تغرَّب عن الأوطانِ في طلب العلا –وسافِرْ ففي الأسفار خمسُ فوائد تفـــرُّجُ همٍّ واكتسابُ معيشةٍ — — وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجـد هذان البيتان أراهما جامعين مانعيْن خالديْن. وأظننا، في زمان غربة الأوطان هذا، الأجدر باستيعابهما. حيث يمثل السفر والهجرة حلم الملايين من الشباب. وكل ما ذكره من الأسباب نتلمَّسها ونحلم بها. كلنا نحلم بوطن حقيقي ننسف فيه همومنا، ونترقى فيه ماديًا وعلميًا، ويصحبنا في الطريق وغايته ثلة من الرفقاء الذين تهونُ معهم الخطوب والمغامرات. ورغم أن فوائد السفر لا تعد ولا تحصى، فإنه يندر أن تجد سببا لا يكون فرعًا من الأصول الخمسة التي أرساها الشافعي هنا. قصائد عن السفر , شعر قصير عن السفر , اشعار عن سفر الحبيب , شعر عن الغربه والحنين ,اشعار قصيرة عن السفر والفراق - مجلة رجيم. ولا غرابة في إبداع الشافعي لهذين البيتيْن، فكل ما ذكره حققه بنفسه في أسفاره التي كانت عمود حياته أو هي حياته. وطنك حيث تُحفظ كرامتك وتسمو قيمتك ارحلْ بنفسِكَ عن أرضٍ تُضامُ بها –ولا تكن من فراقِ الأهل في حُرَق فالعنبرُ الخامُ روثٌ في مواطنهِ –وَفِي التَّغَرُّبِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُنُقِ والكحلُ نوعٌ منَ الأحجارِ تنظرهُ –فِي أرضِهِ وَهْوَ مَرْمِيٌّ عَلَى الطُّرُقِ لمَّا تغرَّبَ حازَ الفضلَ أجمعهُ — — فَصَارَ يُحْمَلُ بَيْنَ الْجَفْنِ وَالْحَدَقِِ دائما ما يصر الشافعي على هذا المعنى، ويعتبره من أجلّ أسباب السفر.
لا تترك نفسك في وطن ابتدائي تتعرض فيه للظلم المباشر أو حتى عدم كفاية التقدير الذي تستحق، ثم تبرر قعودك بالرغبة في البقاء فيما اعتدت عليه في كنف أهلك وبيئتك. إذا استسلمت لهذا ستضيع، أو ستظل خامًا أولّيًا ساذجًا قليل القيمة والفائدة. أما إذا اتبعت أحلام الكرامة والطموح وضربت في أجناب الأرض، ستصقلك التجارب، وتخلقك الخبرات خلقًا آخر، يزيد نبوغك وقيمتك. وضرب الشافعي مثالين من الطبيعة المحلية أحلاهما في رأيي مثال الكحل الذي أصل خامته حجارة ملقاة في أرضها تتقاذفها أقدام السائرين، وعندما تنقل إلى الورش وتستخرج مادتها وتصنّع، تتضاعف قيمتها أضعافًا كثيرة، حتى يحملها الإنسان ليُجمّل بها أسمى بقعة في وجهه! والأبيات التالية تدور في نفس المعنى بأسلوب أشد، وبأمثلةً أكثر. ومطلعها قويٌّ ومعبر: ما في المُقامِ لذي عقلٍ وذي أدبِ ــــــــ مِنْ رَاحَة ٍ فَدعِ الأَوْطَانَ واغْتَرِبِ! شعر عن السفر. سافر تجد عوضًا عمَّن تفارقهُ ــــــــ وَانْصِبْ فَإنَّ لَذِيذَ الْعَيْشِ فِي النَّصَب الراحة لدى الشافعي هي التعب والبذل في طريق الحلم. وتحقق الحلم هو الثمن الوافي لتكاليف السفر وتبعاته. إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ –إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست –والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يصب والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمة ً –لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَرَبِ والتَّبْرَ كالتُّرْبَ مُلْقَى ً في أَمَاكِنِهِ –والعودُ في أرضه نوعً من الحطب فإن تغرَّب هذا عزَّ مطلبهُ — — وإنْ تَغَرَّبَ ذَاكَ عَزَّ كالذَّهَب يركز الشافعي من جديد على مثال الخامات (الذهب ، العود …إلخ) التي لا يجلوها إلا النقل من بيئتها الأصلية إلى حيث تُبدَع فتسمو قيمتها.
