وعندما ازداد قوم عاد طغياناً وكفراً، وقع عليهم الله العذاب بتسليط الرياح العاتية لسبعة ليال وثمانية أيام، فدمرتهم ودمرت صروحهم. اثار قوم عبد الله. اثار قوم عاد تعددت نعم الله على قوم عاد، فلم يكن لهم لديهم شدة وطول في الجسم فحسب، أو أنهم كانوا قادرين على تشييد الصروح والقصور العزيمة فقط، بل كان لديهم أيضاً البساتين وعيون المياه وقد سخرت لهم الماشية والدواب المختلفة. وكان التذكير بهذه النعم هو أحد محاولات نبي الله هود في دعوة عاد للعودة إلى طريق الله، وعبادته، وشكره على هذه النعم. ولكنهم خسروا كل هذه بعد تنكرهم، واتهامهم لنبي الله هود بالسفه والكذب، واتباعهم للشهوات، فأُرسلت عليهم الرياح عواصف من الرمال التي غمرت مدينتهم بكل ما فيها. ومن المذكور أن مدينة قوم عاد هي (إرم) ووفقاً لربط الاكتشافات الأثرية بما ذكره التاريخ فهي المدينة الواقعة آثارها بين عمان واليمن، وكانت تتصف بأنها أعظم المدن، وأنها المدينة التي ليس لها نظير.
مع بداية القرن الماضي قام عالم الآثار الهاوي باكتشاف مساكن قوم عاد، فقد وقع في يديه كتابٌ يسمى (أرابيا فيليكس) لبيرتر ام توماس، وقد ذكر في كتابه هذا آثاراً لمدينة قديمة أسستها إحدى القبائل، ويطلق البدو على تلك المدينة اسم (عبار)؛ حيث إنّه شاهد أطلال المدينة في إحدى رحلاته والتي وصفها بأنها شديدة القدم، لكن المؤلف قد توفّي قبل إكمال بحثه عن المدينة التي أثارت اهتمامه. قام نيكولاس بمراجعة ما دونه توماس، وعلى الفور قام ببدء بحثه عن هذه المدينة، واستخدم طريقتين في هذا البحث، هما: عندما أيقن نيكولاس وجود تلك المدينة، قدم طلباً للالتحاق بوكالة (ناسا) الفضائية حتى يتمكن من الحصول على صورٍ لتلك المنطقة عبر الأقمار الاصطناعية، وبعد جهدٍ طويل تمكن من التقاط صورةٍ للمنطقة بعد إقناع السلطات بالتقاطها. آثار قوم عاد وثمود - بيت DZ. عمل على دراسة الخرائط والمخطوطات القديمة وذلك سعياً للحصول على خارطة للمنطقة، وبعد فترة وجيزة قام بالعثور على إحداها، وهي خارطة قام برسمها بطلمي عام مائتين للميلاد، وبطلمي هو عالمٌ جغرافي يوناني مصري، توضّح خارطة بطليمو مكاناً لمدينةٍ قديمة تم اكتشافها في المنطقة، والطرق التي تؤدي إلى تلك المدينة. قام نيكولاس بعمل مقارنة على الصور التي استطاع الحصول عليها من ناسا باستخدام الخارطة القديمة؛ حيث وجد أن الآثار الموجودة في تلك الخارطة متطابقة مع الآثار التي في الصور الملتقطة للمنطقة، ومن هنا تم اكتشاف مساكن قوم عاد ومدينة إرم المفقودة.
↑ أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام ، صفحة 79-80. بتصرّف. ↑ سورة هود، آية:50 ↑ أبو المظفر السمعاني، تفسير السمعاني ، صفحة 434. بتصرّف.
لماذا يتم الخلط بين قوم عاد والمصريين القدماء يهوى البعض ترديد الأكاذيب والأساطير عن المصريين القدماء، ومن بين ما يدعي البعض أمام عظمة أجداد الشعب المصري هو الربط بينهم وبين قوم عاد، للتعبير عن عجزهم في فهم كيف بنى المصريون الأهرامات. فيدعي البعض كذبًا أن المصريين القدماء من العماليق، وهم قوم عاد الذين ذُكروا في القرآن الكريم، وإن طول الناس في ذلك الوقت كان 15 متراً، وإن هذه الأهرامات لا يمكن أن يقوم ببنائها أشخاص عاديون، لأن نقل هذه الأحجار كان يتم عن طريق هؤلاء القوم، وكانوا يحملون هذه الأحجار الضخمة ويضعونها فوق قمة الهرم، وبالطبع كل هذا الكلام هراء، فكل مومياوات المصريين القدماء، قبل عصر الأهرامات وبعده، شاهدة على أنهم كانوا في نفس أحجامنا، ولم يكن من بينهم أحجام ضخمة كما يدعي مروجي هذه الأساطير. وهناك أيضًا الكثير ممن يهوون التقليل من شأن المصريين، الذين حاولوا أن يربطوا بين قوم عاد وبناء الأهرامات، واستشهدوا على ذلك بوزن الحجر، وكذلك المسافة من المحاجر إلى موقع الهرم، وأنه لا يمكن أن ينقله بشر عاديون بالحجم الطبيعي؛ لأن وزن الحجر يصل إلى 5 أطنان، وأن المصريون كانوا قادرين فقط على عمل المباني من الطوب اللبن، أما بناء الأهرامات، فقد قام به هؤلاء القوم الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم، وهم قوم عاد، في حين أن هؤلاء لم يفسروا لنا إذا كانت آثار قوم عاد في الجزيرة العربية، فلماذا لم يبنوا أهرامات بهذا الحجم هناك، ولماذا لم يتبقى منهم أي آثار تذكر!.
