والأرض سبع ، بين كل أرضين خمس مائة عام ، وغلظ كل أرض خمس مائة عام. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري ، عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي ، عن سعيد بن جبير ، قال: قال رجل لابن عباس ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن)... الآية ، فقال ابن عباس: ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الطلاق - القول في تأويل قوله تعالى "الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن "- الجزء رقم23. قال: ثنا عباس ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال: هذه الأرض إلى تلك مثل الفسطاط ضربته في فلاة ، وهذه السماء إلى تلك السماء ، مثل حلقة رميت بها في أرض فلاة. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، قال: السماء أولها موج مكفوف ، والثانية صخرة ، والثالثة حديد ، والرابعة نحاس ، والخامسة فضة ، والسادسة ذهب ، والسابعة ياقوتة. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: ثنا جرير بن حازم ، قال: ثني حميد بن قيس ، عن مجاهد ، قال: هذا البيت الكعبة رابع أربعة عشر بيتا ، في كل سماء بيت ، كل بيت منها حذو صاحبه ، لو وقع وقع عليه ، وإن هذا الحرم حرمي ، بناؤه من السماوات السبع والأرضين السبع. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) خلق سبع سماوات وسبع أرضين ، في كل سماء من سمائه ، وأرض من أرضه ، خلق من خلقه وأمر من أمره ، وقضاء من قضائه.
4- عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ قال: "لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها"؛ رواه ابن جرير في تفسيره (23/ 78)، وإسناده على شرط مسلم. من أقوال بعض المفسرين والعلماء في هذه الآية: 1- قال ابن عادل: "لا خلاف في أن السماوات سبع، بعضها فوق بعض، بدليل حديث الإسراء وغيره"؛ تفسير ابن عادل، (19/ 180)، ويُنظر: تفسير ابن عطية، (5/ 327). الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. 2- قال السمعاني: "ليس في القرآن آية تدل على عدد الأرضين بسبع مثل عدد السماوات سوى هذه الآية"؛ تفسير السمعاني، (5/ 468). 3- قال الإيجي: "أخبر عن عظيم سلطانه؛ ليكون باعثًا على تعظيم ما شرع"؛ تفسير الإيجي، (4/ 330). 4- قال ابن رجب: "الله تعالى خلق الخلق، وأوجدهم لعبادته الجامعة لخشيته ورجائه ومحبته؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وإنما يُعبد الله سبحانه بعد العلم به ومعرفته، فبذلك خلق السماوات والأرض وما فيهما؛ للاستدلال بهما على توحيده وعظمته"؛ مجموع رسائل ابن رجب، (3/ 292)، ويُنظر: مفتاح دار السعادة، لابن القيم (1/ 178). خلاف المفسرين في معنى قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾: ذهب جمهور المفسرين - كما نقله عنهم القرطبي - إلى أنها سبع أرضون طباقًا بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين كل سماء وسماء، ورجحه القرطبي وابن كثير والشوكاني؛ [يُنظر: تفسير القرطبي، (18/ 174، 175)، البداية والنهاية لابن كثير، (1/ 39)، تفسير الشوكاني، (5/ 295).
[٣] تتكون السماء من سبع طبقات وكذلك الأرض. معنى قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾. تفسير قوله: خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ابن كثير لقد أورد ابن كثير في تفسير قول الله في سورة الطَّلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ} ، [١] أن الآية تدلُّ على قدرة الله سبحانه وتعالى في خلقه وقد ورد ذكر الأراضي السَّبعة في الأحاديث الصَّحيحة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقَهُ مِن سَبْعِ أرَضِينَ" ، [٤] وقد ورد في تفسيره عددًا من الأوجه وهي كالآتي: [٥] قال الصَّحابي ابن مسعود -رضي الله عنه- بأنَّ هناك سبعة أراض مسيرة ما بين الأرض والأخرى نحو خمسمائة عام، وهناك من اتَّبع ابن مسعود في هذا القول. ذُكر عن الصَّحابي ابن عباس من طريقٍ ينتهي بسعيد بن جبير، أنَّ رجلًا جاء يسأله عن تفسير هذه الآية، فأحجم رضي الله عنه عن تفسيرها وعللَّ له فعله بأنَّه يخاف عليه من الكفر إن كذّب هذا التأويل. ذكر ابن عباس بواسطة ابن جرير منتهيًا بعمرو بن مرة عن أبي الضَّحى، أنّه قال إنَّه يوجد أراضي أخرى عليها خلقٌ كهذا الخلق وفيها إبراهيم كما بيننا النَّبي إبراهيم عليه السَّلام. الطبري لقد ورد في تفسير الطَّبري تأويل الآية القرآنيَّة السَّابقة، عددًا من التأويلات هي كالآتي: [٦] قول ابن عباس الذي كان من طريق محمد بن المثنى وعمرو بن علي وينتهي بأبي الضُّحى، أنَّ الله سبحانه وتعالى خلق أراضي كهذه الأرض التي يقطنها النَّاس، وفيها كخلق كهذا الخلق المخلوق على هذه الأرض، كما وأنَّ فيها نبيًا يُدعى إبراهيم كالنَّبي إبراهيم عليه السَّلام.
