تاريخ النشر: الأربعاء 9 ذو الحجة 1433 هـ - 24-10-2012 م التقييم: رقم الفتوى: 189425 28108 0 275 السؤال ما حكم قراءة الفاتحة عند المقبرة، وقول إحدى النساء لمن يجلسن في العزاء: الفاتحة لروح الميت ؟ ما حكم قراءة القرآن لروح الميت، أو الصلاة بدلا عنه لما تركه؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد اختلف أهل العلم في حكم قراءة القرآن الكريم -الفاتحة وغيرها- عند المقبرة، فكرهها بعضهم، وأجازها بعضهم، وانظري الفتوى رقم: 14865. والراجح من أقوالهم أن ثواب قراءة القرآن يصل إلى الميت، سواء في ذلك سورة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن؛ لأن من عمل عملاً ملك ثوابه، ومن ملك شيئاً فله أن يهبه لمن شاء، ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع من الانتفاع بالثواب إلا الكفر عياذاً بالله تعالى. وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: ولا تكره القراءة على القبر في أصح الروايتين؛ هذا هو المشهور عن أحمد. ولذلك فإن أمر البعض بقراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن، وإهداء ثوابها لميت مسلم، لا حرج فيه إن شاء الله تعالى؛ وانظري الفتوى رقم: 18641. وأما الصلاة عن الميت فلا تصح على خلاف وتفصيل في ذلك؛ لأن الصلاة من العبادات البدنية المحضة فلا تدخلها النيابة.
ردت دار الإفتاء المصرية، على سؤال أحد متابعى صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، حول حكم قراءة الفاتحة للميت أو لأكثر من ميت جاء نصه: "هل يلزم قراءة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم لكل متوفى على حدة، أم يمكن إهداؤها للجميع دفعة واحدة؟". وقالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع لا مانع من قراءة الفاتحة وهبة ثوابها للميت سواء كان ذلك لكل ميت واحد على حِدَة أو لعدة أموات مرة واحدة؛ فكل ذلك جائز أن شاء الله تعالى. يذكر أن دار الإفتاء كانت قد أكدت عبر صفحتها الرسمية صباح اليوم، أنه من السُّنة الشريفة أن يقف المشيِّعون للجنازة عند القبر ساعةً بعد دفن الميت والدعاء له، والدعاء للميت والذِّكْر عند قبره يكون سرًّا أو جهرًا، وبأى صيغةٍ تشتمل عليه، فالأمر فى ذلك واسعٌ، والدعاء فى الجَمْعِ أرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأَجْمَعُ للهمة وأدعى للتضرع والذلة بين يدى الله تعالى".
أما كون أهل الميت يصنعون طعامًا ويجمعون الناس على القراءة أو على دعاء أو على غير ذلك فهذا ليس من السنة، قال جرير بن عبد الله البجلي : «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن كنا نعده من النياحة» فهذا يدل على أن هذا لا يجوز ولا ينبغي وليس من المشروع بل هو خلاف المشروع. نعم. المقدم: بالنسبة لرفع أيديهم وقراءة الفاتحة فوق المقابر؟ الشيخ: كذلك عند المقابر هذا لا يجوز أيضًا وليس له أصل، لا ترفع الأيدي عند المقابر ولا يقرأ القرآن بين القبور ولا عند زيارة المقابر ليس له أصل هذا، ولكن السنة أن يدعو للموتى ويستغفر لهم، كان النبي ﷺ إذا زار القبور دعا للأموات بالمغفرة والرحمة، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية وفي رواية أخرى: يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم هكذا عليه الصلاة والسلام. فهذا يدلنا على أن السنة في زيارة القبور الدعاء للأموات والترحم عليهم، أما أنه يقرأ لهم القرآن أو يرفعوا الأيدي إلى السماء أو إلى أي إشارة فهذا شيء لا أصل له.
