وقعة عين جالوت التي أوقفت زحف التتار على بلاد المسلمين. وعين جالوت هذه اسم لعين ماء شهيرة في فلسطين، التقى فيها جيش المسلمين أيام السلطان الظاهر بيبرس الجاشنكيزي وقائد الملك المظفر قطز وجيش التتار بقيادة كتبغانوين. قال ابن كثير (البداية 13/ 221): هجم المسلمون هجمة صادقة على التتار فهزموهم هزيمة لا تجبر أبداً وقتل أمير التتار كتبغانوين في المعركة وأسر ابنه، فأحضر بين يدي المظفر قطز فقال له: أهرب أبوك؟ قال إنه لا يهرب. فطلبوه فوجدوه بين القتلى. فلما رآه ابنه صرخ وبكى. فلما تحققه المظفر قطز سجد لله تعالى ثم قال: كان هذا سعادة التتار وبقتله ذهب سعدهم. وكان قتله يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، وكان الذي قتله الأمير آقوش الشمس. رحمه الله. وكان كتبغانوين هذا هو الذي قاد جيوش التتار لهولاكو فاحتل ودمر ودوخ البلاد من أقصى بلاد العجم إلى بلاد الشام حتى قتل في عين جالوت، لا رحمه الله. حدث في رمضان.. معركة "عين جالوت" أول هزيمة للتتار. ومن حوادث اليوم الخامس والعشرين من رمضان سنة 491هـ أن الأفضل بن بدر الجمالي قاد جيشاً إلى مدينة القدس فحاصروها ونصبوا عليها المنجنيق (معجم البلدان 5/ 171) ما دفع بها إلى الاستسلام له بالأمان وخرج منها أميراها المكسوران سكمان بن ارتق وأخوه ايلغازي التركمانيين نحو العراق.
ــ استولى الإسكندر الأكبر المقدوني على فلسطين سنة 332ق. م، واستمر خلفاؤه المقدونيون، والبطالمة في حكم المدينة حتى سنة 198ق. م، فأصبحت تابعة للسلوقيين في سوريا. من قتل جالوت. ــ استولى الرومان على أورشاليم سنة 63ق. م، وضُمت إلى الإمبراطورية الرومانية، فقام اليهود بأعمال شغب في القرن الميلادي الأول، فجاء القائد الروماني " تيطس "، وأحرق المدينة، وأسر اليهود. ثم تمردوا مجددا في القرن الميلادي الثاني، فسارع القائد الروماني " هدريان " إلى تدمير المدينة ومعبدها مجددا، وأخرج اليهود منها، ولم يسمح لهم بالعودة إليها، وأبقى على المسيحيين فيها، وغيّر اسمها إلى " إيلياء ". ــ نقل الإمبراطور الروماني " قسطنين الأول " عاصمته من روما إلى بيزنطة، وأعلن المسيحية ديانة رسمية للدولة، وبُنيت كنيسة القيامة سنة 326 م. ثم انقسمت الدولة سنة 395 م إلى قسمين متناحرين طال صراعهما، فضعفت الدولة، فعاد الفرس بقيادة ملكهم كسرى الثاني لاحتلال إيلياء، وظلت بأيديهم من سنة 614م ــ 628م، فاستعادها الرومان بقيادة " هرقل ". ــ بُعث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام سنة 610م، ثم وقعت حادثة الإسراء والمعراج لتعلن رباطا وثيقا بين إيلياء وعروبتها وإسلاميتها.
ت + ت - الحجم الطبيعي في الخامس والعشرين من رمضان عام 658هـ، انتصر المسلمون بقيادة الملك المظفر سيف الدين قطز في المعركة الخالدة عين جالوت، حيث قهرت الجيوش الإسلامية التتار، الذين قتلوا ملايين البشر من المسلمين وغيرهم، وقضوا على خلافة المسلمين وعاصمتها بغداد في عام 656هـ. "عين جالوت" أصابت بسهامها المغول وغيرت موازين القوى العظمى في الشام ومصر. يعد قطز من أبرز قادة دولة المماليك، وهو سليل ملوك بلاد ما وراء النهر (أوزبكستان الآن)، ورغم أن فترة حكمة لم تدم سوى عام واحد إلا أنه استطاع أن يُوقف زحف المغول؛ الذي كاد أن يقضي على الدولة الإسلامية، وهزمهم هزيمة منكرة في عين جالوت. خطر مدمِّر كان من نتائج سقوط بلاد الشام في أيدي المغول وحلفائهم أن عم الرعب والخوف سائر أرجائها، فهرب الناس باتجاه الأراضي المصرية، وصاروا يبحثون عن قيادة حكيمة قوية تنهي الخلاف وتوحد الكلمة، وتعيد تنظيم الشتات، وتبعث روح الجهاد الإسلامي في النفوس لدرء ذلك العدوان الذي استشرى خطره وبات يهدد ما بقي من العالم الإسلامي بالدمار والهلاك، وقد كانت مصر حينذاك هي البلد الإسلامي الوحيد المؤهل للقيام بهذه المهمة. فبعدما سحق التتار كل الإمارات الإسلامية من الصين في أقصى الشرق مروراً بوسط آسيا وإيران والعراق والشام، لم يتبقَّ لهم في حصادهم البشري إلا مصر، التي لو سقطت حينها لأمكن للتتار أن يرتعوا في القارة الأوروبية، فضلاً عن إفريقيا وبلاد المغرب الإسلامي، لا يردهم في ذلك رادٌّ.