عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ». [ صحيح. العبادة في الهرج (خطبة). ] - [رواه مسلم. ] الشرح في هذا الحديث أنَّ من ابتعد عن مواطن الفتن والقتل واختلاط الأمور وفساد الدين، ثم أقبل على عبادة ربه، والتمسك بسنة نبيه كان له من الأجر والمثوبة كمن هاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. الترجمة: الإنجليزية الفرنسية الإسبانية التركية الأوردية الإندونيسية البوسنية الروسية البنغالية الصينية الفارسية تجالوج الهندية الفيتنامية السنهالية الكردية الهوسا البرتغالية التاميلية عرض الترجمات
المقصود بالهَرْج الهَرْج: الاختلاط؛ هرج الناس يَهْرِجون -بالكسر- هَرْجًا من الاختلاط؛ أي اختلطوا، وأصل الهَرْج: الكثرة في المشي والاتساع، والهَرْج: الفتنة في آخر الزمان، والهَرْج: شدة القتل وكثرته؛ وفي الحديث الصحيح: (بين يَدَيِ الساعة هَرْج)؛ أي: قتال واختلاط. شرح الحديث يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم أن العبادة في زمن الهَرْج والفتنة والغفلة تعدِل أجر وثواب الهجرة، والهجرة -كما هو معلوم- أعلى الطاعات منزلة عند الله عز وجل، وازدياد الفتن وشيوعها دليلٌ على قُرب الساعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بين يَدَيِ الساعةِ أيامًا، يُرفَعُ فيها العلمُ، وينزلُ فيها الجهلُ، ويَكثُرُ فيها الهَرْجُ -والهَرْجُ القتلُ-) متفق عليه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يتقارب الزمان، ويُقْبَضُ العِلمُ، وتظهر الفتنُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكثُرُ الهَرْجُ)، قالوا: وما الهَرْجُ؟ قال: (القتل) متفق عليه. يقول المُنَاوِي في فيض القدير: "قوله صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهَرْج) أي: وقت الفتن واختلاط الأمور، (كهجرة إلي): في كثرة الثواب، أو يقال: المهاجر في الأول كان قليلاً؛ لعدم تمكُّن أكثر الناس من ذلك، فهكذا العابد في الهَرْج قليل.
تبين أنهم قد اشتغلوا بأمور أخرى أشغلتهم كثيرًا وصارت هي ديدنهم على المنابر، وغيرها، شغل الناس، فبعض البلاد انشغلوا منذ عقود؛ فبلادهم تموج، وبعض البلاد طرأت عليهم الفتن في سنيات متأخرة، وبعضهم طرأت عليهم الفتن في شهور متأخرة. الشاهد أن هذا وهذا مع وسائل الإعلام الحديثة، وتقارب العالم يصبح ذلك جميعًا بين يدي الإنسان يشترك فيه ويستوي البعيد والقريب، فينشغل الناس، وتتشعب قلوبهم فيكون ذلك سببًا للانشغال عن كثير من النفع والبر، والعمل الصالح، والتربية الصحيحة الجادة؛ فيحتاج الإنسان أن يتذكر مثل هذه المعاني، وأن يحدد له أهدافًا مرسومة واضحة بينة، ماذا يريد وإلى أي شيء يريد أن يصل إن كان يريد العلم، إن كان يريد أن يشتغل بالعبادة، وقراءة القرآن، والذكر أو الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، وما إلى ذلك.
إنَّ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينهُ ونَستهديه ونشكرهُ ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفُسِنا ومنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فهُو المُهتد ومَنْ يُضْلِلْ فلَن تجِدَ له وليِّاً مُرْشِداً، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريك له ولا مَثيلَ له ولا ضَدَّ ولا نِدّ له، وأشهدُ أن سيدَنا وحبيبنَا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرةَ أعيُننا محمّداً عبدهُ ورسولُه وصفيُّه وحبيبهُ صلَّى الله على سيِّدِنا محمّدٍ وعلى كُلِّ رسولٍ أرسلَه, اما بعدُ عبادَ الله، فإني أوصيكُم ونفسي بِتَقوى الله ِالقائلِ في مُحك كتابِه (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) سورة الحجر ءاية 99. رَوى مُسْلمٌ عن مَعْقِلِ بنِ يَسار رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال (العِبادَةُ في الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إليَّ). اعلَمُوا معشرَ المؤمنين أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد خَلَقَنا وأَوْجَدَنا في هذه الدُّنيا الفَانية الزائلةِ لِحِكْمَةٍ عظيمةٍ بالِغَة، خَلَقَنا سبحانَه لِنَعْبُدَهُ وحدَه ولا نُشْرِكَ بهِ شيئا، لِنُطِيْعَه فيما أمرَ بِه ونَنتهيَ عمّا نَهَى عنه لأنه سبحانه وتعالى يَسْتَحِقُّ أنْ يُطاعَ فهو الآمِرُ فلا ءامِرَ له وهو النَّاهي فلا ناهيَ له قالَ الله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) سورة الذاريات ءاية 56 – 57.