عاش في قديم الزمان نبيٌ جليلٌ ، هو هارون بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، وهو أخو نبي الله موسى عليه السلام ، وقد كان يعين نبي الله موسى عليه السلام في دعوته ، وخاصًة أنه كان أفصح لسانًا من موسى ، فقد دعا سيدنا موسى عليه السلام ربه أن يجعل من هارونَ نبيًا حتى يعينه في دعوته ويعينه في مواجهة فرعون وجنوده. كما ورد في الآيات الكريمة { قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي *يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} {سورة طه ، الآيات 25-36}. فعندما أغرق الله فرعون ومن معه وانطلق بنو إسرائيل ناحية الطور الأيمن ، وتهيأ موسى للقاء ربه كي يتلقى تعليمات منه ، بعد أن نصر الله بني إسرائيل على عدوهم ، وتكفل لهم برزقهم وطعامهم فأنزل عليهم المن وساق إليهم طيور السلوى ، وأصبح واجبًا عليهم أن يعبدوا الله مخلصين له الدين ، وأن يتلقوا تعليماته بعد أن نصرهم.
جمع الله لهارون عليه السلام بين الكثير من أعظم الصفات الدينية والأخلاقية وكان قلب هارون - عليه السلام - رؤوفاً رحيماً رؤوماً مشفقاً، تميز بالرفق، وكان يتحلى بالحكمة والصبر، ولذلك حاول أن يجمع ما تبقى من بني إسرائيل في قصة العجل رغم اضطهادهم له، قال الله تعال: (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي) سورة الأعراف:150كما أنه تحلَّى بالشجاعة في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع أولئك الفراعنة. وقد قيل: إن هارون - عليه السلام - كان أكبر من موسى - عليه السلام - بسنة، وقيل بثلاث، وهو في الخبرة ببني القبط وقوم فرعون يفوق موسى - عليه السلام - من جهة أنه كان قبله في مخالطتهم وأكثر منه في مدة المكث معهم ومعايشتهم، وهذه الخبرة مهمة في الدعوة لهؤلاء القوم. جمع الله لهارون - عليه السلام - بين الصفات الدينية والأخلاقية، فكان صادقاً، أميناً، تقياً، صالحاً، هيّناً، ليّناً، سهلاً، مطيعاً لموسى - عليه السلام -، ويندر أن تجد أخاً أكبر يلين مع أخيه الأصغر ويطيعه، فموسى هو الأمير وهارون هو الوزير، فهو وإن كان أكبر من موسى لكنه يسلم له في القياد. وقد بلغ من منزلة هارون - عليه السلام - أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لما لقيه ليلة المعراج في السماء الخامسة قال له: (مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح).
وعندما تهيأ سيدنا موسى عليه السلام للقاء ربه اجتمع بأخيه هارون ، وقال له يا هارون: إني أوصيك ببني إسرائيل أمكث معهم ولا تتركهم وحافظ عليهم ، ولا تسمح لهم بأن يتفرقوا أو يبدلوا في دين الله شيئًا ، فأجابه هارون: لبيك يا أخي. ولما ذهب سيدنا موسى إلى جبل الطور وبقى هارون مع قومه يرشدهم للخير و الصواب ، جاء رجلٌ منهم ذات يوم يدعى السامري وقال: يا بني إسرائيل أتريدون أن تروا إلهكم ، فأجاب بني إسرائيل: بنعم ، فجمع بني إسرائيل ما معهم من الذهب ، وأخذ يصنع لهم عجلًا ولما أتم السامري العجل ، أخذ قبضة من التراب من أثر الملك جبريل وألقاها على العجل فأصبح يصدر منه خوار. فظن بني إسرائيل أنه إلههم وأخذوا يعبدونه من دون الله ، فقال لهم نبي الله هارون عليه السلام: يا بني إسرائيل إن إلهكم الله وليس هذا العجل أتكفرون بعد أن هداكم! ، قالوا: هذا إلهنا ولكن موسى ذهب إلى جبل الطور للقاء ربه ونسى أن الرب هنا ، فقال لهم هارون عليه السلام: إنكم بفعلكم هذا تغضبون الله عز وجل الذي أعزكم بعد أن كنتم أذلاء ، فردوا قائلين: سنظل نعبد العجل حتى يرجع إلينا موسى ، وإياك أن تنهانا عن ذلك وإلا قاتلناك يا هارون. جاء موسى عليه السلام وهو غاضبًا من قومه ، فقد أخبره الله جلت قدرته أنهم اتخذوا إلهًا من بعده ، وقال موسى عليه السلام لقومه: يا قوم ألم يعدكم ربكم بنصركم وبدخول الأرض المقدسة ، فماذا أردتم بعملكم هذا ؟ هل أردتم غضب الله عليكم ، ثم التفت موسى لأخيه هارون وأمسك برأسه ولحيته بشدة وقال: يا هارون ألم أمرك بالحفاظ على قومك أم أنك عصيت أمري.
