النقد العربيّ في القرن الهجري الثالث: تطوّر النقد العربي وأصبح راقياً، وبرزت العديد من المؤلفات المميّزة والمهمة التي اهتمت بالقضايا المتعلّقة بتوثيق الشعر الجاهليّ والإسلامي، بهدف إثبات الصحيح من غير الصحيح، كما هدفت إلى الموازنة بين الشعراء وتقويمهم، وفحص بعض الشعر من أجل دراسة المعاني الجيّدة من المعاني الرديئة، واهتموا بالتمييز بين الأسلوب القوّي من الضعيف، والأسباب التي أدّت إلى جعل شعر أقوى من غيره، ومن أشهر النقاد الجاحظ صاحب كتابَي "البيان والتبيين" و"الحيوان" وقد ضمّنهما بعض آرائه في النقد. النقد العربي في القرن الهجريّ الرابع: تطوّر النقد الأدبي عند العرب، وبرز العديد من النقاد الذين صنّفوا الكثير من المؤلفات القيّمة، وناقشوا العديد من القضايا النقديّة المتمثّلة في تعريف الشعر ودراسة عناصره، وتعريف الخطابة ودراسة عناصرها، ومن ثمّ معرفة العلاقة بينهما، إضافة إلى دراسة البناء الذي تقوم عليه القصيدة، والموازنة بين الشعراء بشكلٍ تفصيليّ ودقيق، وما أخذه الشعراء من أشعار وقصائد غيرهم، ومن أشهر النقاد في هذه الفترة الناقد الكبير القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني صاحب كتاب "الوساطة بين المتنبي وخصومه".
إن كتابة النص المسرحي هي كتابة الممارسة ذاتها ، كتابة عناصر الخلق بكل تجلياتها الكائنية الحية ، يستحضر فيها الكاتب البواعث الحركية الأولية لدى المخرج ، الممثل ، المشاهد ، بيئة التجسيد ، إنه يلغي كتابته أو يخضعها لتأويلات أخرى حين تخضع لاختبار تجسيدي ، ومن هنا تبدأ كتابته الفعلية الأولى لجسد العرض المسرحي ، وبلاغتها تتجلى في انقلابها الطردي على ذاتها. ولأنها كتابة الممارسة نجد بعض الكتاب المخرجين يكتبون مشروعهم مباشرة على جسد العرض المسرحي ، ولا أعني بذلك الكتابة المطوّعة للمسرح ، كاختبار نص روائي أو قصصي أو شعري أو ما شابه ذلك ، فهذه بحاجة إلى كتابة مضاعفة الجهد ، تبدأ من تحويلها إلى مشروع نص مسرحي وانتهاء بها إلى حالة إخضاعها لاختبار تجسيدي لعرض مسرحي. إنني أعني كتابة النص المسرحي حتى وإن لم يتوفر على مساحة لحوار بين شخوصه على المستوى اللفظي ، خصوصا وإن الكلمة عندما تسيطر بحضورها الأدبي في النص ، تسهم في تهميش الفعل ( الجسد) في المسرح. إنها الكتابة المعملية المضادة للكتابة المسرحية الإحكامية والاستسهالية ، فالكتابة الإحكامية تتجلى بوضوح في المسرح الذهني ، التجريدي ، تلك الكتابة المرشحة للاطلاع في أغلب الأحوال ، كما أننا نلحظ ذلك في الكتابة المحكمة الصنع التي تراعي الاكتمال والإتقان إلى حد الانغلاق على نفسها ، والتي تفترض نزول المخرج عند رغبتها ، لا فتح الأفق أمامه لمحاورتها والإضافة إليها وخلق رؤية له فيها.