ويتضح جلياً بعد استعراض هذه الإجراءات أن الجهة الحكومية التابع لها الموظف من حيث الأصل هي المختصة بالتحقيق مع موظّفيها في مُعظم المخالفات المرصودة. ومن هنا في الحقيقة تظهر الإشكالية لاكتسابها صفتين، صفة الخصم والحكم معاً. وهذه الإشكالية مازالت منذ أمدٍ بعيد تلحُّ على مسامعنا، وهي المحرك الرئيسِ الذي دفعنا لكتابة هذا المقال بتجرُّدٍ تام عن المُسلّمات الإجرائية؛ بهدف الوصول إلى أجدر الممارسات الإدارية دون حرمان الموظف المتهم-بقصد أو بغير قصد-من الحد الأدنى من الحقوق والضمانات المقرّرة شرعاً ونظاماً. التحقيق مع العاملين المخالفين في نظام العمل السعودي - ثقفني. ولكي يكون المقال مُلامساً للثقوب الإجرائية برفقٍ وعناية؛ يتعيّن علينا إيراد مثال واقعي عن مخالفة إدارية تقع باستمرار في أغلب الجهات الحكومية، وهي إحالة الموظف المتهم بسبب التأخير أو الغياب المستمر إلى لجنة التحقيق، والتي يكون دائماً كل أعضائها زملاء للموظف المتهم، والذين يعملون معه في ذات الجهة. وقد يكون أحد هؤلاء المشاركين في عضوية اللجنة صاحب عداوة أو مودّة مع الموظف المتهم كمثل الذي اطلعنا عليه في بعض محاضر التحقيق من وجود الرئيس المباشر للموظف المتهم في عضوية لجنة التحقيق الذي سبق وأن حصل بينهم مشاجرة لفظية وصدور توجيه بالخصم من راتبه؛ بسبب التأخير المتواصل والغياب عن العمل.
وعلى اللجنة ان تجيبه إلى طلبه ان رأت ما يشير إلى جديته (8). فيمكنها ان تؤجل اجراء الاستجواب إلى مدة تقدرها هي ما لم يكن التحقيق مقيداً بنطاق زمني معين (9). ____________________________________ 1- د. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر ، المصدر السابق ، ص257 وما بعدها. 2- من الممكن التعويض عن عدم الحضور بالمذكرات الكتابية متى ما تضمنت طابع الدفاع في مضمونها وهو ما معمول به في فرنسا ، انظر: د. لائحة تأديب الموظفين: التحقيق سري.. وفصل الموظف بشروط. ماهر عبد الهادي ، المصدر السابق ، ص252. 3- د. محمد عصفور ، ضوابط التأديب في نطاق الوظيفة العامة ، مصدر سابق ، ص58 ، كذلك تنص المادة (90) من قانون نظام موظفي الدولة المرقم (210) لسنة 1951 المصري على (يجوز للموظف ان يحضر بنفسه جميع اجراءات التحقيق الا إذا اقتضت مصلحة التحقيق ان يجري في غيبته) ولا مثيل لهذا النص في قانون انضباط موظفي الدولة العراقي النافذ الامر الذي يعني ان للموظف حضور اجراءات التحقيق ما لم يتغيب هو عن الحضور وهذا ما يجري فعلا عدا ما يتعلق بالاستماع إلى المشتكي وشهود الاثبات. (للحفاظ على السرية بخصوص اسماء هؤلاء). 4- المادة (16) من لائحة النيابة الادارية لتنفيذ القانون المرقم (117) لسنة 1958 م.
إيقاع الجزاء ومواجهة الموظف وبيّنت اللائحة أن تشكل اللجنة المختصة بنظر توصية إيقاع جزاء الفصل من رئيس وثلاثة أعضاء يكون من بينهم ممثل من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتصدر توصيتها بإيقاع جزاء الفصل بالإجماع، وإذا لم ترَ اللجنة الأخذ بجزاء الفصل فتوصي بإيقاع أي جزاء آخر، وللوزير اعتماد توصيتها أو إيقاع أي جزاء آخر ما عدا الفصل، ولا يجوز أن يكون من بين أعضاء هذه اللجنة من كان عضوا في اللجنة التي أوصت بإيقاع جزاء الفصل. ويجب أن يتضمن قرار إيقاع الجزاء بيان صلاحية مصدر القرار، واسم الموظف الموقع عليه الجزاء، ومسمى وظيفته ومرتبته، والمخالفات المنسوبة له، وتاريخ اكتشافها، ورقم القرار وتاريخه، ورقم وتاريخ تقرير التحقيق، والأسانيد النظامية لإيقاع الجزاء، وحق الموظف في التظلم وفق الإجراءات النظامية، وشددت اللائحة على أن لا يجوز إيقاع الجزاء بناء على أي وقائع أو أدلة لم تتم مواجهة الموظف المحقق معه بها، أو لم يثبت جوابه ودفاعه بشأنها في محضر التحقيق. مراعاة السرية وتسجيل القرار شددت اللائحة على مراعاة السرية التامة في ما تقوم به من أعمال، ولا يجوز اطلاع غير أعضائها على محاضر التحقيق إلا بعد موافقة الوزير.
error: غير مسموح بنقل المحتوي الخاص بنا لعدم التبليغ