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من دولة البحرين، المالكية، وباعثها مستمع من هناك يقول: محمد سلمان عبد الله، أخونا يقول في رسالته: سماحة الشيخ، إنني شاب وأريد الزواج من امرأة عقيم عاقر غير منجبة للأطفال؛ لأنني لا أريد الذرية والنسل، فهل هذا يجوز شرعًا، حتى ولو كنت ميسور الحال؟ أفيدوني ووجهوني، جزاكم الله خيرًا. الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد دلت سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه يشرع للمؤمن أن يلتمس الزوجة الودود الولود؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة فالأفضل لك -يا أخي- أن تلتمس الولود الودود حتى تجمع بين المصلحتين، قضاء شهوتك وحاجتك وعفة نفسك، وتحصيل الأولاد التي تكثر بها الأمة، وينفعك الله بهم إذا صلحوا، هذا هو الأولى لك، والأفضل لك. ونكاح العقيم لا شيء فيه لا بأس به، لا حرج في ذلك، لكن نكاح الولود الودود أفضل وأولى، وإذا جمعت بين المرأتين نكحت ودودًا ولودًا، ونكحت عقيمًا، وجمعت بين الأمرين؛ فلا بأس هذا إليك، ونسأل الله أن يوفق الجميع، نعم.
تاريخ النشر: الأحد 25 جمادى الأولى 1428 هـ - 10-6-2007 م التقييم: رقم الفتوى: 96763 318465 0 519 السؤال هل هذا حديث صحيح، قال النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى الحديث: تكاثروا فإني أباهي بكم يوم القيامة. فأرجو أن تعطوني نص الحديث إذا كان النص صحيحا؟ الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد ورد هذا المعنى في عدة أحاديث منها ما رواه النسائي وأبو داود والإمام أحمد بلفظ: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. ومنها: تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة. وهو حديث صحيح رواه الشافعي عن ابن عمر. التفريغ النصي - تزوجوا الودود الولود - للشيخ أبو إسحاق الحويني. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: الأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، فأما حديث: فإني مكاثر بكم؛ فصح من حديث أنس بلفظ: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة. أخرجه ابن حبان، وذكره الشافعي بلاغاً عن ابن عمر بلفظ: تناكحوا تكاثروا فإني أباهي بكم الأمم. وللبيهقي من حديث أبي أمامة: تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى. وورد: فإني مكاثر بكم أيضاً من حديث الصنابحي وابن الأعسر ومعقل بن يسار بن حنيف وحرملة بن النعمان وعائشة وعياض بن غنم ومعاوية بن حيدة وغيرهم، وأما حديث: لا رهبانية في الإسلام فلم أره بهذا اللفظ.
الحمد لله. روى أبو داود (2050) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ لا ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ. صححه الألباني في إرواء الغليل 1784 فهذا الحديث يدل على الترغيب في نكاح المرأة الولود أو كثيرة الولادة ؛ حتى تكثر الأمة ، ويحصل بذلك مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته سائر الأمم ، وفي ذلك الترغيب في كثرة الأولاد. وقد ذكر الغزالي أن الرجل إذا تزوج ونوى بذلك حصول الولد كان ذلك قربة يؤجر عليها من حسنت نيته ، وبَيَّن ذلك بوجوه: الأول: موافقة محبة الله عز وجل في تحصيل الولد لإبقاء جنس الإنسان. تزوجوا. الثاني: طلب محبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تكثير من يباهي بهم الأنبياء والأمم يوم القيامة. الثالث: طلب البركة ، وكثرة الأجر ، ومغفرة الذنب بدعاء الولد الصالح له بعده. ومن المعلوم أن الأولاد منذ القديم كانوا أمنية الناس حتى الأنبياء والمرسلين وسائر عباد الله الصالحين، وسيظلون كذلك ما سلمت فطرة الإنسان ، فالأولاد نعمة تتعلق بها قلوب البشر وترجوها.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيرًا.
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ– رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَحبَبتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَال ٍوَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: "لَا" ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ". الإنجاب ثمرة من أعظم ثمرات الزواج ومقصد من أهم المقاصد، بل هو المقصد الأصلي وما سواه تبع له، وطلبه واجب على الكفاية، بمعنى أن الناس لو تركوا هذا المطلب ولم يسعوا إلى تحصيله أثموا جميعاً. وذلك لأن الإنجاب حفظ النسل واستمرار لبقاء الإنسانية حتى يرث الله الأرض ومن عليها. تزوجوا الودود الولود. ومن أجل ذلك شرع الله الزواج ووضع له نظاماً دقيقاً محكماً يكفل لكل من الزوجين حقه على الآخر في ظل المودة والرحمة، وحثهما على الإنجاب بأسلوب يفصح عن مدى الحاجة إليه والرغبة فيه، والتمتع به والشكر عليه. قال عليه الصلاة والسلام: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ". فكانت هذه الوصية قاطعة في النهي عن الزواج من العقيم التي لا تلد.