قال تعالى: (( تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا))، أي: بأن لا تخافوا، فهي تتنزل عليهم بهذا القول وحذفت الباء للدلالة عليها، وذلك من تمام فصاحة القرآن وبلاغته وإعجازه. برنامج تتنزل عليهم الملائكة | الحلقة الثالثة | أواخر سورة الحشر - YouTube. وقوله تعالى: (( أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا)) أي: لا تخافوا ما بين أيديكم من العذاب يوم القيامة، فأنتم آمنون بأمان الله، ولا تحزنوا على من تتركونهم من ذرية خلفكم، فإن كانوا فقراء فسيغنيهم الله من فضله، وإن كانوا أغنياء يشرفون على مالهم فلن يبذروه ويضيعوه ويصرفوه فيما لا يحل من حرام ومن مخالفات. معنى قوله تعالى: (أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) قوله: (( وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)). أي: أبشروا يا هؤلاء الذين قالوا: ربنا الله ثم استقاموا على الطريقة المثلى دواماً واستمراراً إلى لقاء الله وقاموا بالفرائض، فكل تلك المعاني التي ذكرها الخلفاء الراشدون وغيرهم من التابعين والصحابة هي جميعها بيان وتفسير لكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام في الاستقامة، فهي: أن تقول: لا إله إلا الله وتطيع ربك، وأن تقول: ربي الله وتستمر على ذلك إلى لقاء الله ولا تنقطع عن هذا ولا ترتد كما ارتد مرتدون وكفر كافرون وسلب مسلوبون.
ولذلك فإنّ القرآن الكريم لم يطرح مطلقاً مفهوم (الاتّصال المباشر بالله) ، بل طرح مفهوم (التقرّب) لكي يبقى الخالق خالقاً ، والمخلوق مخلوقاً. ويقول تعالى: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ... ﴾ 3 فعلينا أن نتوقّف عند مثل هذا التعبير ﴿... بِإِذْنِ رَبِّهِمْ... ﴾ 3 ، فالملائكة لا تسبق ربّها بالقول ، بل هي وسائل. فالتوجّه الأوّل يجب أن يكون الى ربّ هذه الملائكة ، لا إلى الملائكة نفسها. أمّا بالنسبة إلى عبارة ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ 6. فالسلام يعمّ أرجاء هذه الليلة ، وأيّ سلام أعظم من إرسال الله عز وجل ملائكته إلى الانسان ، هذا العبد المحدود ، الموجود الضعيف ، المخلوق من عجل ، الهلوع... يبعث الله له سلاماً ، ويرسل له الملائكة والروح ، ولكنّ الشقيّ من يحوّل هذا السلام الى عذاب ، فيسلّم عليه ربّه ولا يجيبه ، ويدعوه الى ضيافته فلا يقبل دعوته!! كلمة الى الشباب وهنا أوجّه حديث الى الشباب بالخصوص ، وأطلب منهم أن يعوّدوا أنفسهم على الممارسات العباديّة من تعبّد وتهجّد وخضوع ؛ وعلى سبيل المثال فإن قراءة دعاء (أبي حمزة الثمالي) جنّة من الخطايا والتعلّق بالدنيا.
ليلة سلام وهدوء وأمن كما أن من بين علاماتها أيضًا أنها تكون ليلة كلها أمن وسلام، ويشوبها الهدوم والأمن. وذلك نسبة إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي تبين أنها من الليالي التي تتنزل بها الملائكة، وهذا ما يجعل الأرض يعم عليها السلام. بالإضافة إلى قول الله تعالى: "سلام هي حتى مطلع الفجر"، وهذا يدل على أن الليلة مباركة بها هدوء وسكينة. نزول المطر كما أنه من بين علامات ليلة القدر أيضًا أنها من الليالي التي قد ينزل بها المطر، ولكن هذا الأمر قد لا يكون أمر مؤكد في كل عام. حيث استدل بعض العلماء على أنه في حالة إن صادفت الليلة الوترية نزول المطر، فإن ذلك قد يكون دليل على أنها ليلة القدر. وجاء ذلك استنادًا إلى الحديث النبوي الشريف: عن عبدِ اللهِ بنِ أُنَيسٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أُرِيتُ ليلةَ القَدْرِ ثمَّ أُنْسِيتُها، وأُراني صُبْحَها أسجُدُ في ماءٍ وطِينٍ، قال: فمُطِرْنَا ليلةَ ثلاثٍ وعِشرينَ، فصلَّى بنا رسولُ الله، فانصرَفَ، وإنَّ أثَرَ الماءِ والطِّينِ على جَبهَتِه وأنفِه)). ومن خلال ذلك الحديث يتم توضيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على أثر جبهته الماء والطين، وذلك ما يعني أن الليلة كانت ممطرة.