قلت: وفي معنى أهل القدر جميع أهل الظلم والعدوان. وعن الثوري أنه قال: كانوا يرون أنها نزلت في من كان يصحب السلطان. وعن عبد العزيز بن أبي داود أنه لقي المنصور في الطواف فلما عرفه هرب منه وتلاها. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة فإني وجدت فيما أوحيت لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر - إلى قوله - أولئك كتب في قلوبهم الإيمان أي: خلق في قلوبهم التصديق ، يعني من لم يوال من حاد الله. وقيل: كتب أثبت ؛ قاله الربيع بن أنس. وقيل: جعل ، كقوله تعالى: فاكتبنا مع الشاهدين أي: اجعلنا. وقوله: فسأكتبها للذين يتقون وقيل: كتب أي: جمع ، ومنه الكتيبة ، أي: لم يكونوا ممن يقول نؤمن ببعض ونكفر ببعض. وقراءة العامة بفتح الكاف من " كتب " ونصب النون من " الإيمان " بمعنى: كتب الله ، وهو الأجود ؛ لقوله تعالى: وأيدهم بروح منه وقرأ أبو العالية وزر بن حبيش والمفضل عن عاصم " كتب " على ما لم يسم فاعله " الإيمان " برفع النون. وقرأ زر بن حبيش " وعشيراتهم " بألف وكسر التاء على الجمع ، [ ص: 277] ورواها الأعمش عن أبي بكر عن عاصم. وقيل: كتب في قلوبهم أي: على قلوبهم ، كما في قوله في جذوع النخل وخص القلوب بالذكر لأنها موضع الإيمان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ لا تجد يا محمد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر، يوادّون من حادّ الله ورسوله: أي من عادى الله ورسولَه. * * * وقوله: ﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ﴾ يقول جلّ ثناؤه: هؤلاء الذين لا يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم، أو أبناءهم، أو إخوانهم، أو عشيرتهم، كتب الله في قلوبهم الإيمان. وإنما عُنِي بذلك: قضى لقلوبهم الإيمان، ففي بمعنى اللام، وأخبر تعالى ذكره أنه كتب في قلوبهم الإيمان لهم، وذلك لمَّا كان الإيمان بالقلوب، وكان معلومًا بالخبر عن القلوب أن المراد به أهلها، اجتزى بذكرها مِنْ ذكر أهلها. وقوله: ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ يقول: وقوّاهم ببرهان منه ونور وهدى ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ﴾ يقول: ويدخلهم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ يقول: ماكثين فيها أبدا ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ بطاعتهم إياه في الدنيا ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ في الآخرة بإدخاله إياهم الجنة ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ يقول: أولئك الذين هذه صفتهم جند الله وأولياؤه ﴿أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ﴾ يقول: ألا إن جند الله وأولياءه ﴿هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ يقول: هم الباقون المُنْجحون بإدراكهم ما طلبوا، والتمسوا ببيعتهم في الدنيا، وطاعتهم ربهم.
واختتم بالقول "الدم واحد، والألم واحد، والقبلة واحدة، والنبي واحد، والقرآن واحد، فكيف نتكلم عن تطبيع يقصد به أن تكون ظهيرًا على أخيك لا ظهرًا لأخيك؟". المصدر: الجزيرة مباشر
فالله عز وجل قد أكد في القرآن الكريم أن الولاء يكون للمؤمنين، قال تعالى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}. وأكّد أن الموالاة يجب أن تكون للمسلمين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وقال صلى الله عليه وسلم "يَدُ المسلمين على مَن سِواهم، تَتَكافَأُ دِماؤهم وأموالُهم، ويُجِيرُ على المسلمين أدْناهم، ويَرُدُّ على المسلمين أَقْصَاهم". وتابع "هذا ما علّمنا إياه النبي، بل إن السيرة النبوية تحدّثنا أن عبد الله بن عبد الله بن أبيّ بن سلول وقف في وجه أبيه انتصارًا للنبي صلى الله عليه وسلم. علّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأصل في المسلم أن يشعر بألم أخيه المسلم، لأن الأيام دول والدائرة لا ترحم، لا تشمت بأخيك فيعافيه الله ويبتليك". واستطرد ضيف البرنامج قائلًا "هل جزيرة العرب إلا مزيج من المهاجرين والأنصار ومزيج من أهل الشام الذين جاؤوا واستوطنوها وهل هي إلا مزيج من أهل اليمن الذين سكنوها، من يستطيع أن يقول اليوم إن أصله ينتمي إلى بلد معين؟ أنا أقيم في بيت المقدس وكثير من عائلتنا يقولون إن دمنا دم يمني، وآخرون يعيشون في مصر ودمهم أندلسي وفي الأندلس ودمهم عراقي وهكذا".