته ، كريم في أفعاله. ولم يختلف القراء في إجراء النعت على الوجه بالرفع في أول السورة ، وهو يدل على أن المراد به وجه الله الذي يلقى المؤمنون عندما ينظرون إليه ، فيستبشرون بحسن الجزاء ، وجميل اللقاء ، وحسن العطاء والله أعلم. [ ص: 176]