وهذا لا يدل على تعدد الأرض بوجود سبع مستقلة منفصل بعضها عن بعض كالسموات، وهو لم يرد تفسيرًا للآية. ويليه حديث ابن عباس في كون كل أرض منها منفصلة عن غيرها مستقلة يسكنها عقلاء مكلفون، فيهم رسل منهم كأشهر الرسل منا. وقد ضعَّفوه بشذوذ متنه عندهم لاستغراب وجود رسل في عالم آخر غير أرضهم. قال القسطلاني: ففيه -أي في تضعيف البيهقي والذهبي له بالشذوذ- أنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن كما هو معروف عند أهل هذا الشأن، فقد يصح الإسناد ويكون في المتن شذوذ وعلة تقدح في صحته. ومثل هذا لا يثبت بالحديث الضعيف. وقال في البداية: وهذا محمول إن صح نقله على أن ابن عباس أخذه من الإسرائيليات، اهـ. وأقول: إن هذه القاعدة صحيحة عند المحدثين والأصوليين جميعًا ولكن قلَّ من عني بتحكيمها في الأحاديث الشاذة المتون، بمخالفة القطعيات حتى الحسية منها كحديث أبي ذر رضي الله عنه في غروب الشمس، وكونها تكون مدة غيابها عن الأرض ساجدة تحت العرش تستأذن ربها في العودة إلى الطلوع إلخ، وهو متن مخالف للحس، فإن الشمس لا تغيب عن الأرض كلها طرفة عين، وإنما تغرب عن قوم وتطلع على آخرين، وهذا مشاهد معلوم بالقطع. ولما أوردنا رد طعن الطاعنين على الإسلام به وبينا الرد على ذلك من عدة وجوه طعن في ديننا الشيخ يوسف النبهاني الشاعر بجهله وتعصبه لأنه مروي في الصحيح.
فالسموات سبع ، والأرضون سبع ، وذلك من تمام قدرة الله تعالى ، يتنزل بينهن أمر الله الشرعي والقدري. والذي يجب علينا هو الوقوف عند حد المعلوم شرعا دون عدوان ، وقد أخبرنا القرآن وأخبرتنا السنة الصحيحة أنهن سبع سموات وسبع أرضين. وقد علمنا من السنة أن لكل سماء ساكنيها ، ولم يأت لغير الأرض التي نحن عليها خبر عن أحوالها ، فوجوب الوقوف على ما جاءت به الأخبار ، والإيمان بأنها سبع أرضين ، دون التنقيب والتحري عما وراء ذلك ، وهل هو مما أثبته العلم الحديث أو نفاه ، وغير ذلك مما قد يورث الشك والارتياب ، بل يجب الإيمان بأن الإحاطة الكاملة والقدرة التامة لهذه العوالم العلوية والسفلية إنما هي لله وحده ، وهذا من تمام علمنا بأنه على كل شيء قدير ، وأنه قد أحاط بكل شيء علما ، ونحن مع ذلك نقول سمعنا وأطعنا وصدقنا. راجع إجابة السؤال رقم ( 112059). والله أعلم.
قال البيهقي: إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعًا. وقال الذهبي مثل ذلك، وزعم أبو حيان أنه موضوع من رواية الواقدي. وهو رأي في المثلية معناه: وخلق من الأرض مثلهن في الصفة، وهو كونها كأرضنا حتى في حياة أمثالنا من العقلاء المكلفين فيها. وهذا المعنى يقتضي أن في السموات السبع ولو في جملتهن ومجموعهن أحياءً كبني آدم، بعث فيهم رسل كرسلهم، وهو ليس بشاذ لا يعرف له أصل كما زعموا، بل له أصل في القرآن نفسه وهو: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ[٢٩]﴾ [الشورى: 29] [2]. وقال جمهور المفسرين: إن المراد بالمثلية العدد، وهو كونها سبعًا. وحاول بعضهم وصفهن بكل ما وصفت به السموات السبع من كونهن طباقًا بعضها فوق بعض إلى غير ذلك، ومن وجود السكان فيهن قيل من الملائكة وقيل من الجن - ولكن الملائكة والجن لم يطلق عليهما اسم الدواب، ولا أدري لماذا يهرب هؤلاء من إثبات أنواع الحيوان فيهن والله تعالى يقول: ﴿وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ [الشورى: 29] [2] أي السموات والأرض ولو في جملتهما. وقال بعضهم تبعًا للضحاك: إنهن سبع طبقات متصل بعضها ببعض لا متفرقة، وفصله بعضهم بما يقرب من قول علماء الجيولوجيا في طبقات الأرض.
جاء ذكر السموات والأرض معًا في عشرات من الآيات، وجاء ذكر الأرض وحدها في آيات أخرى كثيرة ولم تذكر في القرآن إلا مفردة، بل ليس فيه ما يشير إلى تعدد الأرض إلا هذه الآية في آخر سورة الطلاق، على بعض الوجوه المحتملة في المثلية. وهي مبهمة لا يمكن تعيين المراد منها بالرأي على سبيل القطع، وقد تغلغلت الإسرائيليات في تفسيرها ولا سيما أقوال كعب الأحبار ووهب بن منبه التي صرح المحققون بعدم الثقة بشيء منها، وناهيك بهذه الإسرائيليات في وصف السموات السبع والأرضين السبع وما فيهن، ومن أغربها أثر ابن جريج الطويل العريض في خرافات طولهن وعرضهن وما فيهن، والمسافات بينهن وبالصخرة الخضراء المكللة، والثور ذي الثلاث القوائم، والقرنين، وبالحوت الذي ذنبه عند رأسه. وبالخرافة التي أخرجها أبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال: الأرضون السبع على صخرة، والصخرة في كف ملك، والملك على جناح الحوت، والحوت في الماء، والماء على الريح، والريح على الهواء ريح عقيم لا تلقح وإن قرونها معلقة بالعرش. وروي عن ابن عباس في تفسير الآية أنه قال: لو حدثتكم بها لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها. ورُوي عنه أنه قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدمكم، ونوح كنوحكم، وإبراهيم كإبراهيمكم، وعيسى كعيساكم.