وقد اتفق أهل العلم على أن الرياء يحبط ثواب العمل المراءى به ، لقوله عليه الصلاة والسلام: ( قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ) رواه مسلم (2985) يقول النووي في "شرح مسلم" (18/116): " والمراد: أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ، ويأثم به " انتهى. فلا شك أن مثل هذا الوعيد مخوف للمسلم أشد التخويف ، ودافع له نحو مراقبة الإخلاص لله في قلبه ، وقطع كل أسباب المراءاة والتسميع ، وإلا فقد خسر أعماله التي راءى بها ولو كانت كأمثال الجبال. الباحث القرآني. وللنظر في تفصيلات الفقهاء حول موضوع إحباط الثواب بالرياء ينظر "إحياء علوم الدين" للغزالي (4/384) أما حديث ثوبان رضي الله عنه المشهور ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا. قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا (٢٤) ﴾ يقول تعالى ذكره: ﴿وَقَدِمْنَا﴾ وعمدنا إلى ما عمل هؤلاء المجرمون ﴿مِنْ عَمَلِ﴾ ؛ ومنه قول الراجز: وَقَدِمَ الخَوَارِجُ الضُّلالُ... إلَى عِبادِ رَبِّهِمْ وَقالُوا إنَّ دِمَاءَكُم لَنا حَلالُ [[الرجز من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ١٦٧ مصورة الجامعة ٢٦٠٥٩) وقدم إلى الشيء: عمد إليه وقصده. وهو محل الشاهد عند المؤلف]] يعني بقوله: قدم: عمد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿وَقَدِمْنَا﴾ قال: عَمَدنا. من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله وقوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ يقول: فجعلناه باطلا لأنهم لم يعملوه لله وإنما عملوه للشيطان. والهباء: هو الذي يرى كهيئة الغبار إذا دخل ضوء الشمس من كوّة يحسبه الناظر غبارًا ليس بشيء تقبض عليه الأيدي ولا تمسه، ولا يرى ذلك في الظل.
من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) [1]. بيان غريب الحديث: • ((فهو رد)): أي مردود عليه؛ لمخالفته هديه وسنته صلى الله عليه وسلم. أخوف آية في القرآن العظيم - الإسلام سؤال وجواب. أهم ما يستفاد من الحديث: يعدُّ هذا الحديث من القواعد العظيمة التي بني الشرع عليها، ومن أهم ما فيه: • إبطال البدع المخالفة للسنة ؛ يقول الإمام النووي (696هـ) رحمه الله: (وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّه صريح في ردِّ كل البدع والمخترعات) [2]. • فيه دلالة قاطعة على حجية السنة النبوية، وأنها حكم على العبادات قبولًا وردًّا؛ يقول العلامة ابن رجب الحنبلي (795هـ): (وهذا الحديث أصلٌ عظيمٌ من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أنَّ حديث: (( الأعمال بالنيَّات)) ميزان للأعمال في باطنها، فكما أنَّ كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء) [3].
تفسير القرآن الكريم
2015-08-22 تجمع دعاة الشام, تدبرات قرآنية, كاتب, مشاريع التجمع 472 زيارة قال تعالى: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان: 23] فكر وحدد هدفك قبل الشروع بالعمل فليست العبرة بكثرة الاجتهاد ولكن العبرة بقبول ذلك عند الله تذكر: شرطا قبول العمل: 1- لإخلاص لله وحده 2- لصواب بموافقة الشرع صباح المخلصين 〰〰〰〰〰〰 * جوال " دعاة الشام " *
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) قال: الشعاع في كوّة أحدهم إن ذهب يقبض عليه لم يستطع. حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( هَبَاءً مَنْثُورًا) قال: شعاع الشمس من الكوّة. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله. حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الحسن, في قوله: ( هَبَاءً مَنْثُورًا) قال: ما رأيت شيئا يدخل البيت من الشمس تدخله من الكوّة, فهو الهباء. وقال آخرون: بل هو ما تسفيه الرياح من التراب, وتذروه من حطام الأشجار, ونحو ذلك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس, قوله: ( هَبَاءً مَنْثُورًا) قال: ما تسفي الريح تَبُثُّهُ. حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة ( هَبَاءً مَنْثُورًا) قال: هو ما تذرو الريح من حطام هذا الشجر.