السؤال: يسأل ويقول: هل أقرأ الفاتحة خلف الإمام؟ أم لا؟ الجواب: الواجب أن تقرأها خلف الإمام لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ، فهذا يدلنا على أنه يقرأ خلف الإمام الفاتحة، ثم ينصت، ولا يقرأ زيادة عليها إلا في السرية كالظهر والعصر يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه لا يسمع شيئًا. أما في العشاء والمغرب والفجر فإنه يكتفي بالفاتحة ولا يزيد عليها، بل يستمع لقراءة إمامه، فإن جاء متأخرًا ولم يدرك إلا الركوع ما أمداه على الفاتحة أجزأه ذلك والحمد لله على الصحيح عند جمهور أهل العلم، وهكذا لو قد ترك الفاتحة جهلًا منه وهو مع الإمام أو نسيانًا أجزأته ركعته كالذي جاء والإمام راكع يجزئه ذلك للعذر الشرعي. فهي في حقك واجبة بخلاف الإمام والمنفرد فإنها ركن في حقهما، أما في حق المأموم فوجوبها أسهل، ولهذا لم يأمر النبي ﷺ من أدرك الإمام راكعًا أن يقضي الركعة، النبي ﷺ قال: زادك الله حرصًا ولا تعد لما ركع دون الصف ثم دخل في الصف خوفًا أن تفوته الركعة. نعم. المقدم: جزاكم الله خيرًا. فتاوى ذات صلة
السؤال: هذا سؤال من المستمع محمد مختار أحمد من السودان، يقول: عندنا بعض العادات في العزاء؛ ومنها: أن يرفع الناس أيديهم لأهل الميت ويقولون: الفاتحة.. ويقرءون سورة الفاتحة، فهل هذا جائز أم لا؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فالمشروع في العزاء هو الدعاء لأهل الميت بالتوفيق بالصبر والاحتساب وعظيم الأجر وغفران الذنوب للميت، أما رفع الأيدي إليهم وقراءة الفاتحة فليس له أصل ورفع الأيدي ما ندري ما مراده، فإن كان المراد به المصافحة عند اللقاء فهذا لا بأس به، هذا مشروع كونه يصافح المعزى إذا كان رجل أو كانت امرأة ذات محرم له كخالته وعمته وأمه ونحو ذلك فلا بأس أن يصافح المعزى ويقول: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وجبر مصيبتك. هذا كله طيب، يقال هذا للرجل والمرأة جميعًا، فيصافح الرجل ويصافح المرأة إذا كانت محرمًا له كأخته وعمته وخالته. أما النساء غير المحارم فلا يصافحن، وما يفعله بعض الناس من مصافحة النساء غلط لا يجوز، يقول النبي ﷺ: إني لا أصافح النساء وتقول عائشة رضي الله عنها: «ما مست يد رسول الله يد امرأة قط - يعني: في البيعة- قالت: ما كان يبايعهن إلا بالكلام».
وكذلك كونه يقدم نقودًا لصاحب القبر فالنقود قربة، مثلما يتقدم إلى الله بالصدقات التي يعطيها الفقراء، فإذا أعطى فقراء نقودًا فهي صدقة يرجى ثوابها من الله عز وجل، فإذا قدمها للميت فقد عبده بهذه الصدقة، عبده بهذه النقود التي يتقرب بها للميت، ويأخذها زيد وعمرو، فهذا منكر عظيم وشرك فظيع لا يجوز أبدًا، فيجب على المؤمن أن يحذر هذه الشرور وأن ينبه غيره على ذلك، والله المستعان. نعم. المقدم: أنا فهمت من سؤاله -إذا أذنتم لي- سماحة الشيخ. الشيخ: نعم. المقدم: أنه يقول: ما حكم الفاتحة للميت، يعني: لأبيه مثلًا، وذبح المواشي ودفع الفلوس إلى أهل الميت كنوع من المواساة؟ الشيخ: إذا كان أراد هذا فله معنى آخر، أما قراءة الفاتحة فهي بدعة، كونه يقرأ الفاتحة للأموات أو على قبورهم هذا من البدع، لم يفعلها النبي ﷺ ولا أصحابه وأرضاهم، فلا يجوز أن يقرأ للموتى الفاتحة ولا غيرها.
