هذا الوضع خلق كثيرا من المعاناة لأهلها لبعد المسافة، وضعف العوائد المخصصة لتنميتها مقارنة بكثرة المراكز التي تزاحمها على الاعتمادات في منطقة مكة المكرمة، وبالتالي تقلص الفرص التنموية وتأخرها تنمويا مقارنة بغيرها، فالقنفذة إلى اليوم بلا مطار ولا جامعة، ولا مستشفيات متخصصة، أو مراكز علمية، أو مشاريع تنموية تعزز من حركة البناء التنموي وصناعة فرص العمل رغم الفرص الواعدة التي لم تستغل في مجالات الزراعة، والثروة السمكية، والسياحة. إن أهالي القنفذة نفسهم يعانون التناقضات اليومية في هذه المرجعية التي لا يكفون من الإشارة إليها بشيء من الطرافة في مواقع التواصل الاجتماعي، فمستشفيات المحافظة تتبع للشؤون الصحية في جدة، ومرضاهم يختارون مستشفى الملك فهد في الباحة للعلاج، والجهات الحكومية تتبع لمنطقة مكة، أما البنوك فتتبع الإدارات الإقليمية في الباحة، وشركة الكهرباء لديهم تتبع لكهرباء منطقة عسير. استمرار هذا الوضع المتناقض يحتاج إلى تصحيح لتكون "القنفذة" تابعة لمنطقة "الباحة" وتحصل على حقها الطبيعي في التنمية، والأرجح أنها ستكون العاصمة الإدارية للمنطقة إذا أخذنا في الاعتبار عاملي المساحة، والكثافة السكنية، ما يعني أيضا تصدرها لأن تكون في أولويات التنمية والمشاريع المستحدثة، بدلا من التصنيف المتأخر لها في خريطة المراكز لإمارة مكة المكرمة.
صدر أخيرا أمر ملكي بإلغاء محافظة "الخرخير" ونقل جميع مراكزها إلى منطقة "نجران" وتصحيح وضع سكانها. هذا القرار وإن تأخر كثيرا إلا أنه في محله فهذه المنطقة الصحراوية النائية تكلف الدولة الكثير دون مردود تنموي يذكر على المواطن لصعوبة المكان وقلة عدد السكان مع الأخذ في الاعتبار الأمن القومي ومتطلباته للمراكز الحدودية. كم تبعد القنفذة عن الباحة يصدر. ربما تعقب ذلك قرارات تصحيحية أخرى بضم مناطق أو إلغاء أخرى كأمر طبيعي لمتطلبات التنمية والتطوير التي تمر بها المملكة وما يتبعها من متغيرات ونمو سكاني وجغرافي. وقد ترددت أنباء سابقة عن وجود دراسة لتحويل بعض المحافظات إلى مناطق مثل "محافظة الطائف" التي تستحق أن تكون منطقة بما تحتويه من نمو سكاني ومراكز إدارية تمتد من حدود الباحة جنوبا وحتى مشارف الرياض شرقا. ومن الأمور الملحة في هذا الأمر ما يطالب به أهالي محافظة "القنفذة" التي تبعد قرابة 340 كيلومترا عن محافظة "جدة"، ويقارب عدد سكانها 400 ألف نسمة يتمركزون في القنفذة نفسها ويتوزعون على المراكز التابعة لها في المظيلف، وكنانة، وحلي، والقوز، ودوقة، وأحد بني زيد، وسبت الجارة، والتنظيم الإداري القديم الذي اعتمد عام 1412 ألحقها كمحافظة تابعة لمنطقة مكة المكرمة بينما لا تبعد عن منطقة الباحة سوى 80 كيلومترا، وهي المشتى الموسمي لأهالي الباحة منذ القدم ومنفذهم على البحر، وملتقى الطرق بين محافظات الجنوب والغرب، وبالتأكيد أن مبررات ضمها لمنطقة مكة المكرمة في ذلك الوقت قد اختلفت عما هي عليه اليوم.
طريق روعه عقبه الباحه القنفذه - YouTube
* محافظ القنفذة؛ (فضا البقمي)، يميط اللثام هنا، عن بداية تبلور حلم أهالي القنفذة، الذي ما لبث أن أخذ يتبخر على نار مماطلات وتصريحات وتبريرات مسئولي رئاسة الطيران المدني.