[2] صفات قوم عاد قصة قوم عاد واحدة من أكثر القصص المذكورة في القرآن الكريم وهذا بسبب وجود العديد من الصفات الذميمة بهم، ولذلك أنزل الله عليهم العذاب ودمرهم ليكون عبرة لغيرهم، ومن الصفات التي وصفهم القرآن بها ما يلي. وصف القرآن قوم عاد بأنهم أقوياء الجسم، ذو طول شاهق وكانوا ضخام الهيئة. تتصف قوم عاد بأنهم كانوا شديدي الانتقام. قلوبهم قاسية. كانوا يفخروا بأنفسهم. كل شخص يضع تمثال له على باب منزله للتفاخر والتباهي. اثار قوم عاد وثمود. لا يشغلهم إلا الحياة وأمور الدنيا. كذبوا نبي الله هود عندما آتاهم بدعوة عبادة الله وحده. العبرة من قصة قوم عاد قصة قوم عاد بها العديد من العبر التي يجب أن يتعظ بها المؤمن عن تلاوة القرآن ومعرفة هذه القصة ومن هذه الدروس ما يلي:- يجب أن يتوكل المؤمن على الله عز وجل في جميع أموره وأن يلجأ إليه وحده، وهذا ما قام به نبي الله هود عليه السلام وطلب من ربه أن ينصره وفوض أمره إليه بعد أن كذبوه. قد يتأخر تأييد الله لمؤمن ويتأخر نصره ويكون هذا لحكمة منه، ولكن يجب أن يتأكد المؤمن بأن النصر قادم في وقته المناسب. أن الله لا يهمل الظالم أبدًا بل إنه يتركهم ويكون لهم بالمرصاد لحين يأتي وقت الهلاك.
[١] المراجع ^ أ ب الدكتور منصور العبادي أبو شريعة (18-6-2010)، "الأحقاف مساكن قوم عاد" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2018. بتصرّف. ↑ قسطاس إبراهيم النعيمي (27-1-2013)، "مساكن قوم عاد" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2018. بتصرّف. ↑ سورة الفجر، آية: 6-8. ↑ ابن كثير (1988)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 137-141، جزء 2. بتصرّف. ↑ أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي (27-5-2017)، "قصة عاد في القرآن" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2018. اثار قوم عاد - ووردز. بتصرّف.
جاءت الريح لقوم عاد، فارتعش الإنسان من الجلد إلى اللحم إلى العظام إلى النخاع، ففر القوم إلى خيامهم ليختبئوا بداخلها. قال الله تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [٦] ، تطايرت الخيام في الهواء، وتمزقت جلودهم، فهي ريح الدبور التي لا تمس شيء إلّا قتلته ودمرته وأهلكته، بقيت الرياح مسلطة عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام، قال الله تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)} [٧]. نجا من ريح الدبور سيدنا هود عليه السلام ومن آمن معه، لكن هل توقف الرياح بعد ذلك، أم بقيت إلى يومنا هذا؟، تنتظر الرياح أمر من الله تعالى لتحطم كل من نسي ذكر الله تعالى، ونسي بأنّ الله هو الحي القيوم الذي لا يموت، فهو مدبر الكون وعليم بكل شيء، فجاءت كلمة الرياح لتدل على الخير، بينما الريح لتدل على الشر. اثار قوم عاد (بالصور). [٨] مساكن قوم عاد سُميت سورة من القرآن الكريم باسم قوم قد أهلكهم الله تعالى بعد كفرهم به وتكذيبهم لرسله، ولا بدّ أن يكون ذلك لحكمة يريد الله تعالى منها لفت أنظار البشر، للمكان وكشف عجائب قدرته؛ فسورة الأحقاف هي إحدى سور القرآن الكريم وهو اسم المنطقة الذي سكنه قوم هود عليه السلام قوم عاد.