هناك الكثير من الأدعية التي يمكن ترديدها للميت، ونستعرض أفضل الأدعية للميت. ولكن للتأكيد على شرعية الدعاء للميت، فقد أوضحت دار الإفتاء، أن الدعاء للميت والذكْر عند قبره يكون سرًا أو جهرًا، وبأي صيغة. اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلان في ذِمَّتِكَ وحَلَّ بجوارك، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْر، وَعَذَابَ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفاءِ والحَمْدِ، اللَّهُمَّ فاغفِرْ لهُ وَارْحَمْهُ، إنكَ أَنْتَ الغَفُور الرَّحيمُ. اللهمّ إنّه كان يشهد أنّك لا إله إلّا أنت، وأنّ محمّداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به. اللهم أرحم من عجزت عقولنا عن استيعاب فراقهم وأجعل قبورهم نوراً وضياء إلى يوم يبعثون.
قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى وإذ أخذ ربك أي واذكر لهم مع ما سبق من تذكير المواثيق في كتابهم ما أخذت من المواثيق من العباد يوم الذر. وهذه آية مشكلة ، وقد تكلم العلماء في تأويلها وأحكامها ، فنذكر ما ذكروه من ذلك حسب ما وقفنا عليه فقال قوم: معنى الآية أن الله تعالى أخرج من ظهور بني آدم بعضهم من بعض. تفسير: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم … ). قالوا ومعنى وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم دلهم بخلقه على توحيده; لأن كل بالغ يعلم ضرورة أن له ربا واحدا. ألست بربكم أي قال. فقام ذلك مقام الإشهاد عليهم ، والإقرار منهم; كما قال تعالى في السماوات والأرض: قالتا أتينا طائعين ذهب إلى هذا القفال وأطنب. وقيل: إنه سبحانه أخرج الأرواح قبل خلق الأجساد ، وأنه جعل فيها من المعرفة ما علمت به ما خاطبها. قلت: وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذين القولين ، وأنه تعالى أخرج الأشباح فيها الأرواح من ظهر آدم عليه السلام.
(وأما ابن عاشور* فذكر القول الأول وكأنه يقول به ثم يفهم من بقية كلامه أنه لا يقول إلا بالثاني). فقد قال: "وأخذ العهد على الذرية المخرجين من ظهور بني آدم يقتضي أخذ العهد على الذرية الذين في ظهر آدم بدلالة الفحوى، ومما يثبت هذه الدلالة أخبار كثيرة رويت عن النبي وعن جمع من أصحابه، متفاوتة في القوة غير خال واحد منها عن متكلم، غير أن كثرتها يؤيد بعضها بعضاً". ثم قال: "والإشهاد على الأنفس استعير لحالة مغيبة تتضمن هذا الإقرار يعلمها الله لاستقرار معنى هذا الاعتراف في فطرتهم. والقول في (قالوا بلى) مستعار أيضاً لدلالة حالهم على الاعتراف بالربوبية لله تعالى". وقال: "والكلام تمثيل حال من أحوال الغيب، من تسلط أمر التكوين الإلهي على ذوات الكائنات وأعراضها عند إرادة تكوينها، لا تبلغ النفوس إلى تصورها بالكنه، لأنها وراء المعتاد المألوف، فيراد تقريبها بهذا التمثيل. تفسير قوله تعالى : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ. وحاصل المعنى: أن الله خلق في الإنسان من وقت تكوينه إدراك أدلة الوحدانية، وجعل في فطرة حركة تفكير الإنسان التطلع إلى إدراك ذلك، وتحصيل إدراكه إذا جرد نفسه من العوارض التي تدخل على فطرته فتفسدها". وقال: "(قالوا بلى) أطلق القول إما حقيقة فذلك قول خارق للعادة، وإما مجازاً على دلالة حالهم على أنهم مربوبون لله تعالى".