السفر يساعدنا باستمرار على اكتساب أصدقاء جدد دون أن نكون مضطرين إلى البقاء معهم يوماً بعد يوم. من يريد السفر بسرعة عليه اجتياز الدروب القديمة. كل الوجوه مسافرة، أو على شفا سفر. عندما أسافر فإنني لا أبتعد جغرافياً فحسب بل أبتعد كذلك عن كل ما يربطني بمحل إقامتي ذلك هو السفر. رسائل حب للزوج المسافر قصيره - حياتكِ. حتى لا تنسى من تكون لا تكف عن النظر في عينيه ، عن السفر في داخله، عن الصمت في حضرته. أنت تتعرف في البيت على العالم، وفي السفر على نفسك.
في الأسفار علم للشبان و اختبار للشيوخ. انما يقطع السفر ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل فاذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى يصل الى مقصده؟!. اضرب في أرجاء الدنيا سافر حيث شئت.. سترى أشياء كثيرةٌ في العالم تغنيك.. تفتح أمامك آفاقًا لم تكن تخطر لك على بال كل هذا يجد ديك. من يود السفر عليه أن يفتح محفظته و يقفل فمه. أنت تتعرف في البيت على العالم، وفي السفر على نفسك. وعندما أُقتل في يوم من الأيام, سيعثر القاتل في جيبي على تذاكر السفر.. واحدة إلى السلام واحدة إلى الحقول والمطر واحدة إلى ضمائر البشر.. أبيات شعر عن السفر - بيت DZ. أرجوك أن لا تهمل التذاكر يا قاتلي العزيز, أرجوك أن تسافر. قدر بأن نمضي مع الأيام أغرابا نطارد حلمنا.. ويضيع منا العمر يا عمري.. ونحن على سفر.
وبالطبع لا تأشيرات ولا أكشاك حرس حدود، من حدود الصين إلى المغرب الأقصى، ومن جنوب الأناضول إلى بلاد النوبة. ولذا اشتهر السفر لدى الكثيرين لكل الأغراض. وفي مقدمتها الحج وطلب العلم والتجارة. ولذا لم يكن الشافعي استثناءً في أسفاره لطلب العلم. ولم يكُن مبالغًا في الإصرار على دعوة الناس للسفر. إذ لا عذر عنده لقاعد. فالرغبة في البقاء جوار الأهل وخوف المجهول لا تبرر تفويت ما في السفر من خبرات وفوائد لا نُحصِّلها دونه. شعر الشافعي عن السفر. ولا عجب إذًا أن ترحل أم الشافعي – ابن غزة بفلسطين – به إلى مكة وهو في عمر السنتين، فينشأ على طلب العلم، حتى يؤذن له بالإفتاء قبل سن العشرين. وعلى هامش ذلك يقيم فترات في بادية قبيلة «هذيل» فيكتسب الفصاحة وجودة الشعر. ثم يمضي إلى مدينة الرسول ليدرس تحت إمامها «مالك»، ثم يرحل إلى اليمن، ومنه إلى بغداد بعد الثلاثين بقليل ليتتلمذ على يد «ابن الحسن الشيباني» رأس الحنفية. وبذلك حاز علم المذهبين. ثم عاد إلى مكة وهو على أعتاب الأربعين ليستكمل طلب العلم والتعليم. وبعد تسع سنوات عاد إلى بغداد التي لم يلبث أن غادرها وهو في الخمسين إلى مصر ليصير إمامها إلى زمننا هذا. عالمٌ عاملٌ، أليس كذلك؟! هل للسفر خمسُ فوائد فقط؟!