حدثنا ابن المثنى قال: ثنا عبد الأعلى قال: ثنا داود ، عن محمد بن أبي موسى ، عن عبد الله بن مطيع بنحوه. حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله: ( لولا فصلت آياته) فجعل عربيا ، أعجمي الكلام وعربي الرجل. حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله: ( ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته) يقول: بينت آياته ، أأعجمي وعربي ، نحن قوم عرب ما لنا وللعجمة. وقد خالف هذا القول الذي ذكرناه عن هؤلاء آخرون ، فقالوا: معنى ذلك ( لولا فصلت آياته) بعضها عربي ، وبعضها عجمي. وهذا التأويل على [ ص: 483] تأويل من قرأ ( أعجمي) بترك الاستفهام فيه ، وحمله خبرا من الله تعالى عن قيل المشركين ذلك ، يعني: هلا فصلت آياته ، منها عجمي تعرفه العجم ، ومنها عربي تفقهه العرب. حدثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد قال: قالت قريش: لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا ، فأنزل الله ( لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) فأنزل الله بعده هذه الآية ( كل لسان) ، فيه ( حجارة من سجيل) قال: فارسية أعربت ( سنك وكل).
ولهذا قال: { { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}} أي: يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة، ما به تحصل الهداية التامة وشفاء لهم من الأسقام البدنية، والأسقام القلبية، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال، ويحث على التوبة النصوح، التي تغسل الذنوب وتشفي القلب. { { وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}} بالقرآن { { فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ}} أي: صمم عن استماعه وإعراض، { { وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}} أي: لا يبصرون به رشدًا، ولا يهتدون به، ولا يزيدهم إلا ضلالاً فإنهم إذا ردوا الحق، ازدادوا عمى إلى عماهم، وغيًّا إلى غيَّهم. { { أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}} أي: ينادون إلى الإيمان، ويدعون إليه، فلا يستجيبون، بمنزلة الذي ينادي، وهو في مكان بعيد، لا يسمع داعيًا ولا يجيب مناديًا. والمقصود: أن الذين لا يؤمنون بالقرآن، لا ينتفعون بهداه، ولا يبصرون بنوره، ولا يستفيدون منه خيرًا، لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى، بإعراضهم وكفرهم. #أبو_الهيثم #مع_القرآن 3 0 21, 066