الشيخ: يعني: مَن رُزق السَّلامة شكر نعمةَ الله عليه أنَّه سلم، ومَن ابتُلي فعليه الصَّبر، والحديث ضعيفٌ؛ لأنَّ عبدالرحمن بن زيد بن أسلم ليس بشيءٍ في الرِّواية. تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ..} (1). ولكن المعنى صحيح، إنَّ ربَّك حكيم، عليم، خلق عباده مُتفاوتين؛ فيهم الأسود والأبيض، وتامّ الخلقة، وناقص الخلقة، والأعمى، والأكمه، والأبرص، وغير ذلك؛ ليحمد ويشكر، وليعرف العبدُ أنَّ الله سبحانه اختار له هذا الخير، ورزقه هذه النِّعمة، فليشكر ربَّه، وليصبر المبتلى، ويعلم أنَّ ربَّه -جلَّ وعلا- حكيم، عليم، وأنَّه متى صبر فله الأجر العظيم والخير الكثير، كما قال -جلَّ وعلا-: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، وقال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7]، وقال: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. وقال النبي ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّه له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن رواه مسلم في "الصحيح" عن صهيب ، لكن السَّند من رواية عبدالرحمن بن زيد ضعيف. س: مَن رأى مُبتلًى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به غيري؟ ج: ما أعرف حاله.
لأن الله تعالى قال: (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) فمعلوم إذاً أنه على كلا القولين لا تقوم الحجة إلا بإرسال الرسل. قال السعدي في " تفسيره ": "يقول تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أي: أخرج من أصلابهم ذريتهم، وجعلهم يتناسلون ويتوالدون قرناً بعد قرن. وحين أخرجهم من بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أي: قررهم بإثبات ربوبيته بما أودعه في فطرهم من الإقرار بأنه ربهم وخالقهم ومليكهم. قالوا: بلى قد أقررنا بذلك، فإن الله تعالى فطر عباده على الدين الحنيف القيم. فكل أحد فهو مفطور على ذلك. هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات. وقد قيل: إن هذا يوم أخذ الله الميثاق على ذرية آدم، حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك، فاحتج عليهم بما أقروا به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم، وعنادهم في الدنيا والآخرة، ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة الله تعالى، والواقع شاهد بذلك. فإن هذا العهد والميثاق الذي ذكروا أنه حين أخرج الله ذرية آدم من ظهره حين كانوا في عالم كالذر لا يذكره أحد، ولا يخطر ببال آدمي، فكيف يحتج الله عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر".
في حين أن الأدلة التي يرونها في السماء والأرض هي حجة على كل عاقل بوجود رب واحد, ولذلك يكثر الله من الاستدلال بها في القرآن. والآن إلى ذكر أقوال المفسرين في الآية. اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية على قولين: القول الأول: أن الله أخرج جميع ذرية آدم من ظهور الآباء في صورة الذر، فقررهم بربوبيته وتوحيده وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا: بلى بلسان المقال (اقتصر عليه ابن جرير*, والبغوي*) (ومال إليه ابن عطية*, والقرطبي*) (ورجحه الشنقيطي*) (ورجحه الرازي*, ورأى أن القول الثاني لا طعن فيه البتة، وأن لا ينافي هذا القول). وجاءت آثار موقوفة عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو فيها ذكر هذا الإشهاد وأن الله نثرهم بين يديه كالذرِّ، وأخذ عليهم الميثاق وكلمهم فقال: ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا. قال الشنقيطي: " أشهدهم على أنفسهم بلسان المقال: أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى ثم أرسل بعد ذلك الرسل مذكرة بذلك الميثاق الذي نسيه الكل ولم يولد أحد منهم وهو ذاكر له, وإخبار الرسل به يحصل به اليقين بوجوده ". القول الثاني: أن المراد بإخراج بني آدم من ظهور آبائهم إيجاد قرن منهم بعد قرن، وإنشاء قوم بعد آخرين والمراد بقوله: وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى إشهادهم على أنفسهم بما نصب لهم من الأدلة القاطعة بأنه ربهم, وقوله: (قالوا بلى) أي: بلسان حالهم لظهور الأدلة لكل عاقل.