قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يقول تعالى ناهيًا عِبادَه المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر وهو القِمار، وقد وَردَ عن أمير المؤمنين عَلِيِّ بن أبي طالب أنه قال: "الشِّطْرَنج مِن المَيْسِر"؛ رواه ابن أَبِي حاتِم، قال مجاهِد وعطاء: كل شَيء مِن القِمار فهو مِن الميسر، حتى لَعِب الصِّبيان بالجَوْز، وقال مالِك: كان مَيْسِر أهل الجاهلية بيع اللَّحْم بالشَّاة والشاتَيْنِ، وقال الزُّهْرِي: المَيْسِر الضَّرْب بالقِداح على الأموال والثِّمار، وقال القاسم بن محمد: كل ما أَلهى عن ذِكْر الله وعن الصلاة، فهو مِن الميسر. وكأن المراد بهذا هو النَّرْد الذي وَرَدَ الحديثُ به في صحيح مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لَعِبَ بالنَّرْدَشِيرِ، فكأنما صَبَغَ يَدَه في لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ)) [10] ، وفي مُوَطَّأ مالِك عن أبي مُوسى الأَشْعَري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لَعِبَ بالنَّرْد، فَقَدْ عَصى اللهَ ورسولَه)) [11]. وقوله تعالى: ﴿ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾ [المائدة: 90]؛ قال ابن عباس: أي: سخطٌ مِن عمل الشيطان، وقال سعيد بن جُبَيْر: إثم، وقال زيد بن أَسْلَم: أي شَرٌّ مِن عمل الشيطان.
الشيخ: لأن علي بن يزيد هذا ليس بشيء. وكأن المراد بهذا هو النرد الذي ورد الحديث به في صحيح مسلم عن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال: قال رسول الله ﷺ: من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه وفي موطأ مالك ومسند أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله وروي موقوفًا عن أبي موسى من قوله، فالله أعلم. الشيخ: شف (النهاية) في النرد، في النون مع الراء. س: قوله: الكعاب التي يزجر بها أي يرمى بها؟ الشيخ: ما عندي ضبط لصفة النرد خلنا نشوف النهاية............ الطالب: يقول في النهاية: من لعب بالنردشير كأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه النَّرْدُ: اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ معرَّب. وَشِيرُ: بِمَعْنَى حُلْوٍ. هذا الذي ذكره وقال في الحاشية: في القاموس: «النَّرد، معرَّب. وضعه أرْدَشير بنُ بابَك، ولهذا يقال النَّرْدشير». الشيخ: المقصود معناه أنه مغالبة، يعني مراهنة. س: الكعاب هي التي متعلقة بالشطرنج أو هي الكعاب التي يلعب بها الصبيان؟ كعاب البهائم يعني؟ الشيخ: ما أدري عنها، لعلها عندهم لعبة أخرى غير لعب الصبيان، وإلا لعب الصبيان بسيط، لكن لعل عندهم لعبة أخرى، تحتاج إلى مراجعة الكتب المؤلفة في آلات الملاهي؛ لأنها تبسط الكلام في هذا.
إذاً: الميسر: كل ما كان على سبيل المغالبة وفيه عوض من الجانبين، ومثله أيضاً ما يفعله بعض الشباب أو بعض الأطفال حين يلعبون لعبة كرة أو نحوها ويبذلون عوضاً من الجانبين، ثم الفريق الفائز هو الذي ينال هذا العوض. المقصود بالأنصاب والأزلام وَالأَنصَابُ [المائدة:90]، (الأنصاب) هي الأصنام المنصوبة للعبادة. وَالأَزْلامُ [المائدة:90]، جمع زلم وهي عيدان كانوا يستقسمون بها في الجاهلية لمعرفة الخير من الشر، والنفع من الضر، والعسر من اليسر، والربح من الخسارة، ومثله أيضاً في دنيا الناس اليوم ما يسمى بفتح الكتاب، وكذلك الخط في الرمل، والعد بالمسبحة، وغير ذلك من وسائل الدجل التي يخترعها الناس باختلاف الزمان والمكان. رجسية الخمر والميسر والأنصاب والأزلام أدلة تحريم الخمر من السنة المؤكدات لتحريم الخمر أيها الإخوة الكرام! يستفاد من هذه الآية فوائد: الفائدة الأولى: تحريم الخمر من أي شيء كان، وأن قليله وكثيره سواء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام). ومن فوائد الآية: تحريم القمار على أي وجه كان، سواء سماه الناس مراهنة، أو سموه يانصيب، كما في بعض البلاد، أو سموه شختك بختك كما في بعض البلاد، أو سموه: توتو كورة!